بقلم/ محمود كامل الكومى

الصهيونية هي أيدلوجية تعبر عن أشواق اليهود حول وطنهم التاريخي (Zion) اى أرض إسرائيل.
جوهر الصهيونية يتضح في إعلان إنشاء دولة إسرائيل 14 مايو 1948.

ويؤسس الفكر الصهيوني الأسطورة الدينية والسياسية للصهيونية على اعتمادها على العلاقة بين الشعب اليهودي وأرضه , وهى صلة بدأت منذ أربعة آلاف عام حين أستقر إبراهيم في أرض كنعان ( التي عرفت بإسرائيل .
ويتابع الفكر الصهيوني أن المشروع الصهيوني قد وصل منتهاه ,أ ى قد حقق أغراضه , لتحوم الآن ظاهرة ما بعد الصهيونية .
وظاهرة ما بعد الصهيونية تسعى إلى تحقيق الأهداف العادية التي تسعى لها الأمم المستقرة بأمان في دولها – مثل رفع مستوى المعيشة والارتقاء بمستوى الوجود الاجتماعي والثقافي .وأنه قد حان وقت تطبيع علاقاتها مع جيرانها العرب .

ويبقى الانطلاق إلى المرحلة الأهم بما يوجب على إسرائيل أن تتصرف الآن لخلق إسرائيل الكبرى .
وإسرائيل الكبرى تتم من خلال الهجرة الجماعية من دول الإتحاد السوفيتي السابق وكل بقاع الأرض مما يجعلها مركزا لتجمع يهود الشتات ,

أما وأن هدفها في السلام قد تحقق بعد توالى اعتراف جيرانها بها , وهو السلام الذي يعد تتويجا للمشروع الصهيوني – لتكون الفرصة متاحة لتنفيذ إستراتيجية ما بعد الصهيونية , وهى أرض إسرائيل الكبرى من النيل للفرات – ويقررون أن المغزى من وضع خريطة إسرائيل الكبرى من النيل للفرات على واجهة الكنيست ,وسريان خطى الأزرق على علم فلسطين يعطى قداسة ولو رمزية لتحقيق الهدف الأسمى من النيل للفرات
وقد حان الوقت لتحقيق الآمال .

على طريق إسرائيل الكبرى ,كان التطبيع عن طريق ترويض الشخصية العربية
يرى الأستاذ جميل مطر أن استخدام مفهوم تطبيع المجتمعات العربية والدفع في اتجاه إن تصبح غير مسيسة هو أقرب إلى محاولات ما يطلق علية ترويض الشخصية القومية .
وترويض الشخصية القومية تم على يد الحلفاء لكل من ألمانيا واليابان بعد هزيمتهما في الحرب العالمية الثانية
حيث فرضت عليهما حزمة متكاملة من التعديلات الدستورية والإجراءات السياسية والتغيرات الاجتماعية والثقافية لضمان تحويل شخصيتهما إلى الإيمان بالسلام و بديلا عن الحرب –والقضاء على نزعات القومية المتطرفة لديهما .
وتبدو واقعة انتحار الروائي الياباني (مشيما)الذي كون جيشا يابانيا لمقاومة إجراءات ترويض الشخصية اليابانية بعد فشله في مشروعه لإحياء القومية اليابانية – رمزا على عنف الصراع بين الذين يقبلون الخضوع والترويض من ساسة ومثقفين وبين الذين يقاومونه.
وكان لتحقيق هدف إسرائيل ما بعد الصهيونية
محو وإن لم يكن خفض التسييس من العقل الجمعي العربي – حيث ظهرت منذ فترة وتصاعدت الآن بل وفرضت مجموعة من الإجراءات والنصائح المباشرة على كثير من الحكومات العربية تهدف إلى خفض درجة التسييس , تمهيدا لمحوه , منها تشجيع الفكر الليبرالي و التطور الديمقراطي الشكلي بالاعتماد على صندوق الانتخابات كآلية وحيدة للديمقراطية دون اعتداد بآليات إزالة الفقر والجهل والمرض , وتشجيع اقتصاد السوق وهيمنة القطاع الخاص , فكانت الضغوط الأمريكية وصندوق النقد والبنك الدولي , التي نتجت عن ابتكار حملات حكومية من نوع (ثقافة السلام) وتم تغيير مناهج التعليم لتتفق مع الصديق الإسرائيلي , وصارت ماكينة الإعلام التي أدارها مافيا رجال الأعمال ,لترسخ في العقل الجمعي العربي أن إسرائيل صديق وأن حرب 1973 هي آخر الحروب.

