سام برس
في بيت الشعر بالشارقة.. تلوينات شعرية ادبية بالعدد 34 لمجلة "القوافي" الشهرية..وأمسية شعرية سورية عراقية بقصر الثقافة

شمس الدين العوني

صدر عن بيت الشعر في دائرة الثقافة بالشارقة العدد 34 من مجلة "القوافي" الشهرية؛ وجاءت افتتاحية المجلة تحت عنوان "الشعر العربي والصورة والرمز والخيال" وفيها: لا يزال الشعر العربي يشغل الباحثين في قضية صموده وخلوده، وأسباب هذا البقاء الذي جعله يحمل الدهشة التي لا تشيخ، والجمال الذي لا يبلى.

وما أسهم في هذا التوهّج، تحليق الشعراء في عالمٍ لا تطؤه أقدام غيرهم؛ فالرؤية الشعرية المتمثلة في الصورة والرمز والخيال، والتقاط المشاهد البعيدة، أسهمت بشكلٍ كبير وحقيقي، في بقاء ديوان العرب في سماء تطلّ على الكون بضوء الشعر، وتسقط على الذائقة مطر القصيدة، فتعشب القلوب والمشاعر، وتنمو أغصان المعاني، وتثمر أشجار الكلام.ونقرأ في إطلالة العدد الذي جاء بعنوان: "البُعد الرمزيّ في القصيدة العربية.. سرّ دهشة الشعراء" وكتبها الشاعر عبدالعزيز الهمامي.

وتطرق العدد في باب "مسارات" قصائد الشعراء للأطفال، وكتبته الشاعرة الدكتورة حنين عمر، وكذلك تطرقت الشاعرة منى حسن إلى سيرة الشاعر السعودي الراحل علي الدميني.وتضمن العدد لقاء مع الشاعر المغربي الدكتور محمد علي الرباوي، وحاوره مخلص الصغير.وهناك استطلاع للشاعرة نجاة الظاهري حول رأي الشعراء حول قصائدهم القديمة وتغير قناعاتهم حولها.في باب "مدن القصيدة" كتب الشاعر الإعلامي عبدالرزاق الربيعي عن مدينة "بابل" العراقية.وحاور الشاعر الإعلامي المختار السالم في باب "أجنحة" الشاعر الموريتاني محمد المختار محمد أحمد.وتنوعت فقرات "أصداء المعاني" بين حدث وقصيدة، ومن دعابات الشعراء، وقالوا في، وكتبها الإعلامي فواز الشعار.

في باب "مقال" كتبت الشاعرة لينا المفلح عن الشعر العربي بين الأصالة والتجديد، كما تطرق الشاعر خالد بودريف إلى دلالة اللباس ورمزيته في الشعر العربي.في باب "عصور" كتبت الإعلامية فوز الفارس عن سيرة الشاعر النابغة الذبياني.. مبدع فن الإعتذاريات.

وفي باب "نقد" كتب الإعلامي محمد زين العابدين عن دلالة ورمزية الفاكهة في القصيدة العربية.وفي باب "تأويلات" قرأ الإعلامي عز الدين ميرغني قصيدة "ماذا تقول القصيدة" للشاعر السعودي حمد العسعوس، كما كتبت الشاعرة الدكتورة صباح الدبي عن قصيدة "بيتنا العجوز" للشاعر عبدالسلام العبوسي…باب "استراحة الكتب" تناول الدكتور سعد التميمي ديوان "أخضرٌ يتهجّى الحياة " للشاعر أحمد الجميلي.

وفي باب "الجانب الآخر" كتب الدكتور أحمد شحوري عن "الشعراء القضاة".وزخر العدد بمجموعة مختارة من القصائد التي تطرقت إلى مواضيع شعرية شتى.واختتم العدد بحديث الشعر لمدير التحرير الشاعر محمد البريكي بعنوان: "الشاعر وأحلام منتصف العام" وجاء فيه: لقد تقصّى الشاعر كثيراً الاحتمالات التي قد تحدث في منتصف العام، وفتح عينيه، وذهب باتجاه البحر والمقهى، وانتظر معجزته في غرفة خاصة، بعيداً عن أعين الناس؛ لكن الشعر كان له بالمرصاد، وفرش أوراق الشجر، وأحضر عدّة الصيد، وفتح جميع الحدود لكي يواصل الشاعر، من دون مراعاة الهدنة التي يطلبها في كل عام. ولم يكن بمقدور الشاعر سوى أن يُغمى عليه أمام تدفق الخيال، ويقول مئة قصيدةٍ في وقت قصير على الرمال…

عدد جديد تتجدد من خلاله تناولات الشعر و النقد و المقالات وفق حيوية الشعر و ماجاوره من فنون و ابداعات و حوارات .
و من جهة أخرى و ضمن نشاط بيت الشعر بالشارقة فقد انتظمت بقصر الثقافة أمسية احتفت بثلاثة وجوه شعرية، وهم د. سعد الدين كليب ومحمد العثمان من سوريا، و د. عارف الساعدي من العراق،. بحضور محمد عبدالله البريكي مدير البيت، وقدم الأمسية الإعلامي السوداني عصام عبدالسلام.

