بقلم/ احمد الشاوش
منذ عقود والقضاء اليمني يفتقد الى الاستقلال والحرية والعدالة والنزاهة والثقة والسمعة الطيبة.

لذلك يتوه المظلوم في دهاليز القضاء باحثاً عن العدالة والمساواة والانصاف سنوات و يخسر مافوقه وماتحته ، دون أي وازع ديني او شرعي او قانوني او انساني ، وان كان سعيد الحظ حصل على حكم قضائي لكنه يصطدم بعدم تنفيذة من قبل السلطة التنفيذية وأنتظر يامظلوم حتى قيام الساعة.

وفي ظل هذه الفوضى والعبث والاستبداد والجور والتطويل واللف والدوران صار الكثير من القضاة والقضاء محل سخرية و تندر القاصي والداني ، في ظل ثقافة حق بن هادي ، وضعف الرقابة والتفتيش القضائي .

والحقيقة المسلم بها ان القاضي وعضو النيابة الذي مرجعيته الولاء والتبعيةوالوظيفة الامنية المشفرة وعشق حق بن هادي، لايمكن ان يقضي بما انزل الله ، وان قضى بذلك أعاد الحكم الى ضبط المصنع وأدخل عليه بعض الثغرات كالقراصنة ، طمعاً في المال اورنة هاتف مسؤول او سفيه يملك الكثير من المال ، لذلك لاخير فيه.

واذا كان الرسول صلى الله عليه واله وسلم يقول في معنى الحديث الشريف : قاضيان في النار وقاضي في الجنة.. فإن شاهد الحال يؤكد ان قاضي في الجنة و 99 في النار وعلى شاكلة انتخابات الزعماء العرب .

شاهدنا على أبواب المحاكم والنيابات بالعاصمة صنعاء وغيرها من المدن اليمنية ، مالا عيناً رأت ولا أذنٌ سمعت ولاخطر على قلب بشر .. آلاف الرجال والنساء والاطفال يبحثون عن عدالة السماء والانصاف والدموع على خدودهم .. يتألمون.. يبكون .. يصرخون .. يشتمون .. يتهمون .. يشيرون بالبنان الى هذا القاضي المستبد و عضو النيابة الفاسد.. في غياب الرقابة والتفتيش القضائي.

واذا كان الله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي "ياعبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرماً بينكم" .. إلا ان بعض القضاة ورؤساء واعضاء النيابات اليوم يمارسون الظلم مع سبق الاصرار والترصد ، ليس عن جهل اوغباء وانما ارضاء للنفس الامارة بالسؤ التي لم يتم زجرها من جهات الاختصاص.

لذلك يعتقد السواد الاعظم من الضحايا ان القضاء اليمني يمثل بيت الداء وسبب رئيس لامراض القلب والانهيار العصبي وتصلب الشرايين بضياع حقوق الضعفاء ، وانه عامل رئيس لصناعة الكراهية والانتقام وتقويض امن واستقرار الدولة والمجتمع.

والمراقب الذكي يرى ان القضاء اليمني أصبح على سيرة كل لسان وأن القضاء والقضاة ليس بحاجة الى سمكرة وعملية تجميل أوديكوات جمالية وانما بحاجة الى ارادة حرة وعزيمة صادقة و" ثورة" حقيقية تجتث كل قاضي وعضو نيابه وموظف " فاسد" ومرتشي ، ثبت تورطه بالدليل القاطع .

كم نحن بحاجة الى ثورة قضائية تجتث الفاسدين وتقدم معاول الهدم الى محاكمة علنية واعادة أموال واراضي الناس والدولة الذي سلبها منهم ليكون عبرة للعالمين.

قضاة واعضاء نيابة شرفاء بلا تكريم :

كم نحن بحاجة الى تكريم القاضي وعضو النيابة العادل والصارم والنزيه والصادق والشريف ،والنبش وراء كل أخطبوط وظالم وفاسد ومزور ومدلس ومرتشي ومجامل ومحتال.

كم نحن بحاجة الى رصد ومحاسبة طغيان وجبروت وغرور بعض أصحاب النفوس الضعيفة من أعضاء النيابات ، والامناء الشرعيين وبعض المحامين الذين شكلوا " مافيا " مع بعض القضاة وبعض اعضاء النيابة وقلم الكتاب والتوثيق والارشيف ورجال الاعمال والسياسيين للسطو على المال العام والتلاعب بالخصوم وتزوير البصائر وتأجيل القضايا بدوافع الابتزاز والانتقام وتدمير الدولة.

كم نحن بحاجة الى حركة تنقلات قضائية ليس فيها للفاسد مكان ، بعيداً عن الواسطة والمحسوبية والمحاباة والولاءت الزائفة ومرض التوريث لابناء القضاة ومسؤلي النيابات، لاعادة الثقة والاعتبار للقضاء اليمني ، لاسيما بعد ان تحولت مناصب القضاء الى " فيد" وقنابل موقوته تهدد أمن المجتمع والبلد.

والغريب في الامر ان الكثير من القضاة المعتقين والورثة أب عن جد عَجَز وخرف وتلاشت ذاكرته ورغم ذلك مازال يشتغل قرعة في منزله في قضايا المواطنين وحول بيته محكمة خاصة وارشيف على حساب العمل في المحكمة ، وهات من تأجيل القضايا والجلسات التي أصبحت فوق طاقته وتحويلهم الى بيته ، مايشير الى ان منظومة القضاء والرقابة دخلت الموت السريري .

