بقلم/ احمد الشاوش
حاور الله الملائكة وخاطبهم بإنه جاعلا في الارض خليفة ، فقالوا اتجعل من يفسد فيها ويسفك الدماءونحن نسبح ونقدس بحمدك ، فقال المولى عز وجل اني اعلم مالاتعلمون ، وعلم آدم الاسماء ثم عرضهم على الملائكة وقال انبئوني باسماء هؤلاء ان كنتم تعلمون ، فقالوا سبحانك لاعلم لنا ، لان الخالق والصانع والمبدع هو الذي يُحرك المصنوع ويوجه المخلوق ويطوع البشر.

ومن الرسائل الربانية ان المولى عز وجل أمر الملائكة بإن يسجدوا لادم فسجدوا إلا ابليس ابى واستكبر وركبه الغرور والجنون وقلة العقل بقوله خلقت آدم من طين وخلقتني من نار ، ويستمر الاختبار الالهي ، ويوجه الخالق آدم وحواء بالسكن في الجنة وينهاهم عن الاقتراب من الشجرة حتى لايكونان من الظالمين لكن شيطنة ووسوسة واغواء ابليس زينت لهم تلك الشجرة متجاوزين التنبيه الالهي فتسبب في اخرجهم مما فيه وتساقط آدم وحواء الى الارض ليكون كل منهم عدو للاخر ، لكن ندم آدم وحواء ورحمة الله تاب عليهما

ويطول الحديث عن عظمة الصبر والمعاناة والشدائد ونوائب الدهر ليختزل القرآن الكريم قصة النبي أيوب عليه السلام التي تعجز الجبال عن حملها عندما نادى ربه بقوله " أني مسني الضر وانت أرحم الراحمين " فاستجاب له ربه وكشف مابه من ضر رحمة به وبإهله .. وكذلك اسماعيل وادريس وذا الكفل كل من الصابرين ومن الذين شملهم الله برحمته لكونهم من الصالحين

ونتنقل في بساتين الرحمة ودرر الكلام والمعجزات الالهية وعظمة الحدث و الحديث عن المرأة المؤمنة والعفيفة والطاهرة " مريم" عليها السلام التي احصنت فرجها ونُفخ فيها من روح الله فصارت وابنها عيسى عليه السلام آيه للعالمين .. مشهد عجيب نادر في تاريخ الخليقة وحدث جليل ومخاض وتمني للموت ومكان شرقي وماء سلسبيل وجذع نخلة ..اغصانه محملة بالرطب ، تكريماً لها والمولود الذي أضاء الدنيا وحسرات وتساءل كيف لمرأة ان تلد في مجتمع محافظ وبيت نبوه بصورة غير طبيعية وشكوك وهمز ولمز وتانيب لكن ارادة الله قطعت الشك باليقين بقوله تعالى " قال ربك هو علي هين ولنجعلة آية للناس "

ويأتي المشهد الاخر للقدرة الالهية في الرد الصاعق والدليل القطعي للنبي المعجزة الذي في المهد صبيا واشارة مريم اليه للدفاع عن نفسه وامه ، وأستغراب قومها كيف نكلم من كان في المهد صبيا ، فأنطقه الله " اني عبدالله اتاني الكتاب وجعلني نبيا .. وجعلني مباركاً أين ماكنت وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا .. وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقيا .. والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا

ولنا في عقل وحكمة وإيمان إبراهيم عليه السلام العبرة بعد ان فاجأ أبيه بالحجة والبرهان بسؤال لم يطرحه أحد من قبل بقوله ماهذه التماثيل التي انتم لها عاكفون ، وحدثه عن حالة الضلال ولفت نظر قومه الى رب السماوات والارض ، وكيف صعق ابيه وقومة بتحطيم الاصنام والخرافات ، إلا كبيرهم والحكمة التي أراد ان تصل الى قومه ، وكيف بكر القوم مصدومين ومتسائلين ومستغربين من تحطيم الاصنام ومن وراء ذلك الفعل ، لتأتي الاجابة الصادمة من البعض بقولهم انه فتى يقال له ابراهيم .

ويسارعون الى احضار ابراهيم ويدور الحديث والمناظرة والتحقيق والسؤال والجواب متساءلين انت فعلت هذا يا ابراهيم بالهتنا .. قال اسألوا كبيرهم ان كانوا ينطقون فبُهت القوم وقالوا انكم ظالمون ، وقال كيف تعبدون مالاينطقون اتعبدون من دون الله مالاينفعكم ولايضركم .. لكنهم في ميدان الهزيمة والفشل والضعف والاغواء والحرج والخزي وغياب العقل والحق قالوا حرقوه وانصروا الهتكم ، وتاتي الحماية الالهية وليس الدفاع المدني بقوله تعالى " قلنا يانار كوني برداً وسلاماً على ابراهيم" .

واذ قلتم ياموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فاخذتكم الصاعقة وانتم تنظرون ، وأكثر اليهود اللت والعجن والهدار والاخذ والرد والتكذيب والحديث عن ذبح البقرة ولونها وماهي والتشابه والكفر بالمائدة ، والمخالفة والاعتداء في السبت رغم النعمة والتفضيل إلا ان المعصية وقتل الانبياء بغير حق والكفر بإيات الله كان العنوان الابرز .

