سام برس
قصة قصيرة / محمود كامل الكومي
أنها عشبة المرمية, كانت شتلاتها تترعرع في الحقول .
قفصات الزيتون تملأ سلال زهرات رفح, على رؤوسهن يتمايلن بها فى خطوات أنيقة, وأغنيات درويش وسميح القاسم , تنساب على الشفاه: منتصب القامة أمشي , مرفوع الهامة أمشي في كفي قصفة زيتون وعلى كتفى نعشي,قلبي قمر أحمر, قلبي بستان, فيه العوسج فيه الرياحان , شفتاى سماء تمطر نارًا حينًا حبًا أحيان, وعلى كتفي نعشي وانا أمشي .... أثناءالمسير
أحداهن تشير على المكان , هنا أستشهدت راشيل كورى, تصيح أخرى فيهن: فالنتوقف نقرأ الفاتحة لروحها .
تعترض ثالثة: الفاتحة على روح يهودية .
الكل يقاطعها استشهدت من أجل فلسطين عربية.
يتنفس الجمع :فالنقرأ الفاتحة لروح الأنسانية .
وقفن جميعا يعطرن الفضاء بالفاتحة .
مذعورًا صحوت , أسأل
هل ماتت الأنسانية ؟
أبكى لماذا ؟ وقد كانت بين ناظري شتلة مرمرية, وقصفة زيتون تحملها فلسطينية .
كان نباح ذراعى يكاد يصل الى أطراف الدني .
لست أدرى كيف غبتُ عن الوعى , هل من شدة الألم أم خوفًا من نباح الذراع تدركه العدا ؟.
الصخب والرقص وموسيقى الزار يرسلها الفضاء , الصدى يصمُ الآذان , قنينات الويسكى والكونياك تفرقع فوهاتها, يفور ما تحويه, يرتفع يدنس أرض المكان , المرح والهرج , الملابس تتطاير كالبالونات
حتى الخام طارت من على راسه المكفاه .
الكل مشاع , فمازال الأحتفال قائم بعيد كيبور .
كان الجو ملائمًا صبيحة الماخور هبطنا جوًا وبرًا على كيبوتس بئيري ,خلال هجوم لطيورنا على بلدات إسرائيلية محاذية للقطاع
أنشقت فتحات من السياج الحدودي أمام نظرات المهاجمين الحادة , فيما وقع المفاجأة أصاب المستوطنين بالهلع والخرس فى آن واحد أنسابت أرجلهم تتسابق تتصارع مع الريح, السيارات صارت تدير محركاتها تفتح مجرى سرعتها للفضاء,تتصادم مع بعضها والهواء, مروحيات العدو تصطادها بالرشاشات والقنابل من جراء المفاجاة التى أغمت عنهم حقيقة من يسابقون الريح , فاعتقدوا انهم المهاجمون .
دخلنا احد المنازل الكل رافعًا يديه , وبعضهم يسجد لنا يرتل من التلمود
آيات الاستسلام , يلقون على الحاخام انه هو الذى زين لهم طريق الأستيطان.
أخذنا بعضهم بين جوانحنا خاصة النساء والأطقال , حميناهم من رصاصات جيشهم التى طا شت وعقدت العزم على قتل المستوطنين
لتتمكن من طيورنا التى مابرحت تغرد بالرصاص ردًا عليهم وحماية لمن صاروا فى معيتنا من بني جلدتهم.
خمسة عشر رهينة في أحد منازل كيبوتس بئيري لساعات طوال, يصبوا اللعنات على جيشهم الذي جريت عقيدته مجرى الدم,أى دم
فهو من سيذبح البقرات الحمراء لتجرى دمائها تهدم الأقصى , ليقوم مقامه الهيكل الملعون .
انتفضت من سباتي مذعور, فنباح الأ لم صار صداه فى السماء , حين رانت في الفضاء أستجارة الأقصى الأسير.
كان العرق يتفصد من ندبات جلدى جراء الهجير, فجأة تحسست البرودة من تحتي , لم أقو على قتح الجفون دفعة , رويدًا رويدًا أنسابت.
