سام برس/ تونس/ شمس الدين العوني
من"حمامة السلام" الى لوحات الوجوه و النسوة و المشاهد ..حيث الرسم ابراز للرؤى و المشاعر والخيال...

رحلت الفنانة التشكيلية سنيا اسماعيل تاركة اللوعة بين أهلها و كل من عرفها كفنانة رقيقة حالمة و محبة للجميع ..رحلت بعد أن رسمت منذ طفولتها و هي تحلم " حمامة السلام " بكثير من الحب تجاه الناس و الحياة و كل من يتوق للحرية و السلام..رحلت و هي منهمكة في رسم و تلوين ما به تسعد نفسها من وجوه و فنون الخط و و مشاهد و معالم و منها ابداعها الجميل في تصور جمالي لقصر الجم..

تعددت معارضها و منها الجماعية برواق محمد علي السعدي بقرطاج و ضمن المعرض السنوي لاتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين..و كانت بانتظار معرضها الخاص برواق دار الثقافة المغاربية ابن خلدون...المعرض الذي كان يمكن أن ينتظم هذه الفترة و يضم مجمل أعمالها الفنية .رحمها الله و رزق أهلها و عائلتها الثقافية الصبر و السلوان..المعرض سوف ينتظم بعنوان " تكريم و لقاء " و ذلك بفضاء صوفونيبة بضاحية قرطاج و ذلك عشية يوم 20 من شهر نوفمبر الجاري و بحضور عائلتها و أحبتها و زملائها من الفنانين التشكيليين و في هذه اللفتة الاعتبارية تجاهها يتم عرض العديد من أعمالها الفنية التشكيلية...و تقول ابنتها نارمين عن المناسبة " ...

لم تكن أمي الغالية رسامة بسيطة ، كانت فنانة في القلب. من خلال أعمالها وفنها ، جعلتنا غارقين في محيط من العواطف والدروس التي لا تقدر قيمتها. هذه السيدة العظيمة بلمستها الناعمة للفرشاة ، جعلتنا نكتشف منظورًا آخر للحياة ، الذي رأته هي فقط ، ولم تتردد في مشاركتنا به معنا. كل شيء له حدود في الحياة ، ولكن الفن أبدي ، وبالتالي هي معنآ إلى الأبد. من خلال أعمالها ، ومن خلال القصص التي تعبر عنها كل لوحة ، ستتبعنا لأجيال القادمة.

سونيا إسماعيل على قيد الحياة ، تركت بصماتها أينما ذهبت ، وسونيا إسماعيل في عالم آخر ، ما زالت تترك بصماتها اليوم وغدا و إلى الأبد . سيدة عظيمة ذاة مشاعر حقيقية وعميقة. كان ل شرف كبير أن أعرفها كفنانة قديرة و عظيمة، وخاصة كأم وزوجة وأخت وصديقة.حبنا لك أبدي حتى نلتقي مجددا..."...رحمها الله ..المعرض سيحكي المعرض حلم الطفلة الراىعة التي انطلقت من خربشات الطفولة ..من " حمامة السلام " التي لونت حياتها بما يحيل الى البهجة و الفرح ..هي سيمفونية الفن حيث اللون حكاية...و حياة..

نستعيد حيزا من سيرتها الفنية و الجمالية لنقول...لو أن للفن بدايات و تلمسات تبتكر نظرات الكائن تجاه ذاته و العالم و هو يلهج بالنشيد و الأغنيات الضاجة بالحلم..نعم للفن حكاياته الأولى...للرسم و التلوين بدايات هي الرغبات و الحنين أخذا بناصية الأمل المبثوث في الدواخل ...و من تلوينات الأمل هذا نجد السلام .. السلام بكل عناوينه المقيمة في الانسان.هكذا كانت حكاية الحلم مع الأنامل و هي تمسك بالأقلام ترسم الأمل المفعم بالسلم و ما يعنيه ذلك من هيئة حمامة باذخة ترمز للحرية..هي حرية منشودة في أرجاء الكون تناغما مع الأغاني العالية...تلك الأغاني التي تقولها البراءة في عنفوان بهائها الوجداني و الفكري..

