عبدالله الصعفاني
صارت العبارة موضوع العنوان مكتوبة على بوابات كثير من المقابر في العاصمة ومدن يمنية أخرى.
· وعندما تجتمع عبارة "لا توجد قبور شاغرة" مع "لا توجد وظائف شاغرة" فإن الدولة بمؤسساتها المختلفة أمام خيارين: إما توفير وظائف وفرص عمل ومرتبات تساعد الناس على العيش الكريم والتعليم الجيد والتطبيب الحسن بحيث تتسع أمامهم خيارات الحياة وخيارات الحصول على قبر داخل الوطن أو حتى خارجه أو تعطي أولوية لفكرة إنشاء مقابر جديدة تحقق التوازن بين العرض وبين الطلب.
· كنت أظن أن وراء "لا توجد قبور شاغرة" إما حالة احتكار يمارسها حفاروا القبور أو جهل المسؤولين عن المدن بأن المقابر أكثر أهمية من المدرسة والمستشفى والحديقة حتى كانت الصدمة بخبر قيام بعضهم بإخراج جثث عدد من الموتى طمعاً في بيع قبورهم لموتى جدد قادرين على الدفع..
· وهنا تتعطل لغة الكلام ونكون أمام فساد للذمم لم يكن يخطر على بال فإذا هو حقيقة تختصر الطريق إلى معرفة أكبر بحالة التردي الديني والوطني والإنساني الذي يضرب في كل مكان فلا يستثني المقابر ولا يحترم حق الناس في أن يموتوا بدون خوف من أن يأتي من يخرجهم من الأجداث قبل المحشر لمجرد أن في رمي جثثهم من اللحود فرصة للتكسب خارج كل القواعد والضوابط.
· أي جشع وأي مروءة وأي قسوة تدفع كائناً من كان مهما كانت ظروفه لأن يسترزق ويتكسب إما على احتكار ما تبقى من مساحات صالحة لدفن الميتين أو بالجرأة الوقحة على أجساد سلم أصحابها أرواحهم فإذا بأجسادهم عرضة للنبش وربما إلقاء ما تبقى من طراوتها للقطط والكلاب.
· زاد الطلب على المقابر بمعدلات زيادة انحسار العمر وتكاثر مسببات الفناء فيما بلغ توحش البعض حد احتكار القبور ونبشها حتى قبل أن تجف أجساد الموتى على النحو الذي تم كشفه مؤخراً في إحدى مقابر العاصمة.. وصار على الحكومة والسلطات المحلية في المحافظات أن يكون التوسع في المقابر جزءاً غير مهمل.. وليكن إنشاء مقابر جديدة أولوية استثمارية..
· لقد ضاق الناس ذرعاً بنهابة الأراضي وغادر الكثيرون الدنيا في متواليات الصراع إما دفاعاً عن حق أو طمعاً في باطل أو وقوداً لمعارك فاجرة وحوادث متهورة.. ومن حق هؤلاء وأولئك أن يضمنوا الحصول على موتة لا تتعطل بعبارة "لا توجد قبور شاغرة " أو تنتهي بمغادرة الجثث بقوة الذمم الأكثر فساداً.
· جميعنا سنموت.. ولذلك لا يجب إغفال أن من حقنا أن نحصل على قبر غير قابل للنبش، وعيب على أي دولة أن تتفانى في تشجيع ما يفضي إلى الموت وتغض الطرف عن الحاجة إلى مقابر وإلى احترام المواطن ميتاً بعد أن قهرته حياً..
· معيب أن تهان الروح والنفس فوق الأرض وتهان الأجساد في باطن الأرض.

حول الموقع

سام برس