v

سام برس
رغم مضاعفات الكورونا ...أعمال فنية جديدة مبتكرة بجمالية عالية بعضها تم تسويقه الى بلد آسيوي..

شمس الدين العوني

عدد من الأعمال الفية ينجزها منذ سنوات و يعمل على معادلة التجديد و الابتكار و الجمال الفني ...يعمل باستمرار و رغم ظروفه الصحية التي يمر بها منذ سنتين...الكورونا فعلت فعلها و لكن مخلفاتها جمة و بالنهاية لم تثنه عن الانغماس في عوالم القماشة و الألوان ..

هو الفنان المميز نصر الدين العسالي الذي يعد لمعرضه الخاص برواق علي القرماسي خلال شهر مارس القادم فضلا عن عديد الأعمال الفنية التي أنجزها لتسوق الى بلد آسيوي وفق طلبية و هذا جيد لتثمين الابداع و الأعمال الجمالية ...لوحات جديدة يقول في سياق اشتغاله عليها "...الأفكار موجودة و التطبيق يتطلب تطويع الأدوات بالصناعة .( صناعة موضع اللوحة. تحضير ملمسها . ابتكار أنواع جديدة من فرشات و بآلات و اختيار المواد و التحكم في أشكالها . طرق الرسم عن بعد بالرمي أو عن قرب بالحركة السريعة أو الميكانيكية أو الطباعة الذكية ووو ... و ينتهي الانسان و لم يحقق كل أفكاره. و يبقى الله هو أحسن الخالقين...اللوحة هي تجسيد عفوي لكتلة من الأحاسيس. يمكن لأي شاعر أو مؤلف أن يرسمها بكلماته العفوية اذا كلمته..."..

هكذا هي لعبة الفن المفتوحة على الاستمرار و الابتكار و التجدد مع العسالي الفنان المجتهد..نعم الفن..هذا الدرب المفتوح على المغامرة..المحفوف بالدهشة و السحر حيث البهاء الطالع مع فتنة العناصر و الأشياء ..الفن تلك العناوين العالية القائلة بالابتكار نهجا و تلوينا و تقصدا وفق تلك الأصوات القادمة من الأعماق..أعماق الطفل..الطفل هنا هذا الفنان الذي تخير حكاياته من أزمنة حيث لا حلم و لا نظر بغير السمو نحو الجمال يمنح المشاهد و الأمكنة علوها الآخر ..

انها رحلة الفن تقترح جماليات التفاصيل ..تفاصيل الحياة التي جعل منها صاحبنا مراحل لاحتضان ولعه الفني الجمالي وفق تحولات و تطور ضمن وجدانه التشكيلي في عالم تنوعت متغيراته و أحداثه ليزداد يقينه رسوخا بمجالات الفن الملونة و دورها في نحت كيانه و تاصيل فكرته المبثوثة في لوحاته و القائلة بالرسم و التلوين و النظر العميق للعالم القريب و البعيد..انه نظر بعين القلب لا يطلب غير بهجة لا تضاهى في اثر العمل الفني..في اقتفاء أثر أسئلة البراءة الأولى..أسئلة الجمال و الابداع .

من هنا نمضي مع فناننا صاحب السنوات من التجربة ..صاحب الحلم الملون..و نعني الفنان التشكيلي نصر الدين العسالي...هو فنان كابد متقلبات الحيات و عاش مبتسما حالما هادئا ديدنه العطاء و هو المنحدر من حي تونسي عريق منحه الكثير من الرغبة و الاقدام و المضي قدما في عالم اللون الآسر ...منذ الصغر فتن العسالي بالمشاهد و سعى لرسمها حيث القدر الذي جعله تجاه الألوان ليشهر حبه اليانع و يبدو ذلك الطفل المغامر لتتعدد محاولاته ليصل الى رائق التلوين..هي لعبة الطفولة الباذخة التي قادته بشغف كبير الى الهواية..هواية الرسم و تلوين الفكرة و الذهاب بحب نحو المحاولات لاكتساب الخبرات اللازمة و نحت موقع في مشهد تشكيلي تونسي متنوع التجارب و متعدد التيارات و الاتجاهات الفنية التشكيلية.بين المشاهد و الحالات تنوعت لوحاته بين تجريدية و انطباعية حالمة حيث الأمكنة و منها "السيدة "الحي الذي شهد فسحة أولى من حياته و الزهراء و كل ذلك في ضرب من الجمال حيث تبدو اللوحات حيزا من سيرة فنان هام باللون و مضى يحاوره باتجاه القول بالذات و الآخرين ..مشاهد العسالي ملونة بما يشبه حالات من شعرية اللحظة ..في تعبير باذخ عن عال النظر من فنان حالم تجاه الآخرين.. الناس و الأمكنة و الأحوال... عن البدايات يقول صاحبنا الفنان العسالي "...

