بقلم/ احمد الشاوش
قال الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه ، لوكان الفقر رجلاً لقتلته بعد ان رهن درعه عند يهودي ، وماذا كان سيقول اليوم لو ان الاولياء قطعوا مرتبه وتشردت اسرته عليها السلام.

وقالوا ان الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز كان يطفي الشمعة عند الانتهاء من القيام بإعمال المسلمين حفاظاً على اموال بيت مال المسلمين ، بينما شياطين الانس والجن اليوم يشترون ربط القات ويأكلون بآلاف الريالات ويشغلون مواطير الدنيا والآخرة من بيت مال المسلمين وقوت المواطن بالمجان.

وقيل ان الخليفة ابوبكر الصديق رضي الله عنه انفق أمواله في سبيل الله ، فكيف لمؤمني العصر الحديث أن يلهفوووو الجمل بما حمل تحت عنوان الغنائم والهزائم ، دون ان يعلموا ان الدولة حقوق وواجبات وان كل راعي مسؤول عن رعيته.

وفي ظل الثورات والانقلابات والفتن والفوضى السياسية ، يظل سيناريو جريمة قتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو يقرأ القرآن ثقافة متوارثة لدى البعض ودليلاً على الطغيان والبُعد عن الله في سبيل الوصول الى االسلطة .

ويروى ان معاوية بن ابي سفيان بَرَم الامام علي عليه السلام بالسياسة ووزع قرشين للمشايخ والقبائل، وان معاوية أستمال الامام الحسن بن علي بن ابي طالب عليه السلام بعد ان اغدق عليه المال وحفظ له كرامته بين القوم مقابل الطاعة وعدم الخروج عليه ، ليؤسس مدرسة لشراء الذمم والاصوات ، وكأن التاريخ اليوم يعيد نفسه .

بين الامس واليوم:

والمواطن اليمني المنصف والمجرد من أي أهواء سياسية ومناطقية ومذهبية يدرك ان الماضي أفضل من الحاضر ، وان الامس افضل من اليوم ، وان عجلة التنمية والتقدم كانت تجري على قدم وساق في كافة مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والصناعية والعلمية والاجتماعية والتكنولوجية،،.

لقد درس السواد الاعظم من اليمنيين في مدارس وجامعات الجمهورية اليمنية مجاناً ، وحصل آلآف الطلاب والعسكريين على الفرص النادرة والمنح المجانية في كافة دول الشرق والغرب وعادوا للمساهمة في بناء الوطن بروح معنوية عالية ..

شاهدنا استخراج الثروة النفطية والغازية في زمن النباش الاول رغم ضغوط " الشقيقة الكبرى" ، وعاصرنا الكثير من منجزات بناء شبكات الطرق والكهرباء والاتصالات والمستشفيات والجامعات والمعاهد والمدارس والجسور والانفاق والمياه والمؤسسات والمباني الحكومية وغيرها.

كان للمواطن اليمني قيمة وهيبة وسمعة واعتبار على مستوى الداخل والخارج ، بينما أصبح اليوم مجرد من الحقوق في الداخل وتائه في الخارج وجائع ومشرد يبحث عن العيش والامن والاستقرار .

والانسان المنصف يُدرك ان اليمنين جسدوا حرية الرأي والتعبير ومارسوا الديموقراطية ، وقادوا حملات انتخابية وتنافسوا في الانتخابات وكان الصندوق هو الفيصل للحفاظ على الدولة والامة رغم وجود بعض السلبيات والتجاوزات والصفقات ، اما اليوم فنحن خارج اطار التاريخ.

كان لنا أحزاب وقادة وصحف ومجلات وبرامج وسياسات وعلاقات وتحالفات وانجازات ، لم يحافظ عليها كبار القوم وصغار اللعبة السياسية حتى فقدنا كل شيء وخرجنا من الافق المضيء الى النفق المظلم.

والقارئ للاحصائيات الرسمية يُدرك مدى الفرق الكبير بين الامس واليوم ، حيث تم قبل أزمة الربيع العربي بناء 16200 مدرسة خلال 33 عاماً في زمن الرئيس علي عبدالله صالح في كل المدن اليمنية تضمنت آلاف الفصول والمكاتب والادارات والمعامل وقاعات الرسم والموسيقى والنشاط الرياضي وتم رفدها بالمعلمين والمعلمات والكتب المدرسية المجانية والمرتبات المنتظمة لتحقيق الهدف الاسمى في التعليم المجاني لكل ابناء الشعب.

بالامس القريب تخرج آلاف الاطباء والمهندسين والاكاديميين والقضاة والمحامين والاعلاميين والمدرسين والسياسيين والضباط والفنانين والرياضيين والعباقرة والمخترعين والمبدعين من كافة شرائح الشعب اليمني دون استثناء بعد ان وجدوا الفرصة وذابت كل الاعراق والاجناس والثقافات في بوتقة الدولة.

اليوم يتباكى الجميع على هدم البيت اليمني ومازال البعض منا قلبه معبأ بالحقد ويريد ان يصفي حساباته مع ميت أو مخطوف او سجين أوقبيلة او حزب أو قرية أو مسؤول أويحاول طمس تاريخ فلان ومنجزات ومقدرات علان رغم انها قد نُقشت ووثقت في صفحات التاريخ ، وبمجرد لمسة زر قوقل يأتيك بالخبر اليقين.

