بقلم /م. نضال يحيى العنسي

يقول ونتسون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية في أحد مذكراته، وتحديدا عام 1921م عندما كان حينها سكرتراً للمستعمرات البريطانية أنه رسم حدود الأردن في ضربة قلم، وبينما هو يحتسي قهوته، برغم أن اتفاقية سايكس بيكو قد رسمت الحدود بشكل مسبق إلا أنه اقتطعها من سوريا، والعراق، والخط المتعرج غير المنتظم كباقي الحدود المقتطعة بمسطرة من جهة السعودية ، والذي يسمى ب(حازوقة ونتسون) او (عطسة تشرشل )، وصنع تشرشل دولة من العدم بأسلوب يدعوا للسخرية حتى البكاء، والأسف على أمتنا العربية حد الشفقة..

وفي عام 1916م في 16 من شهر مايو وقع الدبلوماسي البريطاني مارك سايكس، والفرنسي فرانسوا جورج بيكو إتفاقية تقسيم الدولة العثمانية ،وسميت الإتفاقية بإسم الجزارين الثنائي سايكس بيكو، وكانت هذه الإتفاقية اللعينة سكين طعن في جسد الإسلام ، وبتر أجزاء الأمة العربية ، ولم تقم للامة بعدها تكتل، ولاوحدة، ولاقائمة..

واتفاقية سايكس بيكو اللعينة هي من سلمت فلسطين لليهود تحت رداء الإحتلال البريطاني، وعملت على تجميع داء، وسم اليهود وحقنة في جسد الأمة ، واغتصبت فلسطين لتسلمها إلى اليهود في أرض لايمتلكون فيها شبرا واحد..

ويعتبر اليهود إتفاقية سايكس بيكو اعظم انتصار لهم في تاريخهم لانها ملكتهم في غير حقهم، وصنعت منهم دولة وكيان لينفذوا مخططاتهم الإجرامية ، وتوحد صفهم، وصنعت لهم شأن بعد أن شُردوا في أصقاع المعمورة ، واستحقرتهم كل الامم، وصاروا بلاء على الامة الإسلامية ، ورأس كل مصيبة حلت علينا..

العجيب في الأمر أن اليهود المحتلين يعتبروا قرار التطبيع من بعض قيادات الدول العربية العميلة لهم أعظم إنتصار لهم من إتفاقية سايكس بيكو، لأن الإتفاقية أخرجتهم من ديارهم في بلاد الإسلام ، والعالم، وجمعتهم ليغتصبوا أرض القدس الشريف فلسطين، وقرار التطبيع يعمل على تعويضهم ماتركوه من تلك الديار التي سكنوها، ونجسوها بأفعالهم الكايدة، والماكرة، فلذلك يعتبر قرار التطبيع سايكس بيكو العصر الحديث ..

وكما هو حال اليهود في كل زمان، وأمة مثل الذباب لاتستطيع العيش سوى في قاذورات الحروب، والدمار لما حولهم، وهم المستفيد الوحيد من كل خراب يفتعلوه، لايستطيعون الإستقرار ، والسكينة سوى على أصوات المدافع، والرصاص، وصراخ الفقراء، والجائعين..

رسالتي الى كل عربي، ومسلم، وإنسان مبدؤه العدل أن يحفظوا تاريخ تلك الإتفاقية المشؤمة ، والأسماء التي وقعتها، والدول التي خلفهم جيدا، فتلك الإتفاقية هي السبب في معاناة الأمة العربية بكلها، وسبب تخلفها، وتشتتيها، وسبب تمزيقها..

وهي التي عملت على رسم حدود وهمية بين أبناء الأمة الواحدة ، وحصر بلاد الإسلام الكبيرة التي يعتبرها كل مسلم وطنه بين تلك الحدود الوهمية الخادعة لايهمه ما خلفها، ولوكان جوار تلك الحدود الوهمية له إخوة مسلمون تحاربهم ملة الكفر من يهود ونصارى، لايأسف لحالهم، ولايسعى لنصرتهم، لأنه لا يعترف بوطن سوى وطنه التي رسمتها إتفاقية سايكس بيكو، ولو كان مصيره مع اولئك المسلمون قبل اتفاقية سايكس بيكو هو نفس مصيرهم، ويهمه حالهم، لأنه حينها كان يعتبر أي مسلم في كل شبر من الأرض أخوه ، وأي ديار للمسلمين أرضه لأن القضية نفسها، ومصير البقاء والفناء واحد..

تمت اتفاقية سايكس بيكو في القرن العشرين على حين غرة ، وغفلة، وانهزام في أمة الإسلام عقب سقوط خلافتهم الإسلاميه العثمانية أما اليوم وعملاء الصهاينة ، واليهود يحاولون استنساخ، وتكرار تلك الإتفاقية المشؤمة عبر إعلانهم قرار التطبيع مع من اغتصب أرض أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين فلسطين لن ينجح، ولن يمرروا مشاريعهم الإحتلالية عبر عملائهم المندسون في بلاد المسلمين، فالشعوب صارت تعي جيدا من عدوها، وماحل على رأس الامة بسبب اليهود الماكرين، والغاصبين.

ختاما على كل فرد مسلم ان يقرأ تاريخه، ويعرف من هم اعداؤه الذين تسببوا في ذل، وتخلف أمته ، ويسعى لتقدم الأمة مستفيدا من أخطاء الماضي، كي يتجنب عثرات المستقبل، وإن كل فرد يتحمل مسؤوليته في تقدم الأمة ، أو تأخرها ، نهضتها، اوسقوطها، فابدأ بنفسك كي تنهض بأمتك، والله خير ناصر، وخير معين..

حول الموقع

سام برس