محمد عبده سفيان
المتتبع لأطروحات وأحاديث وكتابات الإخوان المسلمين «حزب الإصلاح في بلادنا» سيجد أن فكرة العزل والإقصاء للمخالفين لهم سياسياً تسيطر على عقولهم بشكل كبير، فهم لا يقبلون بالآخر ولا يعترفون بحقه إلا وفق ما تقتضيه مصالحهم ورؤاهم وأفكارهم فهم يرون أنهم الأجدر والأصلح لتولي أمور البلاد والعباد وإدارة كافة مرافق الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، ولذلك فهم يسعون بكل الوسائل والسبل للوصول إلى السلطة وتحالفهم في اليمن مع الحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وحزب البعث العربي الاشتراكي وحزب الحق واتحاد القوى الشعبية لم يكن تحالفاً استراتيجياً من أجل المصلحة الوطنية العليا وإنما تحالف مرحلي من أجل الوصول إلى السلطة، وعندما فشلوا في الاستيلاء على السلطة عبر الفوضى «الخلّاقة» واستخدام القوة للدخول إلى غرفة نوم الرئيس السابق والانقلاب على الشرعية الدستورية والنهج الديمقراطي في العام 2011م قبلوا بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة والتي نصت على نقل السلطة سلمياً بطريقة سلسة وديمقراطية عبر انتخابات رئاسية مبكرة يتم فيها انتخاب المشير عبدربه منصور هادي رئيساً توافقياً وتشكيل حكومة وفاق وطني مناصفة بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأحزاب اللقاء المشترك وشركائهم «50% لكل طرف»، وأكد البند الخامس من المبادئ والخطوات التنفيذية للمبادرة الخليجية على: «أن تلتزم كافة الأطراف بوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات تعطى لهذا الغرض» ونص البند الثالث من الخطوات التنفيذية على: «يقر مجلس النواب بما فيه المعارضة القوانين التي تمنح الحصانة ضد الملاحقة القانونية والقضائية للرئيس ومن عملوا معه خلال فترة حكمه». الإخوة في حزب الإصلاح وافقوا على المبادرة الخليجية باعتبار أنهم سيحصلون على نصيب الأسد في نصف حقائب حكومة الوفاق المخصصة للمشترك وشركائه واضعين في حسابهم أنهم سيتمكنون خلال الفترة الانتقالية من الاستيلاء على كافة مفاصل الدولة عبر الإقصاء للكوادر القيادية في جميع المؤسسات من غير المنتمين لحزب الإصلاح مع إعطاء شركائه في المشترك وخصوصاً الحزب الاشتراكي والتنظيم الوحدوي الناصري نسبة ضئيلة حتى لا يقال إنهم استحوذوا على كل شيء «أي ذر الرماد على العيون» وسواء تمت عمليات الإقصاء عن طريق القرارات المركزية من وزراء حزب الإصلاح أم عن طريق المحاصصة أو عن طريق الفوضى والاعتصامات والتي أطلقوا عليها «ثورة المؤسسات».
ولكنهم وجدوا أن مشروعهم في الإقصاء اصطدم برفض واسع ليس من قبل المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وحسب بل وحتى من شركائه في تكتل المشترك وكذلك من قبل فخامة رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي الذي أعلن صراحة رفضه لعمليات الإقصاء التي يمارسها وزراء حزب الإصلاح وتصرفاتهم التي لا تمت للوفاق بأية صلة.. عندما وجدوا رفضاً واسعاً لسياسات الإقصاء والإلغاء والتهميش والمحاصصة والاستحواذ وتسييس الوظيفة العامة لجأوا إلى أسلوب خلط الأوراق وإثارة البلابل والقلاقل والتسريبات الإعلامية الكاذبة والمضللة وشن حملات مكثفة تارة للمطالبة بإسقاط قانون الحصانة وتارة للمطالبة بالعزل السياسي لمن عملوا مع الرئيس السابق سواء عبر الكتابات الصحفية أو الندوات والمحاضرات والخطب التي يلقونها في ساحات اعتصاماتهم وتجمعاتهم ومنتدياتهم الحزبية.
القيادي الإصلاحي أحمد عثمان أحد كتاب حزب الإصلاح وأحد الكتاب «المرموقين» في أحد أعمدة صحيفة الجمهورية ليفرغ فيها ما يعتمل في عقله من أفكار ورؤى، فهو في الكثير من مقالاته يتحدث عن ضرورة إلغاء قانون الحصانة وضرورة إقصاء كل من عملوا مع الرئيس السابق من الوظيفة العامة وعزلهم سياسياً.. ففي مقالته المنشورة في العدد «15845» الصادر يوم الأربعاء الماضي بعنوان «العزل السياسي.. قضية للنقاش» قال فيه: «نحن أعطينا حصانة للقتلة وهذا أمر لا غبار عليه طالما يحفظ دماء اليمنيين» ولا ندري من يقصد بقوله: «نحن أعطينا الحصانة» فالجميع يعرف أن الحصانة نصت عليها المبادرة الخليجية ولم يتم منحها من قبل حزب الإصلاح.. كما نعلم أنها لم تمنح للرئيس السابق الأخ/ علي عبدالله صالح وأبنائه وأقاربه فقط وإنما لكل من عملوا معه خلال فترة حكمه منذ 17يوليو1978م وحتى 2011م.. كما أنها لم تمنح لمن ارتكبوا جرائم القتل والإرهاب وقطع الطرقات والنهب والسلب وفي مقدمة ذلك جريمة ساحة الاعتصام أمام جامعة صنعاء في جمعة 18 مارس 2011م.. وجريمة تفجير جامع دار الرئاسة في جمعة الأول من رجب الحرام 1432هـ الموافق 3يونيو 2011م فكل من ارتكب جرائم القتل والتقطع والنهب والسلب وكل من حرّض على حمل السلاح ضد الدولة وأفتى بجواز أعمال الفوضى والتخريب والتدمير وتقويض الأمن والاستقرار واقتحام مؤسسات الدولة اعتبروا ذلك جهاداً عظيماً وكل من قتل رجال القوات المسلحة والأمن والمواطنين والشباب من الطرفين يجب أن يقدموا للعدالة.
يبدو أن الأخ /أحمد عثمان ومن يغرّدون معه حول الحصانة لا يدركون أنها ليست خاصة بالرئيس السابق علي عبدالله صالح وقيادات المؤتمر الشعبي العام وإنما شملت كل من عمل معه طوال فترة حكمه وفي مقدمتهم حزب الاصلاح الذي ظل حليفاً استراتيجياً للرئيس صالح منذ انتخابه رئيساً للجمهورية في 17 يوليو 1978م وحتى العام 2003م.
فراجع حساباتك وإذا كنت تجهل دور حزبك خلال حكم الرئيس السابق فاسأل من هم أكبر منك سناً من القيادات وستلقى الجواب الشافي والكافي بدلاً من أن تظل تهرف بما لا تعرف.

حول الموقع

سام برس