منذ صغر سني كنت ميالا الى الرغبة في الاكتشاف و التعرف على الأشياء و معرفة كنهها ..الوالد كان مزوقا و دهانا و في مكان ما بالبيت عثرت على معدات الدهن التي بعمل بها و في سطح المنزل كنت أنظر للمواد متسائلا لماذا لا أرسم مثلا..كان ذلك و عمري تسع سنوات و صرت أرسم و ألون حيث القلم و تخطيطاته التي نمت في داخلي الرغبة و التعلق بالفن التشكيلي..و حين حصلت على شهادة "السيزيام" وجدت من بين ما أهدي الي علبة تلوين من الخارج ..

و من خلال الرسم و التلوين لعدة مرات مع المحو بالطلاسة لاحظت مرة ملامح ملونة لجبل بوقرنين و هذا كان محض صدفة و لاحظت أمي التي كانت تجيد اللغات ومنها الفرنسية و الألمانية قيمة ما لطخت بالألوان و قالت لي " زهيها..زيد لون آخر..و غير ذلك ..." الى أن بدت اللوحة في حالة جمالية مميزة معبرة عن مشهد جميل..و تكرر هذا الأمر بعناد شاب يحب الرسم و كانت ملاحظات أمي مهمة في كل هذا لأتمكن و بعد أسابيع من رسم لوحات بها طبيعة نقية و بيئة نظيفة وفق مشاهد جميلة...كنت أشتري الألوان المطحونة و أخلطها في وعاء بلوري و عملت هكذا في فترة منأسعد أيام عمري بين 12 و 20 سنة..أحببت الطبيعة و رسمتها ..و فعلا الرسم أثر في حياتي و دراستي كذلك ليلة امتحان الباكالوريا كنت الى حدود الفجر أرسم غير عابئ بامتحان مادة الرياضيات حيث نلت عددا مهما هو 19/20...الرسم حدد توجه حياتي و محيطي المهني ..في العمل هددت بالطرد مرات عديدة لاهتمامي بالرسم لتكون مصالحتي عندما أحالوني في عملي على مجال غرامي و هو الفن التشكيلي .لرسم نصرني على واقع مرير و على العالم الآلي و الروتيني و أنصفني في حياتي ..حين بلغت 22سنة من عمري أقمت معرضي الأول ببهو محطة الأرتال بتونس ..و كانت مساهماتي الثقافية مع الفنانين أحمد معاوية و رمضان أولاد عيسى و الحبيب الشريف ونورالدين الرياحي ...و غيرهم و صرنا نعرض عديد المرات و في سنة 1983 كان معرضي الخاص بدار الثقافة ابن خلدون بادارة الشاعر و الاعلامي محمد المصمولي و نجح هذا الحدث الثقافي و تم اقتنا عمل فني لي من فبل اللجنة و قال عني المصمولي في برنامجه شارع الثقافة ".. رغم صغر سنه..أعماله كأعمال كبار الفنانين ..." و كانت الشهرة آنذاك لها ضريبة بين الأصدقاء...

كانت تضحيتي لأجل عائلتي بالتوازي مع الممارسة الفنية ..ثم كان معرضي بدار الثقافة ابن رشيق سنة 1984 و اقتنت اللجنة برئاسة الفنان و الأكاديمي الحبيب بيدة عملا من أعمالي المعروضة و تطورت تجربتي مع المعارض الخاصة و الجماعية لتصل أعمالي الى خارج تونس و قد عملت على تكوين ذاتي فصرت أقتني الكتب المتصلة بالفن التشكيلي و طورت تجربتي ..و تعلمت الكثير...كنت أرسم و أبيع و ليست لي مشكل في تسويق أعمالي ..أحببت عالم الفن و الرسامين و كانت علاقاتي معهم انسانية ..الرسم كان عندي حب كبير لا يضاهى..الرسم عنوان الفنون و في مقدماتها ..الرسم لا يحتاج الى رجمة ..هو عابر للجغرافيا..الفن ينمي المجتمعات و يدعم اقتصادياتها و حياتها ..الرسم هو حلمي ...". هكذا غنى بالكلمات الفنان العسالي مبرزا صلته الوثقى بفن التلوين...تجربة الفنان نصرالدين العسالي فيها الكثير من الشجن و الدأب و الحب و المعاناة..فيها حكاياته الأولى لحظات طفولة عابرة ليظل الطفل مقيما بداخله يتخير له الرسم و الألوان..و لون الحلم..و الأغنيات...هذا بعض من ملامح التجربة لدى العسالي و السيرة و المسيرة في انتظار معرضه الشخصي خلال مارس 2022 برواق الفنون علي القرماسي بشارع شارل ديغول بالعاصمة و التابع لوزارة الشؤون الثقافية.

حول الموقع

سام برس