عبد المجيد التركي
كيف سيتقدم العقل العربي وبداخله قداسات وأشخاص وأئمة، وماضٍ زاخزٌ بالعبيد والجواري ورواة الأحاديث الموضوعة وتجَّار الرقيق والفتوحات، ومشايخ الإسلام الذين أصبح كلامهم من الثوابت والمسلَّمات.. وباب اجتهاد مغلق، وباب سقيفة مفتوح حتى اللحظة، وصحابة نضعهم في ميزان الأنبياء، وتابعون أقلّ من أن يتَّبعهم أولادهم، وما زلنا نصلي ونسلم عليهم إلى اليوم ؟!
كلما واجهنا شيئاً جديداً بإمكانه أن يأخذ بأيدينا إلى المستقبل أرجعناه إلى صحراء قريش لنعرضه ونرى رأي السلف الصالح فيه.. وحرَّمنا كلَّ شيء بحجة أنهم لم يعرفوه أو يمتلكوه.. رغم أن الإمام علي بن أبي طالب يقول: علِّموا أولادكم، فإنهم خلقوا لزمنٍ غير زمنكم.. وقال أيضاً في ما معناه: اطلبوا العلم ولو لغير الله، فإنه في النهاية يؤدي إلى الله.
كيف سيتقدَّم العقل العربي ونحن ما زلنا نختلف على مواعيد الأذان وتعجيل الفطور وتأخير السَّحور، وما زلنا مشغولين بنواقض الوضوء ونتف الإبط وقص الشارب.. نأخذ هذه الدروس في خطب الجمعة، رغم أننا قرأناها في الصف الأول الابتدائي "بالشرح والصورة"!!.
ما زلنا نفاخر بالتكاثر لإرضاء نزعاتنا الذكورية، ونفاخر بالأجداد الذين جنوا علينا كثيراً، وحشرونا في آفاقهم الضيِّقة، وحاولوا أن يصنعونا ويشكِّلونا لنصبح مثلهم، دون اعتبار أننا نعيش في زمن غير زمنهم.. وإلى الآن ما زالت جيناتهم تلاحقنا جيلاً بعد جيل.
لن يرتقي العقل العربي ولن يصل إلى حيث وصل الآخرون إلا بتنقية الموروث والتخلُّص من كلِّ الشوائب التي علِقت به وليست في صالح العقل ولا تحترمه.. ونتخلَّى عن تقديسنا للأشخاص وانبهارنا بالألقاب دون أن نضع أمامها علامة استفهام واحدة..
فليس هناك شيء مقدَّس وثابت سوى الله جلَّ جلاله، وأنبيائه، وكتبه، وما عدا ذلك فهو قابل للأخذ والرد.

حول الموقع

سام برس