بقلم/ احمد الشاوش
أتسعت رقعة البؤس و الفقر والجوع والمرض في كل شارع وحي وسوق ومدينة يمنية ، وعلى مدار الساعة يرى كلٌ منا في الشوارع الرئيسية وجولات المرور وأبواب المساجد والمؤسسات التجارية مشاهد صادمة وصور صاعقة واجسام هزيلة وملابس رثة وأصوات مكسورة ودموع ٌ منهمرة وتوسلات مخجلة والحاح يفطر القلب لاسرابٌ كالجراد وسيول بشرية من المتسولين والمحتاجين الذين تحولوا الى ضحايا نتيجة للصراع السياسي على السلطة والحرب الضروس والعدوان الجائر ، حتى لم يعد المرء يفرق بين الشابع والجائع والمستحق وغير المستحق.

أسر تموت من التعفف في البيوت وآخرين على قارعة الطريق وأبواب المستشفيات والبعض لم يتحمل نوائب الدهر وغادر الحياة شنقاً وكمداً وآخر ترك زوجته واولاده وفر كالمجنون..

أطفالاً في عمر الزهور وبنات في مقتبل العمر ونساء طاعنات وشيوخ قاب قوسن أو أدنى من القبر يسألون الناس الحافا وشباب حلمه قطعة خبز وشربة ماء للبقاء على قيد الحياة ، بينما تجار الحروب وأصحاب الازمات ومهندسي الفتن ومبرمجي المشاريع المشبوهة والمنضمات الدولية يحذرون من الفقر والمجاعة وهم يمتصون دماء وحقوق الفقراء كنار جهنم كلما امتلآت قالت هل من مزيد.

ورغم ظاهرة الجوع والفقر والمجاعة والتفاوت الطبقي بين قله من مراكز القوى هنا وهناك استفردت بنصيب الاسد ومواطنين على كف الرحمن وأغلبية في مهب الريح بقطع المرتبات وارتفاع الاسعار بنسبة 500 في المائة وفرض الضرائب على التجار وتحميل التاجر للمواطن الضريبة على السلع وغياب أو ضعف الرقابة كل ذلك قد يؤدي الى انفجار مفاجئء ان لم تبادر الجهات المختصة الى قياس الرأي العام والوقوف بصدق على إيجاد حل ناجع لتلك المصائب والمآسي التي قد تشكل عصابات وقطاع طرق ومافيا وممارسة اعمال تهدم الاخلاق والنسيج الاجتماعي .

واذا كانت هيئة الزكاة بالعاصمة صنعاء قد ذاع صيتها في الآفاق ، كما نسمع في الفضائيات والصحف والمواقع الالكترونية ومواقع التواصل من اعلانات وحملات واخبار عن مصارفها الشرعية المتمثلة في الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله ، فإن ما يُعلن عنه من
مشاريع وتنمية صناعية واقتصادية وزراعية واستثمارات وتزويج الشباب والمساهمة في معالجة الامراض المستعصية من سرطان وغيره جدير بالاحترام وفقاً لقوله تعالى :

" إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" التوبة:60.

ولسان حال المواطن اليمني اليوم يقول انه من باب أولى ان على هيئة الزكاة وكافة فروعها ان تقوم بعملية حصر للاسر العفيفة والبيوت الفقيرة التي تموت من الجوع والعطش خلف الجدران ، بعيداً عن الفرز المذهبي والحزبي والثقافي والمناطقي.

كما نامل من رئيس الهيئة العامة للزكاة الشيخ ابونشطان ان يبادر سريعاً الى تشكيل فرق ميدانية وانسانية متخصصة مع الجهات المختصة للمرور على الجولات والمساجد والاسواق والطرق واماكن تجمع الفقراء والمساكين والمتسولين لرصد وتسجيل ودراسة كل حالة مستحقة واعتماد مبلغ شهري وسلة غذائية وتأمين صحي وايقاف وضبط كل من جعل من التسول والشحت والاستعطاف مهنة لبعض الرجال والنساء والاطفال للاثراء الغير مشروع وتشوية صورة البلد .

