
سام برس
من المؤسف ألا تفرق الاخت توكل كرمان بين دعم الحق في التعبير والدعوة إلى الفوضى، وان تتحول إلى صوت يُحرّض على العنف في بلد آمن ومستقر مثل المغرب..!!
توكل، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام وصفت تلك الاحتجاجات الحقوقية بأنها (انتفاضة الحرية)، مما أوجد موجة غضب واسعة لدى الاخوة المغاربة، وصلت حد المطالبة بسحب الجائزة منها، بحجة أن من يحمل راية السلام لايمكن أن يزرع بذور الصدام بين الشعوب والدول.!!
???? جائزة نوبل التي تقاسمتها توكل مع امرأتين افريقيتين من ليبيريا عام 2011 لم تكن في جوهرها تكريم لإنجاز واقعي قامت به في صناعة السلام، بل كانت جائزة رمزية أرادت اللجنة من خلالها مكافأة شباب الربيع العربي، وتم تقديم توكل بتزكية من الخارجية الأمريكية كنموذج للمرأة المسلمة المناضلة من أجل الحرية، رغم ان اليمن لازالت تتهاوى في صراع دموي إلى اليوم، وهي لم تُسهم فيه بأي شيء يدعو للسلام، لا بالتهدئة ولا بالوساطة ولا مجرد الدعوة، بل انها كانت ولازالت تحشد وتحرض لأجندات خارجية ممولة، ولأسباب سياسية وفكرية..!!
???? مقارنة بسيطة بشريكتيها في الجائزة، الرئيسة الليبيرية إيلين جونسون سيرليف، والناشطة ليما غبوي، تكشف الفارق الكبير والصارخ بين من أوقفن حرب أهلية حقيقية كادت تقضي على دولة وشعب، وأسسن لسلام دائم ضمِن لهم الحياة والأمن والسلام، وبين من اكتفت بإلقاء الخطب والظهور الإعلامي. فبينما بنت الأولى دولة ديمقراطية مستقرة، وساهمت الثانية في نزع سلاح الميليشيات، لم تقدّم كرمان أي تجربة مماثلة باتجاه السلام، بل تحوّل نشاطها بعد الجائزة إلى صراعٍ سياسي وإعلامي يتنافى مع روح السلام التي يفترض أن تجسده.
???? منذ 2011 وحتى اليوم، لم تُظهر توكل كرمان أي سلوك يتناسب مع لقب "حاملة نوبل السلام"، بل انخرطت في سجالات حزبية ومناكفات سياسية تخدم اجندات دول وأنظمة ضد أخرى، بعنف لفظي متكرر ونزق عالي ضد بعض الأنظمة لايمت للسلام بصلة، كما أنها تصطف إلى جوار تيارات سياسية معارضة، وتستميت بتأجيج الصراعات في أكثر من بلدٍ عربي، والأدهى أن خطابها تحوّل من الدعوة إلى الحرية إلى التحريض على الفوضى، كما ظهر مؤخرا في الشأن المغربي..
هذا التناقض بين الجائزة المعروفة بالسلام؛ والسلوك المعلن لتوكل عبر فعالياتها وقناتها الفضائية؛ يطرح سؤال جوهري حول معايير منح نوبل للسلام وقيمتها الحقيقية ومصداقيتها..
???? كثير من التحليلات ترى أن فوز الأخت توكل كرمان لم يكن بمعزل عن تأثيرات السياسة الدولية آنذاك، فقد كانت إدارة هيلاري كلينتون تدفع باتجاه دعم الإسلاميين المعتدلين في موجة الربيع العربي، فيما تبنّت قطر عبر مؤسساتها الإعلامية والثقافية، بإشراف الشيخة موزة المسند، مشروع تلميع رموز ذلك الربيع وتقديمهم للعالم كأبطال ديمقراطيين..
في ظل هذا التناغم الأميركي القطري، لم يكن مستبعد أبدا أن تجد لجنة نوبل نفسها أمام مرشحة مثالية تُمثل صورة المرأة المسلمة الثائرة التي يريدها الغرب نموذج جديد للشرق الأوسط، لكن السنين أثبتت أن هذا النموذج لم يكن سوى وهم إعلامي، وتسويق دعائي، وأن الحماسة السياسية أعمَت اللجنة عن الفارق بين النضال الحقيقي من أجل السلام، والنشاط الدعائي المؤقت، فبينما يخلّد التاريخ أسماء صنعت سلام حقيقي على الأرض كالعظيم مانديلا، تتآكل صورة توكل كرمان كل يوم بتصريحاتها المتناقضة ومواقفها المستفزة..
???? إن جائزة نوبل للسلام، وإن كانت لاتُسحب قانونيا، إلا أن قيمتها المعنوية يمكن أن تتآكل حين يتبيّن أن أحد حامليها لايستحقها، او مشكوك في معايير حصوله عليها، والواقع أن الوقت قد حان لأن تُراجع اللجنة معاييرها، وألّا تتورط مرة أخرى في تسييس الجائزة أو توظيفها لتلميع رموز مؤقتة، فسلام العالم لايُبنى بالخطابات الاستفزازية، ولا بالتغريدات المنفلتة، ولا بالتحريض والتحشيد، بل بالمسؤولية، والعقل، والقدرة على إطفاء الحرائق لا إشعالها والنفخ في أوارها..