سام برس

أظهرت دراسة جديدة أن منشآت الطاقة الشمسية في العاصمة الهندية نيودلهي أنتجت كمية أكبر من الطاقة بنسبة 8% بسبب انخفاض تلوث الهواء نتيجة إجراءات الحجر الصحي.

كما أدت إجراءات الحجر الصحي وبقاء الكثيرين في منازلهم إلى توقف رحلات السفر والتجارة في العالم، ولاحظ الناس في جميع أنحاء العالم انخفاض مستويات تلوث الهواء وازدياد صفاء السماء، واستطاع باحثون إثبات أن هذه التغيرات أثرت على مستويات الطاقة المنتجة عن طريق الألواح الشمسية، إذ ازادت كمية الطاقة المنتجة بمقدار 8% في منشآت الطاقة في العاصمة الهندية نيودلهي.

لم تكن هذه النتائج غير متوقعة، لكن هذه أول دراسة توضح تأثير انخفاض تلوث الهواء على إنتاج الطاقة الشمسية وتقيسه، ويتوقع تكرار هذا التأثير على جميع مناطق العالم، لكن يصعب عادة قياسه بسبب الاختلافات الطبيعية في إنتاج الطاقة الشمسية، والتي تتيح وجود السُحب أو الغبار.

وأتاحت الظروف الاستثنائية -التي سببها انتشار فيروس كورونا المستجد وتسجيل بيانات عالية الجودة لانخفاض تلوث الهواء في إحدى أكثر المدن تلوثًا في العالم- الفرصة للاستفادة من بيانات تجربة طبيعية غير مسبوقة وغير مخطط لها، ونشرت نتائج هذه الدراسة -التي أجراها تونيو بوناسيسي أستاذ الهندسة الميكانيكية في معهد ماساتشوستس للتقنية وإيان ماريوس بيترز عالم الأبحاث وثلاثة علماء آخرين في سنغافورة وألمانيا- في مجلة جول يوم الأربعاء الماضي 22 يوليو/حزيران.

تعد هذه الدراسة امتدادًا لبحث سابق أجراه فريق بحثي في نيودلهي لعدة أعوام بعد تزايد تلوث الهواء نتيجة حرائق الغابات في إندونيسيا خلال العام 2013 وتغطية الدخان لمساحات شاسعة من إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة إلى درجة أن بيترز لم يستطع رؤية المباني على الجانب الآخر من الشارع.

كان بيترز يجري بحثًا عن تأثير تلوث الهواء على إنتاج الطاقة الشمسية، إذ جمع فريقه بيانات عن إنتاج الألواح الشمسية والتي جمعتها محطات المراقبة بالقرب من منشآت الطاقة الشمسية في نفس الوقت، ولاحظوا أن إنتاج الطاقة في بعض ألواح الطاقة الشمسية، بينما استمر إنتاج الطاقة على حاله أو ازداد قليلاً.

وجد بيترز في وقت لاحق أن السفارة الأمريكية في نيودلهي جمعت بيانات لتلوث الهواء بالجسيمات التي يقل حجمها عن 2.5 ميكرومتر كل ساعة لمدة أعوام، ما وفر الأساس الضروري لتحديد الآثار الفعلية للتلوث على إنتاج الألواح الشمسية، وقارن الباحثون بيانات تلوث الهواء من السفارة ببيانات الأرصاد الجوية عن الغيوم وبيانات الإشعاع الشمسي من أجهزة الاستشعار، ووجدوا أن إنتاج منشآت الطاقة الشمسية انخفض بنسبة 10% تقريبًا بسبب التلوث - وهو ما يؤثر على توقعات المردود المالي للمنشآت.

استخدم الباحثون هذه البيانات وقارنوها بالبيانات المجموعة بعد فرض الحجر الصحي في الهند في يوم 24 مارس/آذار وببيانات الأعوام الثلاثة السابقة، ووجدوا أن مستويات التلوث انخفضت بنحو 50% بعد فرض الحجر الصحي وأن إجمالي إنتاج الألواح الشمسية ازداد بنسبة 8.3% في أواخر شهر مارس/ آذار وبنسبة 5.9% في شهر أبريل/ نيسان الماضي.

يرى بوناسيسي أن زيادة الإنتاج بنسبة 8% قد لا تبدو كبيرة، لكن هوامش الربح لهذه الشركات صغيرة جدًا، لذلك إذ توقعت شركة للطاقة الشمسية ربحًا بنسبة 2%، وحصلت فجأة على ربح بقيمة 8%، فهذا يعني أن هامش ربحها زاد بمقدار أربعة أضعاف.

توفر هذه النتائج بيانات حقيقية عما يمكن أن يحدث في المستقبل إن انخفضت الانبعاثات على مستوى العالم، وقال بوناسيسي «تعطينا هذه الدارسة لمحة عن نتائج التخلي عن الوقود الأحفوري المسؤول عن تلوث الهواء وتأثير ذلك على كفاءة ألواح الطاقة الشمسية.» وعلى الرغم من أن هذه الدراسة قد أجريت في الهند لسهولة جمع البيانات، إلا أن هذه النتائج يمكن أن تنطبق على كل المناطق التي ينتشر فيها الهواء الملوث، لكن علينا دراسة تفاصيل هذه الدراسات، إذ لوحظ مثلًا أن السماء في معظم أنحاء أوروبا أكثر وضوحًا نتيجة لعمليات الحجر الصحي وذكرت بعض التقارير الإخبارية تسجيل مستويات إنتاج استثنائية في مزارع الطاقة الشمسية في ألمانيا والمملكة المتحدة، لكن الباحثين وجدوا أن ذلك محض صدفة، وقال بيترز «تعد مستويات تلوث الهواء في ألمانيا وبريطانيا العظمى منخفضة بشكل عام ولا تتأثر معظم المنشآت الكهروضوئية بها بشكل كبير.

المصدر: مرصد المستقبل

حول الموقع

سام برس