اليوم صنعاء أصبحت قبلة للمتسولين من حجة والمحويت والحديدة والجوف صعدة وعمران وغيرها وما ان يلتفت المرء شمالاً ويميناً وشرقاً وغرباً أويفكر في شراء مواد غذائية اوسلعة معينة أو على باب مطعم أومقهى إلا تجمع حوله الكثير من المتسولين وعيونهم زائغة اليه وكأننا نعيش في الهند أو مجاعة في افريقيا بل وصل الامر الى افتراش بعض النساء مع أطفالهن في الجولات وزوايا معينة من أول النهار وحتى آخر الليل وكأنهم أحدى خدمات الامن السياسي و القومي ، ولذلك لابد من وضع حد لهذه الظاهرة من باب الجانب الديني والاخلاقي والانساني ووضع حد لكل من تظاهر بالفقر والجوع والتسول كحرفة ومهنة بينما هو قد يكون افضل شأن ، والعناية والاهتمام بالفقراء والمساكين الذين يعانون الامرين .

واذا كانت الهيئة العامة للزكاة قد استطاعت ان تمارس أختصاصها واعطيت ضؤ أخضر وقوة وسند من اكبر هرم في الدولة وتأخذ الزكاة من كل تاجر ورجل اعمال بالمليارات أو تريرلونات الريالات ، بالاضافة الى زكاة الارض والزراعة والعسل وغيره ، فإن من المفروض شرعاً ان تصرفها في مصارفها الشرعية ، وان تمد يدها الى الاسر العفيفة التي تتضور جوعاً في البيوت ، وان تهتم بالفقراء والمحتاجين من خلال أيجاد آلية مرنة وسريعة وصادقة للوصول الى الهدف المنشود ، وان تواصل دعم حالات السرطان والفشل الكلوي والقلب وان تعقد العزم على تأسيس وبناء مشروع قومي " مستشفى" لامراض السرطان والقلب والفشل الكلوي بإمهر الاطباء بدلاً من عناء السفر والخسائر كمنجز اسلامي ووطني وانساني جدير بالاحترام.

حدثني احد الزملاء بإن أبنته كانت تعاني من السرطان وذهب بها الى القاهرة و اجرى الفحوصات والكشافات وخسر خسارة كبيرة ودين وضرب 13 جرعة كيماوي ثم عاد الى صنعاء والرجوع بعد سنة ، وبعد ان نصحه البعض يقدم الى هيئة الزكاة أرفق التقرير الطبي والعودة وبعد شهادات من عاقل الحارة وامام الجامع والمشرف ونزول ميداني ،،، وقبل سفره بثلاثة ايام تم صرف 200 ألف ريال يمين مساعدة للسرطان !!!!؟ .

لاننكر ان بصمات الهيئة العامة للزكاة كبيرة وعظيمة وان مصارفها جليلة وانها ستكون موضع انتقاد بحق وبدون وجه حق ولكن عليها ان تواصل المسيرة أمام الله وان تستفيد من النقد البناء طالما تحملت " الامانة التي عجزت الجبال عن حملها .

قد يقول البعض ان ايرادات هيئة الزكاة الان هي الافضل في تاريخ اليمن وان موظفيها بانت عليهم النعمة ، بل نرى البعض قد تحول من وزن الريشة الى الفيل وان رائحة العطر والعود تفوح على بُعد عشرة متر للموظف الوسط اللهم لا حسد ، لكن على الهيئة وموظفيها ان يوزعوا النعمة على الاخرين .

أخيراً .. نسال الله تعالى ان يوفق قيادة الهيئة العامة للزكاة والعاملين عليها وان يكتب لهم الاجر ويُذهب عنهم الطمع والجشع والحسد والظلم وان يُبصرهم الى مافيه خير الامة.

وشاهد الحال يقول كفى الصرف للمؤلفة قلوبهم من المشايخ ،،، فالجائع والبائس والفقير والمريض والطريق والموظف العدم والمستشفى أحق من الطابور الخامس ، ومحترفي التسول .

حول الموقع

سام برس