بقلم/ حمدي دوبلة
الأمطار التي يَمُنُّ الله بها على أرض اليمن حالياً هي أمطار خير وبركة وتحمل في طياتها الكثير من بشائر المستقبل الواعد لهذه البلاد التي عانت طويلاً من البأساء والضراء وجدب السنين.

هذه النعمة الربانية الجليلة للأسف تتحول في أحيان كثيرة بسبب أخطاء البشر وتهور وجهل البعض إلى نقمة والى حوادث مأساوية يذهب فيها الكثير من الضحايا الأبرياء.. فمن الناس للأسف من شيد بيته في مجرى السيول ومنهم من يتعامل مع التحذيرات التي تطلقها جهات الاختصاص باستهتار وعدم اكتراث والطامة الكبرى أن هناك من يلقي بنفسه وبأطفاله إلى التهلكة رغم كل البينات والشواهد.

-تسببت الأمطار والسيول الأخيرة في وفاة وإصابة العشرات وتهدمت المئات من المنازل وتضررت بشكل جزئي الآلاف منها كما أدت إلى جرف وإتلاف ممتلكات وأمتعة وأراض زراعية ونفوق الأعداد الكبيرة من المواشي ولا زالت الأضرار البشرية والمادية في تصاعد مستمر ولا يكاد يهطل المطر ولا يجري سيل إلا ويسفر عن المزيد من الخسائر التي منها ما هو ناجم عن تقصير البعض ومنها ما يكون قهريا بفعل غزارة الأمطار وضخامة فيضاناتها .

– في العاصمة صنعاء على سبيل المثال لا الحصر كانت التحف الأثرية من معالم وأبنية المدينة التاريخية الأكثر تضررا وما ضاعف الضرر في بيوت هذه المدينة القديمة كما يقول المختصون أن هناك منازل تم إجلاء سكانها منها قبل سنوات طويلة من قبل جهات رسمية معنية بالحفاظ على التراث لكن هذه المنازل المقفرة من السكان ظلت على حالها ولم تتعرض لأية صيانة أو ترميم ما جعلها عرضة للصدأ والتآكل من الخارج والداخل ولم يكن المطر إلا عاملاً إضافياً لزيادة السوء التي هي عليه كما أن هناك منازل أثرية في هذه المدينة المسجلة في قائمة منظمة الثقافة والعلوم الدولية “اليونسكو” للتراث العالمي الإنساني وعلى الرغم من أنها مأهولة بأصحابها إلا أنها تعرضت للضرر بشدة وذلك لعدم الوعي الكافي من أصحابها بأهمية الصيانة الدائمة لها وإعدادها وتجهيز أسقفها وإبعاد العشب من عليها قبل موسم الأمطار سنوياً والتعامل معها كما يتعاطى المزارع مع مزرعته قبيل كل موسم لكن المشكلة وفقا للمختصين تكمن في اعتقاد هؤلاء السكان بأن مسؤولية ترميم وصيانة بيوتهم تقع على كاهل الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية وهذا الطرح غير منطقي ويفتقر للواقعية، إذ أن الهيئة مهما كانت إمكانياتها المادية لا تستطيع الإحاطة بعلم وأوضاع الاف البيوت المنضوية داخل أسوار المدينة العتيقة فما بالك وهذه الهيئة كما يقول مسؤولوها لا تمتلك إلا إمكانيات شحيحة للغاية إن لم تكن منعدمة تماماً.

– ما حدث من فيضان للسائلة غربي صنعاء القديمة وتدفقه السيل بغزارة إلى وسط المدينة وما احدثه من أضرار كبيرة في منازلها وأحيائها العتيقة كان سببه وفقا لمختصين وخبراء معماريين ضيق فتحة جسر شعوب الأثري وعدم إمكانية هذه القناة الضيقة من تصريف الكميات الهائلة من المياه المتدفقة ليأخذ السيل مجرى آخر باتجاه المدينة ما ساهم في مضاعفة الأضرار والخسائر وهذا الخطر سيظل قائما ما لم يتم معالجة جذرية للمشكلة والمسارعة إلى حفر أسفل هذه القناة وتعميق سعتها لضمان مقدرتها على تصريف السيول مهما بلغت كمياتها.

– هناك أيضاً أحياء عديدة في نطاق مديرية بني الحارث شمالي العاصمة حيث مصب السيول القادمة من مرتفعات صنعاء الجنوبية والشرقية والغربية، وأذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر حارتي وادي البلس وحي الزبيديين وهما حيان ذوا أحياء ذات أبنية شعبية بسيطة ويغلب عليها الطابع العشوائي ويسكنها من هم أشد فقراً وهي تقع على مقربة من المجرى الرئيسي للسائلة وتعرضوا بفعل هذا الموقع إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة بسبب الأمطار والسيول لايزالون يتعرضون لمخاطر عديدة جراء البرك والمستنقعات الراكدة وما تخلفه من تهديدات حقيقية بانتشار الأمراض والأوبئة وغير ذلك من المشكلات التي ينبغي على جهات الاختصاص أن تعمل قدر المستطاع ووفق إمكانياتها على اغاثة هؤلاء المتضررين ومد يد العون لهم، وهذا النداء موجه أيضاً للمنظمات الإنسانية الدولية والمحلية التي باتت أكثر من أي وقت مضى معنية بأداء مسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية إزاء هؤلاء ومساعدتهم بدون مَنَّ أو أذى.

نقلاً عن الثورة

حول الموقع

سام برس