بقلم/د. عبد الوهاب الروحاني

كل عام وانتم بخير ..

امنية ذهبية ناعمة.. يرددها (رأس كل عام) اناس ترفرف قلوبهم في السماء أملا في إضافة الاجمل إلى جميلهم الذي يعيشونه ..

كل عام وانتم بخير ..

أحرف وكلمات .. تجمع قلوب أناس يتعايشون في ظل دول تحكمها أنظمة وقوانين .. ولا أحد يرى نفسه فوق الحياة ولا فوق القانون ..

كل عام وانتم بخير..

تهان وتبريكات مخلصة وصادقة يتبادلها اقوام لا مكان للكراهية في انتماءاتهم الدينية أو العرقية أو السياسية .. فيكونون بالف خير وخير .

في بلاد "السعيدة" كما في أغلب بلدان العرب .. تلوك السنتنا نفس الاحرف والكلمات ونرددها كما يفعل أولئك .. لكنها مجرد امنيات لا نفهمها.. نغالط بها بعضنا وأنفسنا .. ونداري بها سوءاتنا ومآسينا..

نتماهى مع تهاني وتبريكات درجنا عليها ونحن ندرك جيدا أنها كذبة دورية نمني أنفسنا ببركتها وهي لا تمت لنا ولا لواقعنا بصلة ..

رأس كل عام هجري وميلادي نقول لبعضنا :

"كل عام وانتم بخير" ،
بينما نحن كل عام في حرب،

نفتتح الجبهات ونقيم المتارس ..
ننشئ فصائل مسلحة للموت والفناء ..
ندفع اطفالنا وخيرة شبابنا ليموتوا
في حرب ظالمة خاسرة .. ونقول لهم: كل عام وانتم بخير

***
كل يوم نسفك دما.. ونكبر نصرا وعزة..
نقتل معلما وندمر مدرسة ..
ننشئ جيلا من الأميين والجهلة
ثم نلعن الظلام ..

كل يوم نكسر قلما ونغلق جريدة ..
نلغي قانونا ونخرب مؤسسة..
تتقطع أطرافنا، ويتلاشى زمننا،
ثم نقول كل عام وانتم بخير..

كل يوم نفتتح مقابر جديدة، وننصب خيام الموت والعزاء في الأحياء والحارات ونقول كل عام وانتم بخير ..

نذيق ابناء شعبنا ويلات الحرب والتشرد والجوع والدمار ونقول لهم
كل عام وانتم بخير..

كل يوم نعطل كفاءة وطنية،
وننفي خبيرا، ونطرد مستثمرا،
ونحرق مزرعة، ونهدم مدرجا،
وننسف مصنعا، وننتج جيلا من العاطلين عن العمل ثم نقول:
كل عام وانتم بخير

لا نتوقف عن القتل والنهب والسرق
ثم نصلي ونصوم .. وندعو الله
أن يزيل الغمة ويذهب الفتنة ويعجل بالفرج ..

ننام ونصحو خائفين ..
نقصد المسجد ونصلي خائفين
ونقول كل عام وانتم بخير

***
كل عام نتآمر ..
كل عام ننشئ دينا
ونصلي للإله الجديد ..

بالأمس أنشأنا الدواعش، ومن قبل اسسنا القاعدة ..
ثم كل ذي قبل درسنا في قلاع المذاهب،
وهناك تخندقنا وصرنا أقوياء،
فوأدنا الدين والغينا القواعد ..

وكل عام وانتم بخير

حول الموقع

سام برس