بقلم/ سليمان جودة
أول شىء تلاحظه فى اللقاء المصرى التركى الذى تم مؤخرًا فى مبنى وزارة الخارجية، أنه جرى على مستوى نائب الوزير هنا ونائب الوزير هناك، ولم يكن من الممكن أن يجرى على مستوى أقل.. والمعنى أن هذه بداية سوف يكون لها ما بعدها على مستويات أعلى، لو ثبت صدق النية الأردوغانية وراء ما يقوله ويردده أردوغان منذ اللحظة الأولى التى أظهر فيها رغبته فى التقرب من القاهرة!.

ومَن يدرى؟!.. فربما يلتقى سامح شكرى مع مولود جاويش فى القريب، فتنتقل اللقاءات من مربع نائب الوزير إلى مربع الوزير ذاته، ويكون انتقالها دليلًا على أننا لمسنا من الجانب الآخر من الإشارات العملية ما يأخذنا إلى هذا المربع الجديد!.

من ناحيتى لم أسترح إلى زيارة تركية إلى ليبيا كانت موازية لزيارة نائب الوزير إلى القاهرة، وكانت هذه الزيارة الموازية تضم وزير الخارجية، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان، ومدير المخابرات.. وعندما وقفت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية الليبية، مع «جاويش» فى مؤتمر صحفى، فإنها دعت إلى خروج الميليشيات والمرتزقة الأتراك من بلادها، ولكن الرد التركى فى المقابل لم يكن مريحًا لأنه تحدث عن وجود تركى شرعى فى ليبيا!.. وهو شرعى فى نظرهم لأنه بدأ باتفاقية رسمية مع حكومة فايز السراج السابقة!.

ولم أسترح كذلك إلى أن وزير الدفاع التركى زار شمال العراق دون موافقة مسبقة من الحكومة فى بغداد، الأمر الذى جعلها تستدعى السفير التركى لديها وتحتج لديه بشدة.. وما كاد العراقيون يتعاملون مع زيارة وزير الدفاع، حتى فوجئوا بمَن يعلن فى أنقرة أنها تدرس إقامة قاعدة عسكرية دائمة فى الشمال العراقى!.

هذه كلها خطوات تركية شاذة، وهى لن تريح صانع القرار المصرى لأن ليبيا تمثل امتدادًا وعمقًا لنا بحكم الجوار المباشر، ولأن المسؤولية العربية التى تحملها القاهرة تاريخيًا تجعلها لا تستريح لهذا العبث التركى فى حق العراق ولا تقره فى كل حال!.

ولكن على مستوى البلدين، فإن زيارة نائب الوزير تقول عدة أشياء، من بينها مثلًا أنها تشير إلى رغبة فى تصويب مسار العلاقات، الذى انحرف من جانبهم منذ قيام ثورة 30 يونيو 2013، ومنها أنها تنطوى على إقرار من صانع القرار فى تركيا بأن ما راح يردده عن تلك الثورة منذ قيامها لم يكن فى محله!.

أمام تركيا أن تدلل على أنها دولة مسؤولة فى أكثر من ملف بيننا وبينها، وعندها سوف تنتقل اللقاءات من مربع إلى مربع، وسوف تغادر العلاقات محورها الاقتصادى، الذى لم ينقطع طوال أعوام ثمانية ماضية رغم كل ما حدث، إلى محاور أخرى لا بديل عنها بين دولتين كبيرتين فى الإقليم!.

* نقلا عن "المصري اليوم"

حول الموقع

سام برس