ومن منا لايدرك عظمة السرد والقصص القرآني ليوسف عليه السلام ورؤيا الكواكب والشمس والقمر وتصوير السجود ونصيحة ابيه بعدم الحديث عن الرؤيا والشأن العظيم خوفاً من الحسد وكيد أخوته وكيف أحتالوا على ابيهم وتعهدوا بالحفاظ عليه من الذئب بعد ان خططوا وفقاً للنفس الامارة بالسؤ لقتله او طرحه أرضاً وذهبوا به يلعبوا ورجموه في البئر من باب الغيرة ، وكيف هيأ الله السيارة من الناس ودلو بدلوهم في البئر ليروا طفلاً في قمة الجمال والنور والبرائة والامل وكيف شروه بثمن بخس واحتضنه العزيز وامرأته وكيف عرف أخوته خلال الكيل ودعا أبويه وارتد نظر والده بعد الحزن بمجرد شم ملابس يوسف عليه السلام من مكان بعيد وكيف سامح أخوته وأجتمع بوالدية في مشهد لايخطر على بال بعد فراق وحزن وشيب وعمى وتشتت وضياع وصبر وايمان مطلق ونعمة كبيرة بان أصبح على خزائن الارض ، وقبل ذلك درجة الايمان ومخافة الله من الوقوع في المعصية برفضه مراودة امرأة العزيز رغم التهديد والوعيد ولكن الله برأه وفضح زيف امرأة العزيز التي اعترفت بذنبها تصديقاً لنبوة وصدق وطهارة يوسف .

ويتدفق فيض القصص والمعجزات الالهية وقصة النبي سليمان عليه السلام ماتزال وتظل ترن في الاذان أثناء مروره بجنوده من وادي النمل وكيف خاطبت النملة قومها " ياأيها النمل ادخلوا مساكنكم لايحطمنكم سليمان وجنوده وهم لايشعرون " وكيف تبسم النبي سليمان من ذلك الكلام الطيب واللغة التي سمعها واللطف العجيب.

وكيف هيأ الله للنبي سليمان الجن والانس والهدهد والرياح العاصفة ، وكيف توعد الهدهد في حالة غيابه بالعذاب والذبح أو ان يأتي بالخبر اليقين ، ويتواصل مسلسل المعجزات والطاعة والدروس والعظات وماهي إلا ساعت حتى اتي الهدهد بالخبر اليقين قائلاً " وجئتك من سباء بنبأ يقين .. اني وجدت امراة تملكهم واوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم".. ويواصل الهدهد مهمته الربانية ويلقي كتاباً على بلقيس وسادة القوم وتقرأه المرأة العظيمة التي تملك من العقل والحكمة والرشد والاتزان والشورى والبأس الشديد ، للرد واختبار سليمان بإرسال هدية ولكن الانبياء والمرسلين لايقبلون الهدايا ولايساومون كالحكام والملوك والامراء ، وتوعد بجيش طويل عريض وبذكاءها الفطري وحكمتها وجنوحها للحق أمنت وقومها بـ سليمان ورب سليمان وقالت " رب اني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين .

ومن الدروس القرآنية التي تعلمناها استجابة الله لنداء نوح عليه السلام ونجاته واهله من الكرب العظيم ونصره الله من القوم المكذبين بالغرق جميعاً ، وأتى النبي لوط حكماً وعلماً ونجاه من القرية التي كانت تعمل الخبائث .، كما أكد لنا الفرقان الحكمة التي أودعها الله في داوود وسليمان وكيف تمت معالجة الاشكالية في الحرث التي نفشت فيه غنم القوم ليلاً واكلت كل شيء ، وتسخير الله الجبال مع داوود والطير وتعليمه صنعة لبوس المتمثلة في الدروع التي تُلبس

كما ان سيرة الانبيأ والرسل تتواصل ورمضان مناسبة كبيرة لتلك القصص والسير العطرة والدروس العظيمة ، وتتواصل حكايات العظماء ولاننسى ذا النون الذي غضب من من كفر قومه ونادى في الظلمات ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فاستجاب له ربه ونجاه من الغم ، والعابد الطائع زكريا عليه السلام اذ نادى ربه بقوله " رب لاتذرني فردا وانت خير الوارثين فاستجاب له ووهب له يحي وأصلح له زوجه لمسارعتهم في اعمال الخير".

وكما وضحت تلك القصص جوانب الخير ، فإن جوانب الشر كانت شاهد عيان ولنا في قوم ياجوج وماجوج عبرة ، ودور الملك المؤمن ذو القرنين الذي هزم ياجوج وماجوج وعمل برزخاً الى يوم القيامة وملاْء الارض عدلاً بعد ان طاف المشارق والمغارب .

كما ان معجزة القرآن الكريم وهو الفرقان الذي فرق بين الحق والباطل ورسالة خاتم الانبياء والمرسلين محمد عليه الصلاة والسلام تدفعنا الى التمسك بكتاب الله وسنة رسول الله واخذ العبر والعضات والدروس والمعل بها قولاً وعملاً بعيداً عن التطرف والتزوير والتضليل والاساءة والانتقام والفجور واعلا كلمة الحق.

أخيراً .. لايسعنا إلا ان نُذكر بقوله تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ۝ يَوْم َتَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ " سورة الحج:1، 2.

حول الموقع

سام برس