عبد الوهاب الشـرفى
ساقت الاقدار فخامة الرئيس هادي الى سدة الحكم في ظروف غاية في التعقيد , وليجد نفسه بين التزامين متضادين اولهما هو وجوب فرض تغيير حقيقي في البلد والاخر الحفاظ على حالة توافق بين قوتين كانتا هما السبب في ما وصلت اليه البلد من التردي , وضاعف من مصاعبه انه استلم دولة بكاملها شُكّلت بعين " النظام السابق " لا تستجيب اوعيتها له بالقدر الكافي . ويمكن القول انه بدأ مهمته الصعبة بشخصه عائما عكس التيار تماما كرحلة العودة لسمك السردين الى موطنه .
لم يكن المستوى الذي وصلته احداث ال 2011م ولا حالة انقسام النظام منذ تلك الاحداث ولا المبادرة الخليجية ولا ما تم من هيكلة للجيش ولا مؤتمر الحوار الوطني كافية لوضع البلد امام فرصة حقيقية للتغيير باعتبار ان كثير من شئون الدولة والحكومة ضلت تتأثر بتدخلات قوى النفوذ التي توجهها ما استطاعت باتجاه مضاد لتطلعات الوطن والشعب في تغيير حقيقي يفضي الى انتشال البلد من حالة التردي التي كانت هي المتسبب فيها ابتداء .
مع كل تلك المصاعب تمكن فخامة الرئيس من ان يمضي قدما ويسهم جوهريا في تفكيك قوى النفوذ ووصولا الى القضاء على نفوذها في ال 21 من سبتمبر 2014 م , فقد تصرف فخامته بما يمليه عليه الواجب الوطني وسلب قوى النفوذ اهم اسلحتها المتمثل في استخدامها للجيش لفرض تفردها ورغباتها التسلطية و قمع اي قوة تختلف معها وهو ما ساعد بقدر جوهري في تخليص الوطن من شرها .
شخصيا كثيرا ما اشدت ولفت الانتباه في كتاباتي ومقابلاتي مع وسائل الاعلام المختلفة لهذا الدور الطلائعي لفخامته , وقلتها مرارا انه بمواقفه تلك تجاه سلسلة الصراع مع قوى النفوذ من ال 2011م وحتى ال 2014 م اسهم جوهريا في تحرير البلد من قبضة قوى النفوذ , ولا يجب ان نجحد الرجل حقه ويجب ان نعترف له بفضل مواقفه ونثمنها عاليا .
نتيجة لحالة التناغم في الاداء التي سادت ما بين فخامة الرئيس وبين الثوار وفي مقدمتهم انصار الله اصبح البلد الان امام فرصة حقيقية للتغيير لم تتهيأ للبلد من قبل , والواجب على الجميع هو اقتناصها واستثمارها الاستثمار المطلوب في سبيل خلاص هذا البلد من حالة التردي التي يراوح فيها منذ عقود , وفي مقدمة ما هو مطلوب من الجميع التعاون لتوفير طاقم مختار بعناية يتولى ادارة الدولة والحكومة في هذه المرحلة يكون قادرا على ان يعبر بالبلد الى واقع جديد .
لم تكن الخطوة التي اقدم عليها فخامة الرئيس موفقة على الاطلاق , وهي خطوة غير مقبولة تماما وهو ما سيلمسه حتما من مختلف الفعاليات والشعبية خصوصا , فتكليف احمد عوض بن مبارك لتشكيل حكومة في ظرف حساس كهذا تقف فيه كل شئون البلد اقتصادا واجتماعا ووحدة ودولة وامنا وخدمات وتنمية ومعالجات واستقرار في اخر فرصة لها للتصحيح هي خطوة غير محسوبة جيدا , والامر هنا ليس شخصيا مع بن مبارك وانما لان المهمة تتطلب عناية اكثر بكثير في اختيار من يتولون ادارة الحكومة في هذه المرحلة وهذا الامر من جهة .
اما من جهة ثانية فان اعلان فخامة الرئيس قرار تكليف بن مبارك دون حصوله على توافق الجميع بحسب ما اتفق عليه في اتفاق السلم والشراكة يمثل خطوة غير مشجعة , فاغلب المشكلات التي يعاني منها الوطن منطلقة من نقطة عدم الالتزام بالاتفاقات هذه بالذات , وكان المفترض بفخامته ان يقف ضامنا للاتفاق ويمنع غيره من الخروج عليه ومحاولة فرض شخصية لا تحظى بتوافق الجميع وان يدفع هو باتجاه مزيد من التدارس للوصول الى شخصية يرضاها الجميع ومن ثم يقوم بتبنيها ودعمها لا ان يقوم هو بالعكس .
لفخامة الرئيس اقول ما فعلته الفترة الماضية من توليك لسدة الحكم في البلد ليس بالقليل ويمثل رصيدا وطنيا لك ان تعتز به , وواجبك اليوم هو ان تحافظ عليه وان تستكمل المشوار بما يفضي بهذا البلد الى الخير , وكما طالبنا الاخرين من قبل ان لا يجحدوا دورك في تخليص البلد من قوى النفوذ الان نطالبك انت ان لا تجحد نفسك ودورك وان لا تهدر رصيدك .
يا فخامة الرئيس عد عن هذا القرار الخاطئ , ولا اضنك ستكابر في خطاء , والامل فيك لازال قائما ان تمنح بلدك وشعبك فرصة حقيقة وحكومة مؤهلة كفؤة نزيهة جادة صادقة واسعة القبول تعمل معك ومع كل الخيرين للنهوض بهذا البلد الذي عانا طويلا .
Alsharafi.ca@gmail.com

حول الموقع

سام برس