عباس السيد
تذكر العديد من المصادر التأريخية أن محاولات السيطرة على الكعبة تعود في قدمها إلى قبيلة جُرهم اليمنية، فكثيراً ما تصارع عرب الجنوب وعرب الشمال في محاولات للاستيلاء على الكعبة التي كانت السيطرة عليها بمثابة السيطرة على السلطة.
كانت السيادة على الكعبة تنتقل من جُرهم إلى إياد بن نزار، ثم تأخذها مُضر، فتنتزعها خُزاعة مرة ثانية، حتى انتهى بها الأمر في يد قريش بفضل دهاء قصي بن كلاب ـ جد الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ـ حيث بدأ قصي يتقرب إلى خزاعة بالتودد ثم بالمصاهرة إلى أن مات "حُليل" زعيم قبيلة خزاعة اليمنية، حينها دعا قصي قريش وبني كنانة إلى طرد خزاعة من مكة لأنهم أولى بالسيادة على الكعبة.
استطاع قصي ـ بخُدعة ـ أن يشتري من "أبي غبشان الخزاعي" مفاتيح الكعبة مقابل "زُق من الخمر وقعود ليلة سامرة" لتصبح الحادثة مثلاً يتداوله العرب بقولهم: "أخسر من صفقة أبي غبشان".
الصراع بين عرب الجنوب والشمال تكرر في مراحل تاريخية عدة، وكانت كل مرحلة من مراحل الصراع تنتهي بصفقة على شاكلة صفقة "أبي غبشان". وبسبب تلك الصفقات خسر اليمنيون الكثير من نفوذهم ومصالحهم ومساحات شاسعة من أرضهم.
ومن أبرز الصفقات التي تمت في العصر الحديث، اتفاقية الطائف عام 1934، ثم اتفاقية جدة عام 2000. ولا يزال اليمنيون يتسابقون لعقد الصفقات البخسة مع الأشقاء في المملكة، ولم تقتصر على الأرض، بل شملت البشر والأعراض.
فها نحن نتاجر بفلذات أكبادنا الأطفال.. نتاجر بأعراضنا من خلال عقود الزواج السياحي، ونتاجر بإخواننا من خلال الحرب على الحوثيين.
أحدث الصفقات: بعد أيام قلائل على دعوته التي أطلقها من تحت قبة البرلمان في العاصمة صنعاء والتي طالب فيها شن حرب على "أنصار الله" (الحوثيين) أسوة بالحرب على القاعدة، أعلن اللواء عبده حسين الترب وزير الداخلية من العاصمة السعودية الرياض، عزم الدولة اليمنية على نزع سلاح الحوثيين.
تصريح الوزير جاء في هيئة صفقة جديدة مع المملكة، حيث تزامن مع إعلان المملكة إلغاء "بصمة الترحيل" للمغتربين اليمنيين الذين تم ترحيلهم أثناء فترة "تصحيح الإقامة" وهو الإعلان الذي استقبلته وسائل إعلام الإصلاح كإنجاز كبير يحسب لمعالي الوزير الترب، وخطوة هامة في طريق توطيد العلاقات اليمنية السعودية، وهي في الحقيقة صفقة أبخس كثيراً من صفقة أبي غبشان.

نقلا عن صحيفةالاولى

حول الموقع

سام برس