جمال الظاهري
يعتقد الكثير من الناس أنه ما دامت الحروب بعيدة عن منطقته فإنه في مأمن .. لذا تجده يحسبها من باب خسارة فلان وربح فلان .. حتى الساسة وأولي الامر دخلوا في نفس المقاييس الخاسرة وهم يظنونها رابحة .. سقطت من اذهاننا القيمة الآدمية بعد أن تسربت منها مقوماتها .. فالأخلاق سقطت تحت زخم الخصومة وحل محلها التباهي والتنكر والتشفي. الآدمية سحبتها المكائد ودنسها الدم الغبي الذي قبل أن يسفك على الاسفلت تحت تأثير وهم أن الكافر هو من يقف في طريقي لتتضخم الانانية التي غذيت على فرضيات ارباح المستقبل وتغير الحال من الكفاف إلى نغنغة لم يعشها حتى الرشيد في زمانه .. .. لا عجب أن نسمع اليوم من يقول: خلوهم يستأهلوا .. وأخر يقول الطرف الفلاني بغى وجار ويقابله اخر يقول واصحابكم شائقين أنفسهم فوق خلق الله .. وثالث يقول هذه ليست حربنا ورابع وخامس. .. المهم الجميع سيظل متفرجاً ما دامت لسعات النار المتقدة لم تصله .. طبعاً اعني اللسعات المباشرة .. أما لسعات الاثر فإنها حاضرة في حياتنا وفي كل تفاصيلها لمن يقيس الامور بشكل صحيح فإنه يشعر بها في الطريق وفي السوق وفي الدكان وفي المحطة وفي تعثر المشاريع وفي فقدان الامل وفي الخوف من المستقبل وووووو الخ.. .. المشكلة هي في الفئة الاخرى التي لم تدرك سبب معاناتها حتى الأن وأن ما يحدث يؤثر على حياتها بصورة أو بأخرى .. هؤلاء لا يؤمنون إلا بما سيحصلون عليه ولا يتألمون إلا حين يسلب ما بأيديهم مما كنزوه لأن حياتهم كلها أنانية وكراهية وصراع وسباق على الحيازة ولا تهمهم المشروعية التي يحوزون بها على حاجات الآخرين .. فطن العرب منذ القدم إلى أهمية الوقت ونظموا فيه الاشعار وبأهميته, وبضرورة الاستفادة منه في إنجاز المهام وذموا التسويف والانتظار للأقدار كي تعالج مشاكلهم.. فقالوا: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.. وجاء في توظيف مسمى السيف .. السيف أصدق أنباءً من الكتب .... في حده الحد بين الجد واللعب .. طبعاً هنا ذكر السيف لا يشترط أو يومئ إلى القتل أو الحرب وإنما الإشارة إلى أن الفرجة لا تؤتي ثمارا فالتردد فيه الردى ويلزم الحسم وإعمال الشفرة في العلاج للأمور التي لا بد من مواجهتها كي تستمر الحياة. ولما للوقت من أهمية في حياة الفرد فإن أهميته بالنسبة للشعب أكبر خاصة في حال الضرر من توقف الحال وركوده الذي يراكم المتاعب ويساعد على انتشار واتساع المعضلة التي تزداد كلفة علاجها مع كل ساعة تأخير لأن الاستقرار والمراهنة على نجدة ومساندة من لا يعنيه الأمر مباشرة ضرب من الحمق أو مقامرة غير مضمونة النتائج. كفانا ترحيلا للمشاكل واعتمادا على الخارج, تكفينا تسويفات ومزايدات, يكفينا ما اهدرناه من وقت وجهد ومال يكفينا عدم مبالاة تركسنا في الوحل، تكفينا مجاملات ومداهنات لمن هم في السلطة أو لأصحاب المال والمصالح ويكفي ما شربناه من وعود بمستقبل باهر وزاهر .. تكفينا فرجة كرأي عام .. تعبنا فرجة ومللنا من ابتسامات الساسة وألاعيبهم التي صادرت بعد أقواتنا الأفراح وأورثتنا بدلاً عنها الأحقاد والتباعد والصراعات التي تعددت مبرراتها ومسمياتها. نريد فعلاً وإنجازاً نلمسه على الواقع .. نريد خارطة طريق واضحة تتضمن خطوات تتناسب مع واقعنا ومع إمكانياتنا .. نريد تحديد مدد زمنية لكل خطوة ونريد مع هذا كله إقران شرط بقاء مسؤولي تنفيذ خارطة الطريق بمدى نجاحهم خلال المدة الزمنية المحددة أمام كل بند واعتبار من يقصر أو يفشل مذنبا ويقع تحت بند ينص على تجريم من لم يف بما التزم به. Aldahry1@hotmail.com

حول الموقع

سام برس