محمد العريقي
لقد شاهدنا العجب, النزاع على أشده بين السكان, هناك من يعترض على حفر الآبار الخاصة, في ظل وجود مشروع لمياه الريف, وهناك اتهامات متبادلة حول استغلال المشاريع الخاصة, والحكومية لمصالح خاصة. وبالتحديد بيع الماء لمزارع القات .
ونتيجة تلك الخلافات توقف العمل بأحد مشاريع مياه الريف, وأصبح السكان الفقراء هم ضحايا تلك الخلافات, حيث أصبح مياه الشرب, يجلب من مناطق بعيدة خاصة من مديرية عبس, حتى شاهدنا ونحن نصعد من مدينة عبس باتجاه قفل شمر مئات الناقلات للمياه التي تبيع حمولاتها للمحتاجين لمياه الشرب أو لأصحاب مزارع القات (المعروف بالقات الشامي ) ويصل سعر حمولة ناقلة متوسطة يطلقون عليها اسم ( المجنونة) لأن سائقيها يطلقون عنان السرعة في سباق مع الزمن مايقارب الثمانية عشر الف ريال .
المهم وجدنا أن هناك ضعفاً شديداً للإدارة المجتمعية لموارد المياه, ولمسنا أن المشاريع الحكومية المائية ولدت حالة من الاتكالية بين السكان, وانعدمت روح المشاركة المبادرة لتنمية المصادر المائية التي يمكن استجماعها من مياه الأمطار, كما كان يتم في السابق ما اور دته هنا عن مديرية قفل شمر بمحافظة حجة ينطبق على كل محافظات ومديريات اليمن.
فبعض المشاريع التي تنشئ بغرض مد السكان بمياه الشرب , يلجأ بعض النافذين لاستغلالها للبيع لصالحه أو لري القات، وبعضهم من نصب نفسه مسئولا لابتزاز المواطنين بفرض قيمة المياه.
هذا الوضع يكشف العيوب والقصور الذي شاب إدارة الموارد المائية خلال الفترة الماضية واشتركت فيها الدولة والمواطن على حد سواء.
فالحكومة عندما نفذت مشاريع مائية في العديد من المناطق بملايين الريالات.. لم تولي اهتماما كافياً بترتيب عملية إدارة تلك المشروعات حتى تطيل ديمومتها، ولأن البعض يتعامل مع مشاريع الدولة وكأنها مال سائب يتسابق الجميع إلى السيطرة عليه بأنانية ودون مبالاة، ولأن المواطن ليس شريكا ومساهما في إنشائها فيرفض بعضهم حتى تسديد قيمة مايستهلكه من مياه، وذلك بإدعائهم عدم القدرة على دفع المبالغ، حتى وإن كانت تلك المياه استغلت في الزراعة في الوقت الذي تفوق عوائدهم المادية عوائد المزارعين المعتمدين على مياه الأمطار، وهذا الوضع ساهم في تدهور بعض المشاريع المائية في الريف.
وأمام هذا الواقع تنبهت الدولة مؤخراً لأهمية المشاركة الشعبية في تنفيذ وإدارة المشاريع التي تقيمها مع المستفيدين في مختلف المناطق.. ومنها مشاريع المياه... خاصة مشاريع مياه الشرب ومشاريع الري الزراعي وهذا التوجه معمول به في كثير من الدول النامية.
فمع تنامي الوعي وتعزيز الثقة بمفهوم المشاركة في الإدارة المائية عن طريق إشراك المستفيدين وبصورة ملائمة فإن ذلك يثمر عن وفرة كبيرة من المياه بالإضافة إلى الاقتصاد في التكاليف.
فالمزارع إذا شارك في إدارة المياه وتوزيعها سوف يقتنع بدفع تكاليف مياه الري عندما تتوافر تلك المياه بصورة دائمة وبكميات كافية يمكنه الاعتماد عليها.
ومن الفوائد الأخرى لعملية إشراك المستخدمين - وخاصة المزارعين - في إدارة المياه هو توعيتهم وتعزيز إدراكهم لأهمية ترشيد المياه، وإرساء مبادئ العدالة إضافة إلى التخلص من معضلة الري بالغمر وحماية التربة من التملح وتفادي حدوث مشاكل بيئية أخرى.
إن إشراك مستخدمي مشاريع المياه في إدارة هذه المشروعات يهدف إلى تعبئة المجتمعات المحلية وجعلها قادرةً على أخذ المبادرات والإجراءات الضرورية من أجل تنظيم نفسها بما يسهل لها الحصول على الخدمات الأساسية ويرفع مستواها المعيشي ويحسن من دخلها مع الحفاظ على مواردها الطبيعية واستخدامها على نحو يحقق استدامتها. وبالنسبة لليمن فقد تجسد هذا التوجه في سياسات العديد من الصناديق الوطنية التمويلية والجهات المعنية بتنفيذ مشاريع المياه.
كما أن العديد من المنظمات الدولية متحمسة لدعم مشاريع المياه المستقلة ذاتيا والمدارة من قبل المنتفعين بصورة مدربة يجعلهم قادرين على صيانة هذه المشاريع والحفاظ عليها.

حول الموقع

سام برس