بقلم / ناجي عبدالله الحرازي
بعدما وصل حد الفساد الماالي والإداري الذي تعاني منه الكثير من الدوائر الحكومية مستوى لا يقبله عاقل وبعدما أصبح هذا الفساد في نظر البعض ثقافة سائدة يتقبلها حمران العيون ، ويتألم منها من لاحول لهم ولاقوة .. قد يقول البعض – اتفقنا معهم أم لا – إنه لم يعد بالإمكان الاعتراض على ماتفعله اللجان الشعبية التي شكلت في كثير من هذه الدوائر الحكومية بهدف وضع حد لهذا الفساد ، خاصة إذا كان أعضاء هذه اللجان والمسئولون عنها من داخل هذه الدوائر الحكومية ويعلمون أسرارها وخفاياها.

لكن وحتى وإن افترضنا وقبلنا مبدأ حسن نوايا هذه اللجان ، وحرصها على المصلحة العامة ، وعدم وجود أسباب شخصية أو حزبية ، وشعرنا أن ما قامت وتقوم به حتى الآن حقق بالفعل نتائج ملموسة في معركتنا ضد الفساد المستشري في جسد أجهزة الدولة المدنية والعسكرية كالداء العضال .. حيث لو قبلنا ذلك فلابد من الإقرار والاتفاق على أهمية أن يخضع عمل هذه اللجان للضوابط والإجراءات واللوائح القانونية التي تتوفر لدينا منذ سنوات ، لكنها تعرضت للإنتهاك وللمخالفات، لدرجة أنها أهملت وتحولت إلى حبر على ورق..

هذا الإهمال أو التجاهل الذي لا يخفى على أحد ، دفع رئيس مجلس الوزراء الأستاذ خالد محفوظ بحاح لتوجيه التعميم رقم (1) لسنة 2015م، للوزراء ولأمين العاصمة والمحافظين ورؤوساء الهيئات والمؤسسات والمصالح العامة، ولاحظ فيه عدم الالتزام أو التقيد بالنصوص الواردة في القوانين واللوائح التنفيذية..

صحيح أن منشور رئيس الوزراء كان معنيا فقط بالترشيحات المتعلقة بالتعيينات في الوظائف القيادية في أجهزة الدولة المختلفة، حيث طالبهم بالالتزام بالقوانين والقرارات والتعليمات المتعلقة بالتعيينات وأوضح لهم بجلاء أنه لن يتم التعامل مع الترشيحات السابقة لتاريخ المنشور (والمرفوعة بطبيعة الحال من وزراء سابقين أو أعضاء في الحكومة السابقة) وطالبهم برفع ترشيحات من قبل الوزراء الحاليين .. إلا أننا كنا نتوقع أن يشمل المنشور كل ما يتعلق بعدم الالتزام أو التقيد بالنصوص الواردة في القوانين واللوائح التنفيذية المتعلقة بالمخالفات المالية والإدارية بشكل عام وليس فقط بالترشيحات المتعلقة بالتعيينات في الوظائف القيادية في أجهزة الدولة المختلفة...

كما أننا إذا أردنا وأرادت هذه اللجان وأراد الأخ رئيس الوزراء إكمال مهمة وضع حد لعدم الالتزام أو التقيد بالنصوص الواردة في القوانين واللوائح التنفيذية المعمول بها، وبالتالي وضع حد للفساد المالي والإداري وتحقيق الإصلاح المطلوب، بحيث يلتزم الجميع بالنصوص الواردة في القوانين واللوائح التنفيذية، ونمنع تكرار مظاهر الفساد، فلابد أن تكون الخطوة التالية لمنشور رئيس الوزراء ولعمل اللجان الشعبية اتخاذ إجراءات قانونية بحق المفسدين ومن ثبت بالدليل القاطع ويثبت تلاعبهم بالمال العام أو استغلالهم لوظائفهم لتحقيق كسب غير مشروع..
إذا فعلنا ذلك ستكون اليمن قد قطعت شوطا طيبا في مجال مكافحة الفساد والمفسدين ، ولن نكون بحاجة لا لهيئة مكافحة الفساد ولا للجهاز المركزي لرقابة والمحاسبة ..
هاتان المؤسستان اللتان تأسستا منذ سنوات لمنع الفساد والمفسدين ، لكنهما لم تتمكنا من تحقيق إنجاز يذكر سوى ما تابعناه ونتابعه من وقت لآخر حول إحالة بعض القضايا للنيابة العامة على استحياء ودون ضجيج ، ومحاسبة القلة ممن لهم علاقة بتلك القضايا أو بمعنى أدق المفسدين الصغار
هؤلاء المفسدون الصغار لابد من محاسبتهم، لكن في الوقت نفسه لابد من محاسبة كبار المفسدين الذين لولاهم لما تجرأ الصغار على ارتكاب مخالفاتهم أو جرائمهم ..
وهذه خطوة جريئة جدا وستخلص البلاد من ثقافة الفساد والمفسدين التي استشرت، وستمكن اليمن من تربع مكانة أفضل في مؤشر الشفافية الدولي المعني بالفساد في دول العالم..

حول الموقع

سام برس