انقاد السادات بوعي إلى ما يرمى إليه العدو الصهيوني لتحقيق الهدف الاستراتيجي ما بعد الصهيونية , سايره أبو عمار في اتفاق أسلو وتابع أبو مازن ولكن بدون وعي – وتابع الملك حسين ما بدأه جده الملك عبد الله بكامل وعيه في اتفاق وادي عربة .

وبدا أن كل منهم قد وقع على عقد باطل ببيع فلسطين !!
تحقيقا لإستراتيجية ما بعد الصهيونية ( إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات )
كان لابد من القضاء على القومية العربية – ولم تسلم حتى جامعة الحكام العربية من الهدم , وكان مقاول الهدم هو مجلس التعاون الخليجي

هي آلية صهيونية لتدمير جامعة الدول العربية خلقتها الامبريالية العالمية فكانت لها ما أرادت حين ذهبت جامعة الحكومات العربية فى خبر كان – ولم يبق لها إلا تحقيق الهدف الصهيوني بتدمير بلدان الأمة العربية لصالح أمن إسرائيل – تلك منظمة مجلس التعاون الخليجي .

عند البعض من الذين لا يرون تحت أقدامهم انكشف النقاب الآن عن الوجوه السافرة , لكن الرجعية العربية كشفها جمال عبد الناصر منذ خمسينات القرن الماضي وطالب بمحاربتها , لكننا وقفنا نتفرج عليها وهى تشلح وطننا بأوامر عدونا الصهيوني والأمريكي , ومنذ سنوات وهى تغازل العدو الصهيوني , من أجل تنام في أحضانه , وهو يشترط عليها العرى , وقد حان الأوان أن تخلع ملابسها الآن .

بعد أن شاركت الأمارات تدمير ليبيا وقتل الشعب اليمنى وتمويل الإرهاب فى سوريا بأوامر أمريكية ترامب يعلن تطبيع العلاقات بينها وإسرائيل , على المكشوف لا ماكياج ولا مساحيق , والمعنى كامن فى إعلان ترامب , وحين أعلن محمد بن زايد أن اتفاق السلام مع إسرائيل فى مقابل عدم ضم الضفة والقطاع لكيان إسرائيل , كذبه نتنياهو ولم يرد فطبيعة الصهاينة أنهم يسفهون من يعقد معهم سلام , فقد انتهت مهمته وصار البحث عن عميل جديد يحقق أكثر على طريق ما بعد الصهيونية من النيل الى الفرات – فقد قتل السادات بعد كامب ديفيد – والملك حسين بالسرطان فى أمريكا بعد وادي عربة , وياسر عرفات فى رام الله بالسم قبل أن يذهب لباريس بعد أوسلو – ومعظم الخونة من لبنان الذين لجئوا لإسرائيل قتلوا هناك أو شردوا .
على الجرار يمتد الحبل بين إسرائيل وكل دول الخليج , النظام السعودي يستعجل الأيام والبحريني لا ينام الا فى أحضان الشيطان الصهيوني والقطري تمدد من زمان ما بين أردوغان وتسيفي ليفنى , والعماني قبل أن يرحل قابوس فتح أحضانه لنتنياهو وزوجته ومنى نفسه بالأماني .

ويثور السؤال هل تحقق إسرائيل حلم ما بعد الصهيونية من النيل إلى الفرات , عن طريق تطبيعها مع النظام الرسمي العربي الرجعي ؟

فيا شعبنا العربي فى كل مكان أنت المستهدف من الطغيان , طغيان ما بعد الصهيونية وابتلاع الأمة العربية
ويبقى الأمل معقود عليك من خلال إيمانك بأن الصراع مع العدو الصهيوني صراع وجود وليس صراع حدود
ويبقى التاريخ والجغرافيا فى جانب العرب وفلسطين والمسجد الأقصى الأسير تحريره فى رقابنا الى يوم الدين وتبقى هذه الحقائق نصب أعيننا لا تجعلنا نحيد عن تحرير فلسطين

"أن السلام مع إسرائيل لا يزال مستحيلا ,لأنه يصعب أن يرى سلاما بين طرفين يجلسان على مائدة أحدهما يقدم الجغرافيا والتاريخ والقانون سندا لحقه , والآخر يؤسس دعواه على أنه وقع عقدا مع مجمع آلهة ,اله سماوي ,وآله أمريكي ,وآله نووي ,.

وأن فكرة المستقبل العربي لم تنهزم ولم تتنازل عن حلمها أو تتراجع أمام المطالبين بالسيطرة على موضعها موقعها ومواردها – ولا أمام الواهمين بتبديل فكرها وعقلها وروحها ولا أمام الشيطان وأحلافه ....
بقلم/محمود كامل الكومى
كاتب ومحامى -مصرى

حول الموقع

سام برس