بقلم/ الدكتور / علي أحمد الديلمي
على الرغم من قلق السعوديين الواضح بشأن تضاعف قوة الحوثيين وسلطتهم على الدولة في اليمن إلا أنهم قلقون أيضًا من أن تواجدهم في اليمن في أنحسار مستمر وقد يكون السبب هو تراجع نفوذهم في داخل اليمن بسبب بعض السياسات الخاطئة التي ظلت تتبعها السعودية تجاه اليمن .

ظلت السعودية تعتمد داخل اليمن على بعض النخب السياسية والعسكرية والقبلية التي لم يعد لها أي تأثير على الأرض وأصبح معظم هذه النخب أما في السعودية أو تركيا أو غيرها من الدول يعتاشون على مايحصلون عليه من مرتبات من السعودية وبالتالي لم يعودو قادرين على مكاشفة السعودية بحقائق الأمور والأخطاء التى وقعت فيها جراء كثير من سياساتها تجاه اليمن بالا ضافة إلى أن من كانت تعتمد عليهم لم يعد بمقدورهم السيطرة عن بعد على كثير من الأحداث داخل اليمن كما أنها لم يكن لديها وسائل للاتصال بجميع اليمنيين مما خلق فجوة كبيرة وعدم معرفة عند صناع القرار في السعودية بطبيعة الوضع الجديد على الارض في اليمن وأهمية هذه التغيرات التي حدثت في داخل المجتمع اليمني .

كما أن السعوديين بدلا من أن يكون لهم نفوذ في أوساط القوى والمكونات التى على أرض الواقع من خلال التطبيع السياسي والاقتصادي ودعم مؤسسات الدولة من خلال برنامج شراكة أستراتيجي واضح الاهداف يؤكد على أهمية المصالح السعودية في اليمن وكيفية تطويرها وتنميتها من خلال الوسائل القانونية والتنموية مما يعطيها الأفضلية والأولوية لدى صناع القرار وعموم الشعب اليمن.

وحرصًا منها على استعادة نفوذها في اليمن أعلنت السعودية عاصفة الحزم لدعم السلطة الشرعية والرئيس هادي و استأنف السعوديون وكثفوا دفع الرواتب التي تم إيقافها لفترة قصيرة خلال المظاهرات في ربيع عام 2011 من أجل أستقطاب ومساعدة كثير من السياسين وأصحاب الرأي والاعلاميين والعسكريين والحزبيين والمشائخ بعد هجرة الكثير منهم بسبب الحرب .

إن أستمرار السعودية في حرب اليمن والأعمال العسكرية والغارات الجوية المستمرة لا يمكن أن تؤدي إلي أي حل أو حسم على الارض وإنما مزيد من الضحايا والدمار والخراب والسعودية هي أكثر الدول المتضررة من أستمرار الاعمال العسكرية والحرب في اليمن ومن خداع وأستغلال الاطراف التي تتحالف معهم في اليمن الذين يناصبوها العداء تاريخيا وينظرون إلي أموالها قبل مصالحها ولايمكن أن تخرج السعودية من اليمن إلا من خلال البدء في صياغة أستراتيجية جديدة تتعامل مع الواقع في اليمن وطبيعة المتغيرات التي تجري على الساحة الاقليمية والدولية وتحقق لها مصالحها بطرق سلمية كما يعمل الاخرين

أن أستمرار الحرب في اليمن ستكون لة نتائج كارثية علي أمن السعودية واليمن وكل دول الخليج حيث سيظل اليمن ساحة لتصفية الحسابات الخارجية وأستغلال مواردها وعلى السعودية أن تدرك ان الدول الاقليمية والقوي الدولية مجتمعة لديها أسترتيجات معلنة وغير معلنة ستنفذها في اليمن طالما الحرب مستمرة والشرعية الفاشلة مستمرة في فسادها ورغبتها في أستمرار الحرب مما سيؤدي الي أنهاك المملكة العربية السعودية عسكريا وأقتصاديا وستكون اليمن ساحة لصراع أكبر سوف يغير في الخارطة السياسية في المنطقة بأكملها.

كما أن الإيرانيين يهدفون إلى زيادة نفوذهم في اليمن لمعرفتهم أن كثير من اليمنيين لا يثقون بالسعوديين لان الكثير يُنظر إلى الرياض على أنها تعمل فقط على إنشاء نظام متعاطف جديد معها في صنعاء وبالتالي هناك العديد من المكونات في البلاد التي تقبل أن تحصل على مساعدات من إيران ولايخفى على أحد أن هناك علاقات تقيمها إيران والحوثيين وتنسيق وتحالف مع اليساريين والليبراليين المتخوفين من القوة التي قد يكتسبها الإسلاميون السنة في اليمن .

وبالنظر إلى العواقب المدمرة للغاية لاستمرار الحرب على حدودها هل هدف المملكة العربية السعودية الآن هو يمن مستقر وليس يمنًا ضعيفًا بعد وقف الحرب ؟

بعد دعوة مجلس التعاون الخليجي الاطراف اليمنية للتشاور في نهاية مارس 2022 الجاري يبقي ماهو الأهم الان بالنسبة للسعودية ودول الخليج من مايدور في المنطقة وحجم المخاطر التي تهدد الجميع وبالخصوص حرب أوكرانيا وفي سبيل مواجهة هذه التهديدات عليها أن تعمل علي دعم الحل السياسي في اليمن لان مساعدة اليمنيين على التوصل إلي حل والبدء في الإصلاح والتطوير والتغيير الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية كل هذه الأمور سوف تؤدي إلي التعامل الواقعي مع مايحدث في الساحة اليمنية و إزالة كل أسباب التوتر السياسي والأمني وبدء الحوار السياسي مع كل المكونات السياسية اليمنية بما فيها المجلس الإنتقالي الجنوبي وأنصار الله إضافة إلى ضرورة المساندة السياسية والدعم الاقتصادي للوضع في اليمن وهو ما يُشكل مرحلة جديدة للتغلب على اثار الحرب والخروج منها بما يكفل الحفاظ على أمن اليمن والمنطقة بشكل كامل وأن لا تظل المنطقة رهينة للصراعات الاقليمية الدولية التي أستهلكت معظم مواردها.

أما اذا كان الهدف من هذه المشاورات هو تأكيد حضور ونفوذ وتأثير السعودية داخل اليمن وسيطرتها على كل الاطراف التي ستحضر المشاورات من أجل الخروج بإعلان سياسي الهدف النهائي منه تأكيد أن السعودية جهة محايدة وتريد من الحوثيين الموافقة على أن تكون الرياض هي الراعية للسلام في اليمن بينما الحوثيين يعتبرون السعودية طرف رئيسي في هذه الحرب .

ان أستمرار التعامل مع مايجري في اليمن بحلول جزئية وتحالفات مهترئة تزيد من حالة عدم الاستقرار وتضع المنطقة في حالة توتر دائم لأن مثل هذه الحلول الترقيعية تنتهي بمجرد مغادرة المشاركين .

يظل السلام هدف كل الشجعان والخيرين بما يحقق الاستقرار والتعاون وفق رؤيا سياسية واضحة تحفظ كرامة وحقوق جميع الاطراف.

سفير بوزارة الخارجية

حول الموقع

سام برس