بقلم/ علي ناجي الرعوي
حين يتحدث الرئيس/عبدربه منصور هادي، عن الرفض المطلق لأية تجاوزات تمس حقوق المواطنين وتنتهك القوانين والأنظمة, فهو بذلك يدعو إلى التوقف عن الممارسات الخاطئة والأفعال التي تتعارض مع مفهوم المواطنة, كما أنه بذلك يسعى إلى إقناع أضلاع المثلث( مؤسسات الدولة- القوى السياسية- أبناء الشعب) بان التحول الذي يخوض غماره اليمن لا يمكن له بلوغ أهدافه الحقيقية من دون الوقوف على مسافة واحدة من جميع المواطنين وإحلال منطق الإنصاف والمساواة عند النظر لمطالبهم لارتباط ذلك بتمتين عرى الوحدة الوطنية وإذابة الفوارق والنعرات والولاءات الضيقة التي قد يحل فيها الولاء للقبيلة أو المنطقة بديلاً عن الولاء للوطن .
واتساقاً مع هذا المنطق قفد حرص الرئيس هادي على أن لا يحجب نظره عن القضية التهامية والأسباب التي دفعت أبناء تهامة, المعروف عنهم الطيبة وصفاء القلب والسلمية, للخروج إلى الشوارع والساحات للتعبير عن انفسهم والاحتجاج على ما يصفونه بالإقصاء والتهميش الذي يمارس بحقهم منذ عقود طويلة..
وفي فترة وجيزة فقد أمكن للرئيس هادي الوقوف مرتين على تفاصيل الحالة التهامية؛ الأولى أثناء زيارته الأخيرة لمحافظة الحديدة بعد عودته من روسيا الاتحادية والثانية عند لقائه الأسبوع الماضي بصنعاء بالوجاهات والشخصيات الاجتماعية بمحافظة الحديدة, ليؤكد بهذا التصرف والتعامل المسؤول أنه الذي لن يركن إلى من حاولوا إقناعه بان الحراك التهامي ليس عفوياً وإنما هو ممنهج ومقصود ومخطط له من قبل بعض القوى التي لا تريد لهذا الوطن أن يهدأ.. ولا تريد للرئيس أن يلتقط أنفاسه, بل إنه الذي قام بما يجب أن يقوم به حتى وهناك من يقسم أمامه أن تلك الفرضية صحيحة ..
ولابد أن الرئيس هادي من خلال هذه الرؤية قد أدرك أن الحل ليس في صم الآذان عن مطالب أبناء تهامة أو في إشعارهم بان قضيتهم ليست في مكانة القضية الجنوبية أو المسألة الحوثية, كما أن الحل ليس في تجاهل هذه القضية أو محاولة الهروب منها إلى الأمام أو في الانتقاص من مشروعيتها.. وإنما الحل يكمن في الالتفات إلى العوامل التي أفرزت هذه القضية ومعالجتها وإقفال الباب على من يحاول استخدامها لغايات ونوايا خبيثة .
لقد أتيحت لي فرصة اللقاء بعدد من الناشطين في الحراك التهامي والذين وجدتهم عاتبين على الحكومة لعدم تفهمها لمطالبهم وعاتبين عليها لأنها قد استكثرت عليهم أن استيقظوا من سباتهم بعد نوم طويل وعاتبين على أجهزة الأمن لتعاملها الانتقائي مع الحراك التهامي ولجوئها إلى الحلول الأمنية التي أدت إلى سقوط عدد من الضحايا وإدراج عدد آخر في القائمة السوداء في سابقة لم تحدث مع كل من تورطوا برفع السلاح في وجه الدولة والمواطنين ومارسوا العنف بكل صوره في المحافظات الجنوبية.. ويمتزج حديث هؤلاء النشطاء بنبرات الأسى وهم يحاولون المقارنة بين مواقف الأحزاب والقوى السياسية تجاه الحراك الجنوبي والتي ظلت ومازالت داعمة ومساندة لمطالبه, وبين مواقفها الخجولة حيال القضية التهامية, رغم معرفة الجميع بان مطالب الحراك التهامي هي تنموية وحقوقية وأن مشكلات أبناء تهامة هي مشكلات حياتية وليست سياسية وان المواطن التهامي البسيط لا يبحث عن مكاسب سياسية ولا يعنيه من يحكم من الأحزاب أو شكل ولون الحكومة أو حتى برنامجها السياسي, بقدر ما يعنيه الحصول على قوته اليومي وتأمين الحياة الكريمة لأبنائه وعدم الاستقواء عليه ونهب أرضه من قبل بعض النافذين الذين اسقطوا بضربة واحدة حقوق المواطنة عن أبناء تهامة الذين صاروا ينامون ويتنفسون على وقع الشعور بالدونية والإحساس بالضيم والقهر .
وأمام هذا الوجع التهامي فإن المؤمل هو أن تسارع القيادة السياسية بما لديها من نضج وسعة صدر إلى طمأنة أبناء تهامة من أن الدولة جادة في معالجة مشكلاتهم ورفع الغبن عنهم وانها التي لن تتوانى عن إيجاد خطة تنموية مرحلية تنتشل تهامة من فقرها ومعاناتها.. ونعتقد أن ما يحتاجه أبناء تهامة اليوم هو كليات المجتمع والمعاهد الوطنية المتوسطة التي تستوعب من تسربوا من التعليم العام لإعادة تأهيلهم وفق متطلبات سوق العمل وكذا إصلاح المزيد من الأراضي البور في تهامة بهدف توفير فرص عمل جديدة والتخفيف من نسبة الفقر التي تعد الأعلى في محافظة الحديدة وتحسين أوضاع الصيادين انطلاقاً من التطبيق الصارم لتوجيهات رئيس الجمهورية بإلغاء عقود الاصطياد مع الشركات الأجنبية والتي عمدت إلى الجرف الجائر للثروة السمكية ونهب أرزاق آلاف الصيادين الذين يعتمدون على ما يجود به البحر .
ومن الحكمة ونحن نحاول الخروج من المرحلة الانتقالية بسلام أن نتوقف عن شيطنة القضايا والأزمات التي نسعى إلى الخلاص منها, حتى يتسنى لنا استشراف الحلول الصحيحة التي تعجل من انكماش الثقوب تمهيداً للقضاء عليها كلياً .
اخبار اليوم

حول الموقع

سام برس