انها لعبة الرسم الأولى بما يشبه الخربشات التي كانت بمثابة الحلم المتحدي و المكلف...حكاية البداية هنا تعني الكثير.. انها الرغبة في الاختلاف من المنطلق و في مقتبل من العمر و التجربة..انها المجازفة بالدرس لأجل الرسم و الخروج المغادرة لأجل التلوين ليصير الأستاذ الذي أخرج الرسامة الهاوية و الموهوبة من درس ذلك اليوم المشجع الأول و الدافع باتجاه الاكتشاف و القول بالموهبة و بما يعني ميلاد رسامة و قدومها الى كون التلوين على مهل و بذلك يصر على نشر الخربشات الأولى على صفحة الجريدة...و الرسمة هي حمامة السلام التواقة للحرية نهجا و فكرة و حياة..و يحدث ذلك في أواخر ثمانينيات القرن الماضي...انه الاعتراف و الاقرار بموهبة فهمت خربشاتها في أول الأمر على أنها تمرد و خروج عن الدرس و ضوابطه..انها لحظة حاسمة صار الرسم معها حب و هيام و مسار طويل..و المحصلة كان لا بد من حدوث ذلك لاكتشاف موهبة في سنوات الشباب حيث عالم الرسم شواسع للرغبات و الآمال و الهواجس...هي الخطى الأولى تجترج من الحياة تلويناتها و عناوينها الكبرى حيث القول بالرسم بداية و ملاذا في آن واحد.هكذا ندخل عوالم الشغف بالفن التشكيلي ...عوالم التلوين في هذه المساحة من حالات الابداع و الامتاع..عوالم الفنانة التشكيلية سنية اسماعيل التي قدمت خلال السنوات الأخيرة عددا من لوحاتها من خلال المعارض و منها المعارض الجماعية و آخرها في رواق السعدي بضاحية قرطاج و ضمن معرض " نساء 2020 " ...انها فسحة أخرى في عالم التلوين حيث تقول الرسامة سنية " ... بالنسبة لي الرسم هو القدرة على ابراز مشاعري و افكاري الفنية بطريقة لا يمكن تفسيرها في حيز مجرد من الكلمات. أرى جمال الفن في الفرح و النشوة والحزن و الظلام ...و لو كان بإمكاني ان أرسم رؤيتي للفن لرسمت آلاف اللوحات لأنه ببساطة مزيج من العواطف و الرؤى و المشاعر والتخيلات و الإلهام ..."...هكذا كانت بداياتها لتظل وفية لها في هذه العلاقة بالرسم الذي تعتبره ترجمان حالات و أحاسيس و أشواق تجاه الذات و الآخرين و العالم ..هناك وجوه ترسمها الفنانة سنية اسماعيل لتبرز تفاصيلها التي هي عبارات لونية تشير للحالات في تنوع أحاسيسها و اعتمالاتها...هناك لوحات فيها وجوه نساء باللباس التقليدي و بشيء من الزخرف قولا بالتراث و الجمال و بالأنثى عنوان تلوين و احتفاء.الطبال..لوحة بها تلوين لمشهدية فلكلورية حيث يبرز العلم التونسي فكأن الرسامة سنية اسماعيل تأخذنا الى عالم من البهجة المفعمة بالنشيد في مساحة من الوجد و القول بالحالة التونسية في ضرب من الاحتفاء بالهوية و الخصوصية.عدد ىخر من اللوحات فيها الألوان بمثابة سمفونيات يجمع بين ولع الفنانة سنية بممكنات اللون و ما يحيل اليه لحظة التعاطي مع القماشة..لحظة الرسم بما هو عبارات في دواخل الذات تذهب بها الفنانة الى العالم قولا و كشفا..انها لعبة التلوين كمجال للتعبير و الافصاح و الذهاب الى ما يشبه الغناء.انها و هي ترسم تحرص الفنانة سنية اسماعيل الى أخذنا الى حيز من عالمها الملون لتبرز وفاءها لحادثة البدايات ...لتكشف شيئا من مضيها الجاد مع التلوين الى الآفاق و الأقاصي لترسم المرأة و المشاهد و الوجوه و هي منشدة الى البياض تلونه مثل انشدادها الأول للورقة تفعل فيها فعلها البريء من خربشات و غيرها حيث كانت الحمامة و السلام على سبيل الذكر...هذه حالة من حالات الفن بما فيها من نبل و براءة و غرام تجاه الابداع و مشتقاته و منها الرسم.هذا و تواصل الفنانة سنية اسماعيل هذه الرحلة الفنية التي كانت هواية لتدعمها بالتعلم و السعي للتمكن أكثر من المتطلبات الفنية و الضوابط و ما به يكون الفن فنا و الرسم بالخصوص لعبة باذخة.و في برنامج الفنانة سنية اسماعيل المزيد من العمل على انجاز لوحات فنية فيها الاضافة فضلا عن الحضور الفني من خلال العمل على اعداد معرض فني تشكيلي خاص تواصلا بين تجربتها و المتقبل حيث المعرض بالنهاية هو مرآة أخرى للفنان بصفة عامة ليرى ذاته و أعماله و تجربته من خلال عيون الآخرين..الذين يتلقون الفن و يزورون المعارض و يهتمون بالفن التشكيلي.في لوحات سنية اسماعيل تنوع و اشتغال دقيق خاصة في تلوينات الوجوه و لعل الرسامة في قادم أعمالها الفتية تأخذنا الى عوالم أخرى من تجارب الفن التشكيلي فالفنان عامة يرنو للتنوع و للمغامرة و للتجريب قولا بالتجدد و الابداع ...المعرض يفتتح بفضاء صوفونيبة يوم 20 من شهر نوفمبر الجاري.

حول الموقع

سام برس