سام برس
و يبقى الصدى...الدورة (37) للمهرجان الوطني للأدباء الشبان في بعدها العربي :
قليبية تنهض من جديد بمهرجانها الواعد بمزيد التحليق عاليا و بعيدا في سماء الثقافة العربية..
دورة (أدب الرحلة) حيث الكلمة للشبان في عالم معولم تسعد فيه الثقافة بكتابات شبابها بأن تكون الاستثناء و الجمال

شمس الدين العوني

لم تكن قليبية تلك المدينة الأنيقة المعانقة للبحر فحسب..بل كانت و منذ ةحوالي أربعة عقود الحاضنة لمهرجان معني بأدب الناشئة تم بعثه بعد سنة من انطلاق المهرجان الوطني للأدباء الناشئين بحي الزهور الذي شهد نشأة جيل أدبي مهم هو حيل منتصف الثمانينات و التسعينات..و كانت قليبية و منذ تلك الدورة الأولى و في دار الثقافة تحديدا بادارة الفنان التشكيلي الأستاذ محمود قفصية الفضاء السنوي لالتقاء الكتاب من الشعراء و القصاصين و النقاد ضمن أيام للتنافذ و التواصل عبر الابداع الثقافي الأدبي..

أذكر في تلك الفترة حماسة و شغف و دأب كتاب عديدين منهم منير هلال و حافظ محفوظ و مراد العمدوني و يوسف بن حمادي و راضية الهلولي و جميلة بن سعد و بديع بن مبروك و عمار الشافعي و خديحة الجويني و محجوب العياري و الحبيب المرموش و كمال السخيري و علياء رحيم و الحبيب الهمامي و صالح الطرابلسي و عزيز الوسلاتي و عبد الوهاب الملوح و الهادي تليلي و مسعودة بوبكر و نور الدين بن يمينة و بلقاسم اليعقوبي ....و غيرهم وصولا الى الاسماء القادمة من تلك الفترة و الى الآن...

كانت الأمسيات و السهرات الشعرية و الموسيقية و المسرحية و بحضور و مشاركة الشعراء و النقاد الأساتذة نورالدين صمود و أحمد الرمادي و فوزي الزمرلي و مصطفى الكيلاني و سوف عبيد و يوسف رزوقة و المنصف الوهايبي و محمد الغزي ... و كانت الأمور تسير وفق دعم من الجهة و الوزارة بما يحعل المهرجان مريحا و مستريحا ..حضرت دوراته الأولى و كذلك ضمن لحنة تحكيم الشعر و كضيف....و هاأني عدت الآن و خلال الدورة التي اختتمت مؤخرا ضمن لجنة التحكية لمسابقة الشعر...

المهرجان شهد و بشهادة محبيه دورات من الضعف و الفراغ و عدم الجدية ليصبح رتيبا و منسيا ...و خلال هذه الدورة كان هناك رأي عام ثقافي أدبي بكون المهرجان استعاد توهجه و جديته و عنفوان بهائه و هنا لا بد لي من تحية أعضاء لجان التحكين و السيدة سنية فرج التي و الحق يقال أبلت البلاء الحسن لحسن سير الفعالية و منها الفقرات المتعددة و الندوة و هو ما يبقى رهين مزيد من الدعم من السلط الثقافية في الدولة التي لا بد لها من التفكير في استعادة أواعادة بعث مهرجانات أدبية انفرضت في الجهات بفعل اللامبالاة أو الاهمال لقلة الدعم و هي ملتقيات تسهم في الحراك الأدبي و الشعري و النقدي و دغم ما يكتبه الشبان من ابداع شعري قصصي نقدي يتطلب التثمين في جانبه المضيء ..

هذه الدورة الأخيرة كانت مجالا لحكايات و نقاش و هوامش بين الضيوف و أعضاء لجان التحكيم فقط للوقوف على واقع الدورة و العمل على انطلاقتها المختلفة ليعود الدر الى معدنه كما يقال..
و فعلا كان المهرجان الوطني للأدباء الشبان في دورته 37، الذي تنظمه جمعية منارة الادب بقليبية مجالا لفقرات أدبية و فنية تشكيلية ومسرحية متنوعة بحضور و مواكبة لجمهور محب للأدب و بمشاركة عدد من الشعراء، والادباء، والكتاب الشباب من تونس وعدد من البلدان العربية كاليمن و فلسطين و سوريا ما جعل هذا العرس الأدبي الثقافي بمثابة الفسحة الرحبة لأجواء من التنافس الرائع بين الأدباء الشبان في الشعر و السرد و الترجمة و باشراف لجان متعددة فضلا عن الندوة التي منحت المهرجان عنوان أشغالها و نعني " أدب الرحلة " ليستمتع المتابعون بمداخلات قيمة ذهبت مسائلة و باحثة دارسة في شؤون و شجون هذا المحور الهام و الجذاب أدبيا و انسانيا و جماليا.

و انتهت الفعاليات بتوصيات أهمها مزيد الدعم المالي و الأدبي الثقافي للمهرجان و الحفاظ على مستواه بجدية و دأب ..
سعدت بهذه العودة الفاعلة للمهرجان بعد سنوات ليعود كفعل ثقافي مؤثر و فاعل في المشهدية الأدبية تونسيا و عربيا كما يسرني تثمين عمل اللجان و جهود السيدة سنية فرج الله و يسرني التقدم بأفضل التهاني للفائزين و منهم الشاعر القادم على مهل و هو ابن القيروان الذي يعد لنيل الدكتوراه و الفائز بالجائزة الأولى للشعر في المهرجان فاكر الجديدي
عن قصيدته المميزة بعنوان " المنفي داخله " و هذا فحواها :
( لم أعد أعرفني
وجهي أسئلة حائرة
عيناي ثقب أسود
يبتلع ما تبقى من أثر النجوم
في جسدي
يداي امتداد للعدم
وروحي انتهاء للمعنى
كسرت جميع المرايا السوداء، فانعكست
أنا اثنان... أحدهما أنا والآخر منفيّ داخلي
متوحّد في وحدتي
ضائع في نبرتي
غارق في صدا التشتّت
بين ظلّي وبيني
لا متنفّس له سوى ما أعد الّليل
من تيه الخطى
بين الدّروب المبهمة
وما أعد من تلاشي الصّوت
في رجع الصّدى
بين الأزقة المعتمة
***
لم أعد أعرفني
وجهي رماد حائر
عيناي ساعتان معلّقتان
يتبعثر الزمان بينهما
يداي علامتان على "الأغرافيا"
وروحي اضطراب وعبث
في صرخة تنتابني منذ بداية التكوين
لم أجد لها تفسيرا في الّلغة
لي معنى يحاصرني ويشكّلني ويشظّيني
ويجعلني بوحا معمّى
لا يدركه إلاّ الموحّد فيّ
لي ملامح معقّدة لاثنين يتنازعان
على الحلول في صورتي
ملامح لا تنتبهون لها حين تنظرون إلى وجهي
هي فقط تكشف عن نفسها
حين أكون منشغلا بفرقعة أصابعي العشرة
وأنا جالس على حافة العزلة
هو أنا...
وأنا المنفيّ - كأبعد ما يكون النّفي – داخلي.../...)
قليبية تنهض من جديد بمهرجانها الواعد بمزيد التحليق عاليا و بعيدا في سماء الثقافة العربية حيث الكلمة للشبان و هذا مهم في عالم معولم تسعد فيه الثقافة بكتابات شبابها بأن تكون الاستثناء و الجمال .

حول الموقع

سام برس