بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
اغنية تردد صداها في الافاق بعد ان وصفت كلماتها الرائعة الدور المهني والأخلاقي والانساني الذي يقدمه الصيدلي للمرضى من العلاجات والنصائح في الزمن الجميل.

ورغم حلاوة ذلك الصوت المميز والنغم الجميل والوصف العظيم والرسالة السامية التي أطربت الناس ، إلا ان ما يقوم به الكثير من الصيادلة في اليمن اليوم من ممارسات سلبية خارج اطار القانون والمهنة والاخلاق يصب في تدمير الامن القومي اليمني لاسيما بعد ان تحول الكثير من الصيادلة المتخصصين والدخلاء على المهنة الى معاول هدم وتجار حروب واشبه برجال المافيا التي تبيع المخدرات والمنشطات والمسكنات والمنومات والمهيجات للمجتمع بدءاً بمصيدة طلبة المدارس أثناء الاختبارات ومروراً بالشباب الضائع الذي يعاني من البطالة والفقر والحرمان والتشرد وانتهاء ببعض كبار السن وللمرأة نصيب في تلك الشبكات الدولية التي أسست لها شركات أدوية وهمية لتوزيع الموت واستنزاف الشباب في منطقة الشرق الاوسط واليمن عبر تجار ووسطاء ومهربين وجماعات ونافذين وسياسيين ومخبرين أكثر تواطئاً في ادخال السموم وتسويقها بإساليب ملتوية لامتصاص دماء اليمنيين وتحقيق الارباح الخيالية والسيطرة على الاسواق وأموال وعقول وارادة اليمنيين مقابل تعاطي الديزبام وابوصاروخ والأمفيتامينات، و ال داي إيثيل، وحبوب المخدرات النصف تصنيعية، إكستاسي ، ال اس دي، وبي سي بي، والكيتامين أو "مخدر الكلوب" والكبتاجون وغيرها التي تدفع المتعاطي الى النعاس والترنح او السهر او التوحش وإطلاق غرائزه...

ومن المؤسف ان يتحول الصيدلي بقدرة قادر في غياب القانون مع مرور الايام الى أداة لتسويق الموت لبعض المهربين وشركات ووكلاء الادوية المحلية والإقليمية والدولية دون ان يعي او يدرك خطورة جريمته في غياب وزارة الصحة ونقابة الصيادلة والاجهزة الامنية بعد ان أظهرت عدد من التحقيقات والاستقصاءات والاستطلاعات الصحفية عن حجم الخطر المحدق والدمار المرعب لجيل الغد ، لاسيما بعد انتشارها في عدد من المحافظات اليمنية في صنعاء وتعز وعمران وصعدة وعدن وحجة ومأرب.

ولم يكتف اعداء الوطن في الداخل اليمني بالصراع على السلطة والخارج بمواصلة العدوان والحصار وتدمير الدولة واستنزاف القوة البشرية لكافة التيارات الفكرية والسياسية بجميع الوانها واشكالها وتوجهاتها و نشر الفقر والبطالة والتشرد ، بل حولت اليمن الى ممر اقليمي لأصناف المخدرات والحشيش ، والمبيدات الزراعية والحشرية المنتهية الاكثر فتكاً بالإنسان والارض والنبات بعد دخولها من معظم نقاط الجمهورية اليمنية وحتى وصولها الى العاصمة صنعاء ، وان تم اكتشافها تم التحريز عليها من قبل القضاء دون عودتها احياناً الى بلد المنشاء أو المصدر للتخلص منها ودفنها في اليمن بعد أن يمتص غضب الناس ويهدأ الضجيج وتبدأ اتصالات النافذين في الالتفاف على القانون.

ولفت نظري مؤخراً حديث الناس عن 30 طن من المبيدات !!!؟ لاحد التجار الكبار دخلت من منافذ الجمهورية الى صنعاء وتم التحريز عليها خلال هذ الاسبوع قضائياً ونقلت الى مركز مكافحة الجراد للاحتفاظ بها ، وشعرنا أثناء مرورنا قرب القواطر والناقلات بالرائحة الخطيرة التي تنبعث من الحاويات والعمال ينقلونها دون وعي بالخطر القادم والخوف من تسربها واضرارها الصحية والبيئية.

مازال الكثير من تجار الموت يزاولون مهامهم بطريقة ممنهجة في تحويل الشباب الى مدمنين تحت تسويق الوهم المتمثل في جرعات الانتعاش أو استغلال حالات بعض الامراض التي تستدعي صرف بعض الاصناف للضرورة حتى يتشافى المريض ومن ثم تجريمه ، كما ان الاحصائيات الرسمية عن تجارة تلك حبوب الهلوسة مخيفة ، رغم انها غير دقيقة .

لكن الاقبح من ذلك هو التضليل والتبرير والتنصل عن القيم وغض طرف الجهات المختصة ووسائل الاعلام الحكومية منذ سنين ، مابالنا اليوم بعد ان تجزأ اليمن مذاهباً ونحلا ، جيشاً وامناً وشعباً في مقابل جني المال الحرام دون ان يعي البعض الاخطار التي تحيق بهؤلاء الضحايا والرعب والمعاناة التي تصيب الاسرة اليمنية وما يتعرض له الامن القومي من مخاطر بشرية واقتصادية ومالية وصحية وسياسية تؤدي في نهاية المطاف خلق جيل ضعيف وأسير ومشوه ، لا يدرك المسؤولية الانسانية والوطنية والدينية والاخلاقية لأنه أصبح أحد الضحايا.

وأخيراً هل هناك أرادة لاستشعار المسؤولية لمحاربة هذا الرعب القاتل من السموم واجتثاث التجارة المحرمة وايقاف مراكز النفوذ التي تقف وراء كل هذا الدمار للحفاظ على ماتبقى من جيل المستقبل " المجهول" الذي يتم استنزافه بكل الوسائل القذرة؟.. أملنا كبير.

shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس