بقلم / جميل مفرِّح
بما أنه لكل حرب مستمرة هدف.. يحق لنا بكل الأحوال كيمنيين، مثقفين، إعلاميين، ناشطين، سياسيين، مقاتلين، وحتى مواطنين عاديين أن نسأل أو نتساءل:

لماذا نقاتل في الحدود الشمالية.. أي حدودنا مع جارة السوء السعودية..؟! وما طبيعة تلك الحرب..؟!
- هل هي حرب دفاع وهل يجرؤ السعودي على اجتياح أرضنا والتوغل فيها برياً..؟
- لا ذلك مستحيل.

- هل لدينا نية نحن من طرفنا لاجتياح السعودية واستعادة أراضينا المنهوبة..؟!
- أيضا لا.. لا نية ظاهرة لذلك.


إذن ماهي طبيعة المواجهات التي كلما أثيرت قضية فساد أو فشل أو احتياج شعبي أو وطني، فوجئنا بمن يحاول شغلنا بجبهات الحدود..؟!
ما الهدف الحقيقي لتلك الجبهات..؟!
ولماذا نخوض حرب استنزاف كهذه لا ناقة لنا فيها ولا جمل..؟!

* عدوان آل سعود اقتصر منذ وقت مبكر على الاستهداف من الجو..

وقد تبين مرة بعد أخرى أن القوات التي يصدرها جنوبا ليست لأكثر من حماية حدوده معنا.. بل يتعمد في الغالب رمي طعوم ثمينة بالنسبة لنا، رخيصة بالنسبة لهم وهم من اليمنيين الذين يجندهم للاقتتال معنا أشقائهم اليمنيين..!!
وهذا مدعاة قوية وموجبة لأن نعيد النظر والحسابات فيما نسميه جبهات الحدود التي تستنزفنا رجالا وسلاحا ومالا بلا حدود..

وأكثر من ذلك تستنزف اهتمامنا بأنفسنا وببلدنا وبمن يعيثون فيه فسادا يعد عدوانا لا يقل عن العدوان الخارجي أهمية وخساسة..
العدوان الحقيقي والتحركات الأكثر خطورة اليوم على بلادنا لم يعد في شمال الشمال والحدود اليمنية السعودية على الإطلاق.. تحركات الحدود كانت وما تزال شبيهة بالطعوم الشاغلة التي لا قيمة لها.. فيما ما يحدث في الداخل وفي أواسط وغرب وجنوب اليمن هي الأحداث التي تمثل عدوانا حقيقيا سافرا وضارا لن يتعافى منه الوطن لعقود من الزمن..

ويبدو واضحاً وجليا أن السعودية والعدوان عموما قد نجح في تحقيق ذلك الشاغل الحدودي عديم الجدوى سواء لنا أو لهم.. واستطاع أن يحقق أهدافا استراتيجية، أعانته بكل استسلام على تحقيقها سلطة الأمر الواقع وحيتانها الجائعة والتي ستودي سياسيا وشعبيا واقتصاديا بحركة الحوثيين قبل سواهم..

إلا أن هؤلاء ولا كأنهم يفقهون في الأمر شيء؛ ولا يهمهم شيء أكثر من الاستيلاء على سلطات وأموال يعرفون قبل غيرهم أنها لن تستمر زمنا طويلا لو أطيح بهم.. سيخسرونها كما خسروا حتى الآن وما يزالون يخسرون أرضياتهم الحاضنة وشعبيتهم ودماء أبنائهم وأبناء الوطن.. وسيكتشفون قريبا أن تلك الأرواح وتلك الدماء أهدرت دون مقابل يكاد يذكر..

عوداً على ذي بدئ أكرر تساؤلي:

ما الذي نحققه ونجنيه وما الذي نخسره في المقابل من جبهات القتال في الحدود الشمالية..؟!
عليهم وعلينا جميعا أن نمعن جيدا في الواقع، وأن نحاول أن نجيب ولو كل بينه وبين نفسه عن هذا السؤال.. ثم نطرح تساؤلاتنا الجادة والناجعة حول ما يمكن أن يكون أولوية لخدمة الوطن والشعب؛ هاتين الأيقونتين اللتين شبعتا منا مزايدة وكذبا وتظاهرا ليس من الحقيقة في شيء..!!

الجهاد الحقيقي اليوم ليس في مواجهة العدو الظاهر فقط.. وانما مواجهة الأعداء في الداخل بشرا كانوا أو قضايا ومهاما.. الجوع عدو وقوته تقهر.. الفساد عدو وقوته تقهر.. العنصرية والتفرقة وإقصاء الآخر وإشعال الفتن وتمزيق الوطن أكثر مما هو ممزق..

لعمري أن كل وسوى هؤلاء وأولئك هم أعداء وعدوان لا يقل عن عدوان الآخر الخارجي إن لم يكن متجاوزا له..

* فهل ترى سيكون هناك من سيصغي ويفتح بصره وبصيرته، بعيدا عن كل الحسابات الفئوية والجماعاتية الضيقة والرخيصة..؟

أم ستستمر مزايدات التعصب والعصبية والتخوين والانتقاص في حق الآخرين كما عودنا الكثير من الخاوين والفاشلين الذين يسوقون الوطن عن وعي وغير وعي، وعن عمد وغير عمد، إلى مزالق تاريخية لن تغفر لهم ولنا جميعاً أبداً طويلا..؟

gamofarreh@gmail.com

حول الموقع

سام برس