بقلم / عبدالرحمن بجاش
الشهيد إبراهيم الحمدي كان رحمه الله كبيراً بحجم أخطائه , والتي منها تخلصه من بضعة رجال كبار لا يتعدون نصف عدد أصابع اليد , ولذلك فقد تاه الطريق من الطريق بسبب التآمر الأكبر أيضا ,ولأن البقية استخدمهم من استخدمهم ضده فكان ما كان, بالمقابل اخطأ الرفاق أخطاء فادحة حين تخلصوا من سالمين وفيصل عبداللطيف فضاع الطريق ليلتقي في لحظة لم تكن تاريخية أبدا!!

لو نعيد قراءة أجمل وأعمق حوار مع اللواء يحيى المتوكل رحمه الله أجراه المهني المتميز صادق ناشر لجريدة الخليج , ظل الرجل كبيراً , فبرغم تخلص الحمدي منه إلاَ أنه تحدث عن امتلاك إبراهيم لرؤية - قليل من الرجال من يشهد للخصوم أو لمن يختلف معهم في الرأي والرؤية - لم يقل مشروعا , لأن الأمر كان لم يتبلور بعد , كان إبراهيم لا يزال يتلمس الطريق , وخلال ثلاث سنوات وأشهر حقق الكثير الذي كان بحاجة إلى قوة اجتماعية سياسية اقتصادية تحميه , فلم يسعفوه بمزيد من الوقت فضاعت بشائر الحلم بولادة دوله , للأسف من بعده لم يفكر أحد بالدولة المنشودة لأن من بعده إضافة إلى أنهم لم يكونوا أصحاب رؤية ومشروع - إذ يظهر أصحاب المشاريع ربما كل قرن - , كل حمى رأسه ورأس أصحابه ونام بهدوء !!! , من لحظة أن ذهب إبراهيم ربما لأنه كان أيضا في عجلة من أمره فقد دهس في طريقه من دهس , وعلينا أن نتذكر أنه ابن الواقع ولم يأت من المدينة الفاضلة , ولا كان الرجل السوبرمان , لكنه كان قدوة وكان نزيها , وهذا الواقع أول شرط لأن تقود أي عملية كبرى لتغييره فلا بد أن تكون قدوة ونزيها كماء السماء , لأن من حولك يدخلون لك من الطاقة قبل أن تطردهم من الباب , فنوافذك تكون هشة إلى درجة يستطيع معها الطفل كسر عصيان حديدها , القدوة ونظافة البطن من يجعل صوتك عاليا , وان كان أيضا عليك أن تحمي نفسك من وحوش ستنهشك طالما ولم تفتح لها أبواب الخزائن , لكن الزعامات تكون أقدارها في أكفها , فإما أن تستوعب وإما أن تتراجع , وقد حمل إبراهيم رأسه في يده وبدأ لكنه أخطأ انه لم يحافظ على من يشاركه حلمه أو انه لم يبحث عنهم في أسوأ الأحوال , أحيانا تطغى الذاتية والعاطفة على أبصار الرجال الكبار , خذ علاقة عبد الناصر بعبد الحكيم عامر نموذجا , حين تولى يحيى المتوكل وزارة الداخلية ظهر بكاكي غير الآخرين , البرية آخر وسحنة شخصية تدل على وزير استثنائي , فكان السجن المركزي نموذجاً لما كانت ستكون عليه الدولة مؤسسة للإصلاح وليس مكان لقهر ذات الإنسان , خرج الرجل بأسلوب الحمدي الذي أودى أيضا بمجاهد , فلم يكن يعلم أنه انكشف !! , لأن الصغار لم يستطيعوا حمايته , كان يفكر أنه سيسهل عليه قيادهم , ولم يدر رحمه الله أن الآخرين سيستطيعون شراءهم انظر إلى من يبيعون أصحابهم وبمرور الوقت يجدون أنفسهم داخل الدائرة الرمادية فالصاحب الجديد لا يثق بهم والصاحب الأول قد لدغ منهم فلا يمكن أن يسمح لهم بالعودة , أسوأ الرجال هم هؤلاء (( البياعين )) الذين لا يختلفون عن الطابور الخامس من رفض نابليون مصافحتهم في استعراض للنصر قائلا (( هؤلاء خانوا أوطانهم ولا يمكن أن أضع يدي في يد أي منهم )) , يوم التوقيع على الوحدة قالها مجاهد لصاحبه (( إذا خدعت هذا الرجل سيخدعك الله )) كان يشير إلى احتمال أن يُخدع علي البيض وهو ما حدث فيما بعد , لو كان إبراهيم احتفظ بالاثنين فلم يكن ليحدث ما حدث , أفهم أن يحيى المتوكل ظل شوكة في الحلوق اللاحقة , برغم أنه كان القريب البعيد , لكنه كان لشجاعته وصراحته الجارحة كما كان يراها من يراها جرت عليه الغضب , لكن الرجل كان جزء من رؤية نصفها كان ربما مع الرجل الكبير الآخر جار الله , لكن السيل الهادر جرف الاثنين !!! , يبدو أن حظ هذه البلاد أن تفقد رجالها الكبار لسر يعلمه الله ويظن الحاكمين انه من حسن حظهم !! , لا تجد للأمر تفسيرا !!! , واحسب كما حسبها المقداد صاحب كتيب أمن البحر الأحمر , فاليمن خلال سنواتها الـ 52 فقدت رجالها الحكماء أيضا , أقصد رجالا من حجم الشحاري, والبشاري , والربادي , من لم ينظروا إلى هذه البلاد من ((شُحْجْ)) الأوقاف وعقارات الدولة, ونوافذ الرديات, والوفورات, وتعاملوا مع سبتمبر 62 على أنها فرصة منحت لهم من السماء ليبعدوا (( الذحل )) , كان محمد البابلي البسيط الكبير يتمنى أن يظل فقيرا إذا نجحت الثورة , انظر إلى هذا النوع من الرجال الرجال نوع حلمهم , مات رحمه الله ولم يجد أهل بيته ثمن الكفن , يبدو أن السماء استجابت لدعائه !!! , الآن وبالرغم من مرور 12 عاما على استشهاده , فلا يزال يحيى المتوكل بحلمه ورؤيته يبحث عمن يواصل السير - لا نزال بحاجة إلى الرجال الكبار الاستثنائيين - , وستمنحه روحه السر .....لا يوجد من هو بحجم سر الرجل وإبراهيم آخر لن يتكرر الآن....يبدو أن علينا أن ننتظر نتيجة المخاض .
نقلا عن الثورة

حول الموقع

سام برس