اليوم ظهرت طبقة غريبة عجيبة من اللصوص الذين تحولوا الى اغنياء بقدرة قادر ، حيث نشاهد الصراع على الاراضي و بناء الابراج والقصور والفلل والعمارات والعقارات والشركات والمضاربة والارصدة والتلاعب بالدولار وشركات الصرافة وغسيل وتبييض الاموال، بينما ضاعت وسقطت رؤوس الاعمال الحقيقية وماتبقى تحت الخطر في غياب الدولة.

قبل " النثرة" ، كان سعر دبة الغاز 1200 والبترول 3500 والديزل 3000 ، والبر 4000 والدقيق 4500 والزيت 1200 والكيس السكر 7000 .

بعد البطرة وقلت العقل وسقوط الاخلاق أرتفعت اسعار البترول الى 40 ألف والغاز 20 ألف ريال في السوق السوداء واسمع لك من طوابير ومصايحة ومضرابة ومدكامة ورشاوي ورقدة أمام المحطات وبهذهلة لا اول لها ولا آخر.

وكله يهون إلا ان تتحول الحكومة الى مجرد يافطة وقاطرة للفساد وشاهد زور على الاشادة بتلاعب التجار.

والطريف ان الموظفين بلا رواتب مع لعبة من غاب سقط اسمة بينما بعض المؤسسات تصرف للموظفين رغم ان الجميع تبع الدولة في صنعاء وعدن وغيرها ، ومازلنا نتذكر مظاهرات الحزب الاشتراكي في عدن أيام زمان " تخفيض الراتب واجب" ، بينما اصحابنا قطعووووة .

كما ان قضية الكتاب المدرسي المختفي من المدارس الحكومية قد أرقت كل أسرة وكلفتها الكثير في حين انه متوفر في المدارس الخاصة ويباع على قارعة الطريق ومع ذلك لم يُحرك وزير التربية ساكناً.

كما ان لسان حال اليمنيين اليوم يقول ان خير وشر بيت هائل سعيد انعم واخوان ثابت والحباري والكبوس وفاهم وجلب وغيرهم وصل الى كل بيت بإكثر من تسعيره غيرقانونية وجرعة أدمت الشعب اليمني ورغم ذلك يصدم الشعب اليمني بإشادة رئيس الوزراء بن حبتور بالتجار الذين خلسوا جلد المواطن والحكومة التي تتلذذ بإصوات الجوعى.

ليكتشف المواطن ان العدالة والمساواة مجرد شعار ومصيدة حولت المواطن اليمني الى هيكل عظمي ، تتسابق المنظمات الحقوقية والانسانية وطلاب الطب الى دراسته بعد تشليحة.

والمواطن البسيط يعلم ان فن التخسيس وصل الى قرص الروتي والكدمة والرغيف الرشيق وحوله الى وزن الريشة وبدون مكملات غذائية برعاية وزارة الصناعة والتجارة وهيئة المقاييس ووحماية المستهلك.

وعلى وقع مقولة أخي المواطن نحن في خدمتك ، لقد أختصرنا لك المسافات وجهزنا لك جيش من موظفي الزكاة والضرائب والجمارك ومندوبي الفرز والمحاسبين للجباية على مدار الساعة ، فلا داعي للحساسية وفقدان صوتك.

ومن نعم اليوم ان الراكب يسير من صنعاء الى حضرموت متجاوزاً النقاط والدشم وقطاع الطرق والمطبات ، لايخاف على نفسه وماله إلا من الذئب ، بعد ان تحولت اليمن بكاملها الى ذئاب تنهش المواطن الشريف على مدار الساعة.

ومن مشاهد الافلام الهندية اليوم ان المرأة اليمنية صارت تركب الدراجة النارية على جنب وفي حضنها طفلين ، بينما المرأة الخارجية صعدت القمر!!؟

ومن غرائب الزمن ان الطلاب والطالبات يقطعون المسافات بالاقدام في مارثون يومي الى الجامعات لحضور الدروس والاختبارات بسبب شيطنة انعدام البترول وارتفاع الاسعار ، ومع ذلك بدأت تباشير بتخصيص باصات للنقل تحت عنوان " تكافل" نأمل ان تزيد وتستمر.

ومن المفارقات العجيبة ان سعر الكيلو الكهرباء قبل الثورة 7 ريال ، وبعد التحرر وصل الى 450 ريال في دليل على فوضى بلاحدود.

ومايلفت انظار المواطنين اليوم في صنعاء وغيرها من المدن رفع سلاح مقاطعة المنتجات والبضائع السعودية والاماراتية والامريكية والاسرائيلية بينما منتجات تلك الدول وقواطر التجار تدخل الى كل مدينة وتغزو كل بطن ، المهم الجمارك والضرائب وحق بن هادي!!؟

أخيراً. الفرق بين الامس واليوم كبير جداً ولامقارنة في المنجزات والخدمات والحقوق والامن والاستقرار والحريات ، فهل يتق الله حكام اليمن في المواطن.. مالم " فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِه ".

حول الموقع

سام برس