بقلم/ الدكتور / علي أحمد الديلمي
التجاذبات العرقية والمناطقية والمذهبية في اليمن تنتهي مع بناء الدولة؟؟؟

وصلتني رساله من شخص أحترمه كثيرا عن مقالي السابق كراهية الهاشميين وله ملاحظات أتفق معها وأعيد تضمينها في هذا المقال :

"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مساء الخير اخي علي

كلام جميل ومنطقي

ولكن نحتاج الان نصيحة أخرى للهاشميين أن يرحمو غير الهاشميين وان يعدلون وان يساوون بين الهاشميين وغيرهم في الوظائف والأرزاق والقضاء فالناس يشعرون انهم أصبحوا درجة ثانية وأصبحت الوظائف الكبيرة كلها للهاشميين وان وجد وظيفة كبيرة لغير هاشمي جعلوا له نائب هاشمي هو الكل في الكل أصبح للهاشميين مساحة أكبر بكثير من حرية الكلام عن غير الكلام الذي كنا نسمعة
عن العهود الماضية ولم نكن نصدقة الان نشاهده لذلك لا بد من النصح للجميع لكي نثبت للجميع أن حكم الهاشميين أكثر عدل واكثر رخا فية المساواة ولا فرق بين عدناني أو قحطاني مواطنة متساوية))

أتفق مع جوهر الفكرة لافرق بين عدناني أو قحطاني وأن يكون هناك مواطنة متساوية وحقوق مكفولة للجميع دون أي تمييز لأي سبب كان

لكن يظل هناك اليوم خلط كبير بين الحكم والسلطة والتمييز العرقي فالهاشميون ليسوا عصبية و لن يكونوا للذي يفهم التركيبة القبيلة اليمنية لان القبيلة في اليمن هي عصبية لا تقوم على السلالة وإنما هي عصبية جغرافية واصبحت في وقتنا الحاضر عصبية مصالح وهكذا بالنسبة للهاشميين ولكل الأعراق في جميع المناطق اليمنية هم جزء من عصبيتها الجغرافية فالهاشمي من إب هو هاشمي إبي ومن حضرموت حضرمي ومن تهامة تهامي ومن تعز تعزي ومن صعدة صعداوي ومن مأرب ماربي وهو من بكيل بكيلي ومن مذحج مذحجي ومن يافع يافعي ومن الضالع ضالعي وحتى على مستوى الأحزاب فكل هاشمي يمثل الحزب الذي ينتمي إلية وهذا ينعكس على كل مايجري في اليمن ومسألة التعميم يتم فيها ظلم كثير من الناس لايتحملون مسؤولية كثير من مايحدث من ممارسات وأخطاء

فكما نعرف جميعا أن السلطات اليوم في اليمن أصبحت سلطات متعددة وكل سلطة من هذه السلطات لا تقوم إلا بتعيين المواليين لها سواء عرقيا او مناطقيا أو حزبيا او مذهبيا وكلها قواعد خاطئه تزيد من حالة التفتيت والانقسام داخل المجتمع اليمني وكان الاجدر من الجميع التعامل بقواعد تحقق العدالة والقانون وتكون مقبولة من الجميع

في الفترة الأخيرة طالعت الكثير من الكتابات لبعض الإخوة من النخب السياسية والثقافية والدبلوماسية اليمنية وكلها تتمحور حول موقف كثير من الهاشمييين حول مايحدث في اليمن وأن سكوت الغالبية من الهاشميين هو دليل علي أنخراط الهاشميين مع الحوثيين او التعاطف معهم طبعا مثل هذة الكتابات والأطروحات غير واقعية وتزيد من الانقسام المجتمعي وتجعل الكثير ينظر الي الهاشميين كفئة تمثل تيار واحد وأنها مختلفة عن الآخرين وهذا لايجوز لان الواقع والحقيقة أنة من خلال هذا الشحن الطائفي يتم استهداف كثير من الهاشميين بقصد أو بغير قصد والواقع أنهم يمنيين وفئة اجتماعية مثلها مثل غيرها من الفئات الاجتماعية والقبلية في اليمن وتتواجد في كل المكونات ومع بالغ الاسف بعض الأحزاب والقيادات كرست خطاب الكراهية من أجل أهداف تتعلق بالسلطة والحكم مع عدم ألادراك في أثار وتبعات مثل هذه الخطابات والسياسات التي تساهم بها في مزيد من التفتيت الاجتماعي والسياسي داخل أوساط اليمنيين بمختلف شرائحهم الاجتماعيه والسياسية