وفي اعتقادي أن الخلل ليس في القوانين واللوائح والانظمة والتشريعات الحديثة ، وانما في بعض القضاة الذين أحكموا سيطرتهم على وظائف السلطة القضائية ومفاصها الرئيسة بهدف الفيد والتجارة الرابحة.

وشاهد الحال ان الصراع الحزبي والعقائدي والتحاق عدد من المخبرين بسلك القضاء والنيابة حول بعض القضاة وأعضاء النيابة الى فاسدين وأداوات للنخر في منظومة القضاء وخصوم أمام الضعفاء وأصحاب الحق الذين ينشدون العدالة ، ماخلق رأي عام وانطباع سلبي ضد القضاء والقضاة والدولة.

قضاة واعضاء نيابة في قمة النزاهة:

لاننكر ان هناك قضاة وأعضاء نيابات في قمة النزاهةوالاستقامة والثقة والحزم والمسؤولية والخوف من الله وفصلوا في الكثير من القضايا بمسؤولية، لكن الظلم والوجع والواقع الُمر يؤكد ان الاغلبية يفتقدون الى القيم الانسانية بالقفز على القانون والتحايل على الشريعة وموت الضمير في ضعف الرقابة والتفتيش والنزول الميداني الى المحاكم والنيابات أولاً بإول لمعرفة مايجري والاستماع الى شكاوى الخصوم والتحقيق في الانحراف .

مباني كأسواق القات:

والعجيب في الامر عندما تدخل محكمة او نيابة تعتقد انك في أحد أسواق القات أو مجزرة لبيع اللحم من شدة الازدحام وكثرة القضايا وعدم التنظيم وجدولة القضايا وتعزيز المحاكم بإكثر من قاضي ..

تدخل الى القاضي او رئيس النيابة والناس محلقة عليه مثل الذبان او بائع السنبوسة في رمضان ، مباني ضيقة ومكاتب صغيرة وأرشيف من العصر الحجري وايجارات خيالية وممرات لايتجاوز عرضها المتر لمرور وحركة آلاف المتخاصمين من الرجال والنساء والشباب.

وجع مابعده وجع وانين مابعده أنين وضجر وصياح وصراخ واصطراخ وعصبية وتهديد وتوعد المدعي والمدعى عليه وشهود زور.. قتل .. سرقة .. شرف .. تزوير..

امرأة مطلقة وأخرى غائب زوجها وثالثة هارب ورابعة تطالب بالنفقة وخامسة تبحث عن ميراثها لكن الكثير منهم تضيع في زحمة ودهاليز وشيطنة وجور القضاء ،، وان وصلت الى حكم تغلقت أمامها الابواب للبحث عمن ينفذه ويبدأ ترمومتر الابتزاز من جديد.

والحقيقة التي لاجدال فيها ان الولاء والتبعية وشيطنة الارادة السياسية وحق بن " هادي" ورنة تلفون لها سحر خاص بالتسريع في حل أي قضية او التلاعب فيها وتمييعها وحجزها أو اخفاء وسرقة ملفها من الارشيف كما يتحدث البعض.

سمعنا عن قضايا جنائية ومدنية بالامكان النظر فيها وحلها خلال أسبوع أو جلسة واحدة من قبل القاضي الشريف وعضو النيابة العفيف ، لكن التطويل صار سياسة ممنهجة وأسلوب للمتاجرة والابتزاز والتدليس وأمتصاص دماء واموال أصحاب الحق ، حول بعض القضاه واعضاء النيابة الى جبابرة وخصوم أمام صاحب الحق .. سمعنا عن اختفاء ملف قضية فلان وتصوير ملف فلان خدمة للخصم الآخر وسرقة ملفات .. لكن تظل الحقيقة لدى بعض المكويين حسرة .

كل هذا الجور والظلم والتسيب والاهمال والمغالطة والتطويل في القضايا يحصل في بلاد المسلمين ، بينما في دول العالم تتم اجراءات التقاضي بصورة منظمة ويفصل فيها خلال أيام ، ويتساوى فيها الرئيس والمرؤس ورجل الاعمال والفقير ، فالعدل أساس الحكم، بينما في بلد الايمان والحكمة تظل النزاعات سنوات في المحاكم بل ان بعضها له عشري وثلاثين عاماً كلعبة المتاهة بلا نهاية .

والمؤسف والصادم ان هناك كتائب من شهود الزور والمسجلين خطر على أبواب النيابات والمحاكم يمتهنون الكذب والتضليل والادلاء بشهادات ووقائع لتضليل العدالة مقابل المال الحرام ،رغم معرفة بعض القضاة ورؤساء واعضاء النيابات بهؤلاء الفجرة او عدم التحري عن صدقهم واستقامتهم وتزكيتهم .

كم نحن بحاجة الى ثورة حقيقية في منظومة القضاء لاقتلاع جذور الفاسدين وشهود الزور وانصاف المظلومين ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، فإذا صلح القضاء صلحت الدولة واطال الله في عمرها .. فهل من رجل حكيم ؟

حول الموقع

سام برس