بقلم/ الدكتور / علي أحمد الديلمي
لم تعد الأزمة اليمنية محصورة في إطار دعم الشرعية أو مواجهة الانقلاب كما رُوّج لها في بدايات التدخل الإقليمي بل تحولت تدريجيًا إلى ساحة معقدة تتقاطع فيها الحسابات الإقليمية والدولية وتتداخل فيها المصالح الأمنية والسياسية على حساب الدولة اليمنية ومؤسساتها ومع اتساع هوة التباين بين أطراف التحالف الداعم للشرعية ولا سيما في الجنوب بات واضحًا أن مسار الأزمة لم يعد تحكمه الأولويات المعلنة بقدر ما تحكمه توازنات النفوذ وإدارة المصالح

يشهد جنوب اليمن حالة متزايدة من التباين في المقاربات بين السعودية والإمارات تجاه إدارة المشهدين الأمني والسياسي وهو تباين لم يعد خافيًا بل انعكس على طبيعة التنسيق داخل التحالف حيث تنطلق الرياض من اعتبارات تتصل بأمنها القومي وحدودها الجنوبية بينما تعتمد أبوظبي مقاربة تقوم على دعم قوى محلية فاعلة على الأرض وهو ما أفرز اختلافًا في الأولويات وألقى بظلاله على مسار دعم الشرعية

في هذا السياق برزت المبادرة الإماراتية المقدمة إلى السعودية كمحاولة لمعالجة التوتر القائم عبر طرح صيغة أمنية تقوم على نشر قوات درع الوطن القريبة من السعودية إلى جانب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في وادي حضرموت والمهرة ضمن إطار قوات مشتركة تشرف عليها غرفة عمليات موحدة تابعة للتحالف العربي وتُقدَّم هذه الصيغة باعتبارها مقاربة توافقية تهدف إلى منع التصعيد والحفاظ على الاستقرار الأمني في المناطق الشرقية في ظل تعقيد المشهد وتشابك المصالح المحلية والإقليمية

غير أن هذه الترتيبات لم تُنهِ حالة القلق السعودي المتصاعد إذ ترى الرياض أن استمرار وجود قوات لا تنسجم مع رؤيتها الأمنية في حضرموت والمهرة يمثل تهديدًا استراتيجيًا طويل الأمد نظرًا لحساسية الموقع الجغرافي لتلك المناطق وقربها من الحدود السعودية وهو ما يجعل أي حلول مؤقتة أو صيغ هجينة عرضة للاهتزاز ما لم تُحسم مسألة القيادة والولاء بشكل واضح

في ضوء هذه المعطيات تبدو اليمن اليوم ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات وتبادل الرسائل بين الحلفاء قبل الخصوم حيث تتداخل الوساطات الدولية مع صراع المصالح الإقليمية بينما تتراجع الشرعية عن مركز القرار ويتعمق استنزاف الدولة ومؤسساتها وبينما يستمر الخطاب المعلن حول دعم الشرعية يكشف الواقع أن التباينات داخل التحالف باتت أحد العوامل الرئيسة في تعقيد الأزمة وإطالة أمدها على حساب استقرار اليمن ووحدته ومستقبله السياسي

حول الموقع

سام برس