الهاشميون يمنيون من أبناء ألشعب اليمني ساهمو في كل أحداث اليمن التاريخيه مثلهم مثل غيرهم من كل أبناء اليمن وهم متواجدين في معظم المكونات اليمنية لقد ورث الشعب اليمني تقاليد وعادات
اجتماعية قديمة للغاية تعود إلى عصور ما قبل الميلاد ولابد أن الجميع لم يعد ينسجم معها فبدلا من أن يساهم الجميع في بث خطاب الكراهية والعصبية والمناطقية فإن واجب الجميع هو في تأسيس الدوله والإجماع حولها وتطبيق القانون على جميع اليمنيين وفقا للقانون ودون الاعتماد على أي مسميات أخري من أجل خلق واقعٍ جديد يحمل آمال وتطلعات اليمنيين في هذا الوقت المأساوي الذي تمر فية اليمن بكثير من الصراعات الداخلية والخارجية التي أسفرت عن إراقة دماء المدنيين الأبرياء. وتدمير البلد وألحقت هذه النزاعات الواسعة الضرر الشديد بعلاقات اليمن على الصعيدين الإقليمي والدولي

نجحت العصبيات في تدمير النظام المشترك بين جميع اليمنيين وأصبح النظام قائم علي الدفاع عن القضايا المناطقية والعصبويه من جميع القوي السياسيه والحزبيه وتشهد اليمن اليوم في ظل الحرب وغياب سلطة الدولة الواحدة إلي أكبر إنقسام سياسي ومناطقي وأجتماعي ومذهبي .

تاريخ اليمن مثقل بالصراعات القائمة علي الغلبه فالصراع المللكي الجمهوري أستمر من بعد ثورة 26 سبتمبر وحتي قيام الوحده اليمنيه في عام 1990 وكل ذلك الصراع أستمر بسباب غياب العوامل المشتركة وفساد الأنظمة السياسيه التي تداولت السلطه ولم تعمل على بناء الدوله بناء حقيقي قائم علي أهداف الثورة وإنما تم الاعتماد في الحكم على العصبوية ومارافق ذلك من الهيمنة من فئات معينه في الشمال على سلطات الدوله العليا والحكم وتهميش فئات بعينها وأصبحت مناطق مثل تهامه وتعز ومايسمي اليمن ألاسفل أكثر خضوعا وتهميشا

بعد الوحده اليمنيه كان هناك تفأول كبير من معظم اليمنيين بإن الوحده هي الحلم الذي من خلاله سيكون هناك دوله يمنيه ديمقراطية فيها من النظام والعداله مايحقق العيش المشترك بين جميع اليمنيين ولكن ماحدث هو العكس حيث أشتد الصراع بين شركاء الوحده وأخذ طابع مناطقي عصبوي حتي حرب 94 التي كانت السبب في تزايد نقمة الجنوبيين ضد كل ماهو شمالي بسبب ممارسات الشماليين في الجنوب وإستبعاد الجنوبين وإقصائهم من مناصب الدوله حتي أصبحت مطالب الجنوبيين وقضيتهم جوهريه وتهم الجميع بالاضافه إلي قضية صعده في الشمال وأثارها كل ذلك يعطي صوره واضحه الي أنه لم يعد هناك دوله يقتنع بها كل اليمنيين يمكن أن تحقق لهم العدل والمساواة

أحداث الربيع العربي في عام 2011 كانت نتائجها تأكيد للثقافة العصبوية التي بداءت تتشكل في اليمن وبشكل مخيف بعد أجتماع الجميع علي أزاحة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وتحميلة مسؤولية كل ماحدث وبعد رحيله وفقا للمبادرة الخليجية ووصول نائبه الرئيس الحالي عبدربة منصور هادي والذي كان مهندس الحرب ضد الجنوب في عام 94 مع علي محسن الاحمر تمكن هادي بعد توليه الرئاسة بالتحالف مع حزب الإصلاح والناصريين والحزب الاشتراكي بتشكيل حكومة الوفاق الوطني مناصفة مع حزب المؤتمر الشعبي برئاسة السياسي المخضرم الاستاذ محمد سالم باسندوة والذي أستقال من رئاسة الحكومة بعد دخول الحوثيين الي صنعاء بعد الخلافات التي حدثت في مؤتمر الحوار الوطني وإتهام هادي وحزب الإصلاح بالهيمنة علي الدولة وسلطاتها وأستبعاد الآخرين ومارافق ذلك من خطاب إنتهاء حكم الهضبة الزيدية وبداية لمرحلة حكم الشوافع والمناطق الجنوبية.

