جميل مفرح
تشهد الأوضاع السياسية والاجتماعية اليوم على الساحة اليمنية ارتباكات ذات مغاز شتى ناتجة عن واقع ينذر أكثر مما يبشر، وعلى الرغم من ذلك هناك من يحاول أن يقنعك أو بالأصح يقنعنا بأن كل شيء على ما يرام.. القلق أصبح داءً شعبياً لا خلاص منه، بمجرد تصريح إعلامي هنا أو مقالة مكتوبة هناك.. وإننا لنكذب على العالم بأسره وعلى أنفسنا حين ندعي أنه لا يوجد ما يبعث على القلق والخوف وأننا لا نعيش حالة من التوجس والترقب وتوقع السيئ والأسوأ.. غير أن البعض يحاول أنه يقنعنا رغماً عنا بما يخالف ذلك بطرق ممجوجة واستهتار مطلق!!
نعم هنالك من لا يريد الاعتراف بأن الأوضاع ليست كما يجب وأنه لا بد من نظرة جمعية ممعنة لإيجاد ولو قليل من الاطمئنان نعيش به وعليه مزيداً من الوقت المقبل.. والمدهش أن تجد ذلك الذي أوعى الأمن والأمان وبشر بحاضر ومستقبل لا غبار عليهما وقد انقلب حتى على نفسه وعلى الواقع والحقائق ولوى أذرع الجميع لتفوح منه ومن طرحه روائح التشاؤم ونفثت كلماته وحروفه سم الرعب والارتجاف من كل لحظة قادمة وبدرجة مفجعة تجعلك وأنت تستمع إليه أو تقرأ له خيفة من كل شيء حتى الضوء والهواء والصوت والحركة!!
بالطبع من أتحدث عنه هنا هو نوع السياسيين أو من يسيرهم السياسيون من إعلاميين وخطباء ومعلمين وكتاب، أولئك الذين يتم التعامل معهم من قبل رواد السياسية كأدوات تبليغ وتأثير موصلة لمواقف ورؤى هذا الاتجاه السياسي أو ذاك، وهؤلاء ليسوا أشخاصاً وحسب، بل هناك أيضاً أدوات أخرى تنضاف إليهم أو بالأصح ينضافون إليها مثل أدوات الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة.. وبالنظر والتأني في طروحات مجمل هذه الأدوات الرسمي منها والحزبي والمستقل، نجد بكل يقين أن لا حقيقة من أجل الحقيقة ولا فضيلة من أجل الفضيلة، وأن وراء كل طرح ما وراءه من مبتغيات وإرادات وحسابات، الأبرا والأنقى والأنظف منها الباحث عن قضاء حاجته على حساب كل شيء!!
والأدهى من ذلك حين تكون كاتباً أو متحدثاً وتطرح قضية متعلقة بنقد تصرف ما قد يمس طرفاً أو توجهاً – طبعاً عن غير قصد – وتجد أنك قد حسبت على الطرف الآخر بدون تمعين أو دراية أو ما شابه وتجد أولى هذا الطرف وأتباعه بل وعبيده وقد مزقوا شخصك شر تمزيق والصقوا ببراءتك كل ما يستطاع من التهم واللعن والقدح والشتائم فقط لأنك طرحت رأياً في إجراء أو تصرف يمس من قريب أو من بعيد الوزير أو المسؤول الفلاني المحسوب عليهم وعلى توجههم السياسي.. فعلى سبيل المثال ومن تجربة شخصية كان لي في صفحات التواصل الاجتماعي آراء حول ظواهر اجتماعية وتصرفات رسمية بالطبع متباينة إذا ما دققت في من تمس أو تعني بالدرجة الأولى حسب الانتماء السياسي، وخلال شهر واحد اتهمت بالانتماء للنظام السابق وبالحوثية وبالتمرد والخارج عن الجماعة والكافر والرجعي.. فقط لأنني قلت أو طرحت رأياً حول ظاهرة ما أو ظواهر معنية، لمست فيها خللاً أو خطأً..
حسناً قد يحسبني البعض على توجه سياسي ما، ولكن الأكثر فداحة أن نجعل من الانتماء السياسي تهمة، هذا من جانب، أما الجانب الآخر، فباعث على الفجيعة أن نطلق بالضرورة هذه التهمة على كل من طرح رأياً أو عبر عن فكرة تتعارض مع مصلحة أو توجه طرف من الأطراف!!
ومن يتصفح على سبيل المثال موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) يصل إلى ملخص مخيف وهو عليك أن لا تبدو حياً بالمرة لئلا تحسب على التوجه الفلاني أو الحزب العلاني.. وهذه برأيي ظاهرة لا يجب السكوت عليها والاطمئنان تجاهها بالمرة، فالغالبية العظمى من الشعب في الحقيقة ليست بالضرورة تنتمي إلى حزب أو توجه سياسي ومن حقها أن تقول ما تريد وأن تنتقد ما تريد بحرية وبأمن على حقها في التعبير والقول والمشاركة وعلى أرواحها أيضاً من هذه الغوغائية المتفشية.. أولسنا ندعي الديمقراطية ونزايد بالحرية في القول والانتماء والتعبير!!
أضف تعليقاً على هذا الخبر

حول الموقع

سام برس