رأيتها عريانة والأرض عريانة, دفىء عينيها سرى في البرودة تحتي, لم يسترها اِلا ملابسها الداخلية, أستهجنت رغم ارتواء ظمأى
لكنها تعظمت فى نظري حين مزقت كل ماترتدى من أجل أن توقف الدماء التى سالت من كتفي.
سار النسيم العابر من ثغرها يهمس في أذنى أطمئن فقد أخرجتها,
فجلها لم تغوص فى جسدك كانت سترتك مقاومة, فى حافظة يدى ملقط اخرجت به الشظية وأسيتون للتطهير صار.
وها أنا الآن اسيرتك, من اجل حرية أخوانكم فى السجون الأسرائيلية!
تئن بهم عشرات السجون, فى سن الزهور شباب وشبات , حوامل ومرضعلت , رجال ملأتها الشروخ ,وشيوخ.
رويدًا رويدًا,بخفة وحساسية مفرطة نقلتني الى مكان يبعد قليلًا عن بركة الدماء التى حاصرتنى .
وأنسابت تحكي تذكرني.
قذيفة من الميركافا , هدمت المكان , لحظتها أمتدت يديك تسحبنى تحت منضدة تحمينى من سقوط سقف المبنى على رأسى
من سقطت على رأسه مات , كانوا يريدوت أن ينكشف لهم من يختبىء فى المكان ,أرادوا أن يتخلصوا من بنى جلدتهم دروع المهاجمين.
"ليصيروا بلادروع تحميهم , فيكونوا صيدا سهلا للأسر اوالقتل.
على مدى عمرى الثلاثينى , لم أر شخصًا متلهفًا عليَّ يحمينى مثل لهفتك ويديك التى امتدت تروينى بحنان تنقذنى من مصير النهاية , كنت متكورة مكومة يداى معقودتان يحيطا بركابي, كان وضع القرفصاءيشكلني, رفعتنى بيديك وجريت , ورغما كان رشاشك يطهر من من سار خلف الدبابة أو أمامها يتقدم , تلتقطهم رصاصاتك كالصقر , تراجعوا أمام أسلحتك,النارية والنفسية, هبطت من احضانك احتمى بوجدانك.
انسحبنا بعد أن طهرت المكان من الغيلان .
تتبعتنا مروحية, ظلت تحوم ,اختفينا فى أحد الكهوف بالقرب من السياج الحدودي , من فتحت الكهف أصبت خزان وقودها برصاصة ,
أشتعلت فيها النار , تخلصت من قذيفتها, أنفجرت بالقرب من فوهة الكهف ارتطمت الشظايا بالصخور ,ابعدتنى بيدك بالداخل وصار جسدك لى حاجز يحمينى. تقتت الشظايا امسكت اِحداها بذراعك . وما اِن هدأ الهجير, أبصرتنى , هيا نعبر السياج سيأتون بالمزيد , عبرت بك والدم يسيل من ذراعك يروى صحراء النقب , الى أن آ وينا فى مكان يحميتا.
صرنا فى كهف قرب الحدود المصرية.
خف نباح الألم , وسكنت عيونى الكرى
بجانبى سيرينا ترتعد,ملابسها الداخلية لاتقي برد الليل, ولاحصى الأرض ان تمددت.
عبر السياج الحدودي, طلبت الأكل والستر,, بسرعة البرق أرسل لها أهل سيناء عبر الأسلاك ماارادت, لمحهم من تاجر بآلام الجرحى وفرض الضريبة لمن يريد العبور , ابلغ السافاك.
انزعرت سارة الى الكهف تدثر الجريح بجسدها العاري
لاحقتهما رصاصات الغدر
وكاميرات القنوات العبرية تمارس هوايتها فى تزييف الحقيقة
توزع صور الفدائى , خاطف سيرينا اليهودية يمارس معها
الفجور عنوة.
فيما دماء سيرينا والفدائي تنبح بالألم ورغمًا تروى عشبة المرمرية وشجيرات الزيتون الفلسطينية العربية؟

*كاتب ومحام - مصري

حول الموقع

سام برس