تمكن هادي من ضرب الفرقاء السياسين بعضهم ببعض من أجل مصلحته الخاصة وبداء في ممارسة نفس السياسه العصبوية وهيكل الجيش وأبعد القيادات الشمالية من معظم المناصب إلهامه والسفارات حول العالم إلا من بعض الشخصيات الديكورية من الشمال مستغلا الدعم الدولي والإقليمي ودول التحالف له .

والحوثيين اليوم هم المسيطيرين علي مؤسسات الدوله في العاصمة صنعاء ويحكمون قبضتهم علي معظم مناطق الشمال وتتحكم في تسييرهم لأمور الدولة نفس الثقافة العصبيه المسيطره على كل من يتولي الحكم في اليمن حتي أصبحت معظم المناصب الهامه في مناطق سيطرتهم لشخصيات من صعدة وبعض الشخصيات القبلية أو الموالين من الهاشميين وغير الهاشميين والمقربين مع الاستعانة ببعض الشخصيات الكومبارس

وفي الجنوب تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي من السيطرة علي معظم المناطق الجنوبية وسلطات الدولة فيها وأعتمد نفس السياسة القائمة علي العصبية والمناطقية وإستبعاد كل ماهو شمالي أوله صله بالشمال .

وفي مأرب تمكن حزب الأصلاح وعلي محسن الاحمر والشماليين المتحالفين مع الشرعية من السيطرة على مأرب وبعض مناطق الجنوب والشمال ويحكمون فيها بنفس الأبعاد الحزبية والعصبية والمناطقية

ومايتم في الساحل الغربي وفي حضرموت والمهرة لا يبشر بإي أمل في أستمرار سلطة الدولة الموحدة.

إن هذه الثقافه الجديدة القائمة علي العصبوية في اليمن ستعمل علي إعادة إنتاج هذه ألقوه على حساب الموطنين الذين يملكون الطموح والكفاءة ولا يملكون العصبيه لكن العصبيه تبقي غيرمؤثرةفي مؤسسات الدولة الحديثة تأثيرا ملحوظا طالما النظام البيروقراطي قوي ويحقق أهدافه العامة ويحقق مصلحة جميع المواطنيين لكن عندما يختل النظام البيروقراطي وتغيب الدولة وتعجز عن تحقيق الأهداف العامة تنخر العصبية كالسوس في عظم الدولة ويتولد عن هذا الوضع المتخلف ظهور عصبيات جديدة
لجماعات متحالفة داخل كل مؤسسه من مؤسسات الدولة مهمتها الأساسية تحقيق مصلحة الجماعة التي تنتمي إليها بطريق مشروع أو غير مشروع وتعمل علي الاستفادة القصوي من كل شئ

اليمنيين اليوم بحاجه إلي العمل الجماعي المشترك في محاربة كل اشكال التمييز والمحسوبية والعصبية وفي بناء دولة المؤسسات والنظام والقانون التي تحقق العدالة والأمن والاستقرار للجميع وهذا هو المطلب الذي يشترك فيه كل اليمنيين

أن الاجواء العامة في هذه الفترة تبشر ببعض الايجابيات وهناك تحركات أيجابية علي مختلف الأصعدة من أجل السلام ووقف الحرب وفي تقديري أن مثل هذه الجهود والتحركات هي المدخل الأساسي لبداية الحل السياسي الشامل في اليمن.

وهذا لن يتم إلا من خلال الوعي والإدراك من جميع الاطراف والمكونات اليمنية بأهمية الحوار من أجل الوصول إلي حلول شاملة يكون هدفها بناء الدولة ووضع الأسس القويه في بقاءها من خلال بناء المؤسسات بشكل علمي ووطني بعيدا عن ممارسات الماضي المتخلفة في الإقصاء والقهر وعلي اليمنيين جميعا التماسك والضغط علي كل من أوصلهم الي هذا الحال فالعالم يتغير والشعوب تتغير وتطالب بحقها من أجل الأفضل لها في الامن والسلام والحياة الكريمة

سفير بوزارة الخارجية

حول الموقع

سام برس