وغرد الشعراء المشاركون على غصون القصيدة، فشنفوا أسماع الحاضرين بأجمل الأنغام، وعطروا الأجواء بأريج المعاني، وقال محمد البريكي: «استطعنا من خلال هذه الأمسية أن نستعيد الزمان من خلال المكان، فهذه القاعة شهدت في يناير/ كانون الثاني 2020 أمسيات مهرجان الشارقة للشعر العربي، وها هي تشهد أمسية شبيهة بأمسيات المهرجان من حيث الحضور الكبير، وانتقاء الشعراء الذين استطاعوا بحضورهم من حشد الذائقة وإغرائها على الحضور».

افتتح القراءات الشاعر د. سعد الدين كليب الذي ابتدأ بقصيدة منحازة للوطن/ الحجر/ البيت/ التراب، في أبيات تجلى فيها عشق الوطن شعراً نديّاً، يقول من قصيدة «تطريز شامي»:
قلبي على حجرٍ في الشام سكناهُ
لو لم يكن حجراً، كنا عبدناهُ
قال النبيّون هذا كوكبٌ عجبٌ
يا ليتهُ بلدٌ يدنو فنحياهُ
فكانَ ما كانَ مما لم يكن قدراً
فسيفساءٌ، بروح الشرق تيّاهُ

أعقبتها قصيدة أثارت فيها الذات الشاعرة تساؤلات وجودية غارقة في التيه والوحدة والحيرة، الذي يحيلنا للفراغ/ العدم/، في وقفة يقفها الشاعر على حافة ذاته متأملاً ضياعها، يقول الشاعر:
وماذا سوف أفعل هكذا وحدي
بوادٍ غير ذي زرعٍ
أجدّف دونما أفقٍ
وأخبطُ تائهاً توّاهْ
هنا لا شيء أفعلهُ
هنا لا شيء غير الأبيض المسفوحِ
أسقط في حُميّاه
ويصلبني على حُمّاهْ
كأني لم أكن من قبل
الشاعر د. عارف الساعدي ابن الأنهار، وشقيق الحزن، الذي افتتح قراءاته بحكاية النهر الذي غدا رمزاً جسّد أوجاع الشاعر التي يهرب منها إلى محاولة التقاط الجمال من حوله يقول:
منذ أن قيل حزنُه لا يُجارى
ذرف النهر دمعه وتوارى
واختفى العشب من يديه وتاهتْ
ضحكاتٌ على شفاه الحيارى
أيقظِ النهر مرةً بعد أخرى
فنعاس الأنهار شيبُ صحارى

كما قرأ الساعدي بعدها مقطعاً من «مدونة إعرابي»، ثم سافر بالحضور في مخيلة الرسام الذي ينظر للعالم من خلال لوحته محاولاً هدم واقع يرفضه ورسم واقع يشتهيه، إلا أن عوالمه تداخلت وتمازجت حتى تلاشى الخط الفاصل بين الواقع والخيال، يقول من قصيدة «ما لم يقلْهُ الرسام»:

رسمت غيماً ولم أرسم له مطرا
لكنّه كسر اللوحات وانهمرا
وفزّز الماء طيناً كان مختبئاً
في لوحتي، ناطراً في صمته المطرا
وكان في الطين حلْمٌ، لو منحت له
وقتاً نديّاً لكانت لوحتي شجرا
لكنه اختلطت ألوانُنا فإذا
هذا الرماديُّ ليلاً يصبغ الفقرا
اختتم القراءات الشاعر محمد طه العثمان الذي افتتح قراءاته بقصيدة مثقلة بالوجع، ومضمخة بدموع الأمهات، عبر «بريد الثكالى إلى الحرب»، يقول:
(الغناءُ) بريدُ الشعوب إلى الوقتِ
حين تطولُ بها الحربُ
وهْو بريد الثكالى إلى الله
حين يحاصرهنّ الحنينُ لأبنائِهِنَّ
بلا أيِّ جَدوى
وحينَ تهمّشُ عذرية «القصفِ» سادية الأعْدِقَاءْ

بعدها وجه العثمان رسالة إلى شاعر بدائي، تنمّ أبياتها عما يجول بخاطر الشعراء منذ الأزل من فخر بأنفسهم وشعرهم، في محاولة انتقاد مبطنة لهذا الواقع، ثم وقف بين يدي المعري في نص جاء فيه:
لأنـني الريح.. لا أحبــو على زلـلٍ
ولن يُـوَسّدَ في أبْـعـاديَ الدنسُ
ها قد وقفت على الأعتاب مبتـهلا
روحي مَعَرّيَة، والقلب مُخـتـَلسُ

وكرم محمد البريكي المشاركين في الأمسية..هذا ضمن فعاليات بيت الشعر بالشارقة بادارة الشاعر محمد عبدالله البريكي حيث تنوع التجارب الشعرية من البلاد العربية وفق اقتراحات البيت لرواده و أحباء القصيدة و جمهور الشعر عموما.

حول الموقع

سام برس