عبدالله الصعفاني
مع الرئيس هادي كل الحق وهو يضمِّن استقالته إشارة إلى أن القوى السياسية قد خذلته.. وأزيد على ذلك بأن بعض هذه القوى اختزلت دوره بدور المسؤول المالي من موقعه في رأس الدولة ليجيد نجله دور أمين الصندوق.. والأمر يفسر كيف أن الاستقالة أثارت الانزعاج في نفوس مستشارين وقادة أحزاب، غير أنهم جاهزون للقفز البهلواني حيث تكون الأضواء والمكاسب الجديدة، ولا علاقة للحكاية بالفراغ.

ومن واقع هذا الحال الحزبي والاستشاري الفاسد يستطيع المراقب فهم صمت معظم الأحزاب عن قول ما هو دستوري وصائب، وإعادة تشغيل أسطوانة حوارات الموفنبيك، مع شيء من الانسحابات والممانعات التي تعسر ولا تيسر في وجود مخصّب الأزمات جمال بنعمر.

وفي السياق السابق يمكن تبديل هذا التباين السلبي المراوح بين طرف يطالب الرئيس والحكومة بالتريث للمزيد من التنقيب عن الحلول، وبين الحدة الانفعالية على طريقة العتواني، وبين تحسُّر الإصلاح على ضياع فرصة الأخذ بخناق من قلبوا الطاولة والمعادلة بلغة الأرض والواقع.

وعلى تعدد المقترحات لحل الفراغ الافتراضي أتميز غيظاً من الداعين لمجلس رئاسي، ليس طمعاً برئاسة يحيى الراعي، وإنما لأننا سنجد من دوخوا اليمن بالاستشارات المضروبة وقد تحولوا إلى أعضاء مجلس رئاسة، وحينها سنكون أمام أخطر أشكال التجريب بالمجرّب.

وبعد السؤال عمَّا يمكن أن يقدمه الرئيس هادي على رأس مجلس للرئاسة مما لم يقدمه وهو يقود البلاد منفرداً، لا أعرف لماذا تصدَّر خبر قيام وزارة المالية بطمأنة الناس بأنها ستصرف مرتبات شهر يناير على التوالي؟ لعله الإحساس الشعبي بأن بلداً تديره مثل هذه النخب الحكومية والسياسية لم يعد يحتاج إلا إلى شرطة تضبط أي خارج على القانون والذوق العام، ورئاسة بدرجة أمين صندوق تؤمّن المعاشات..

ومن جهتنا كإعلاميين، احنا جاهزين لأن نجعل أبرز أخبار التاسعة بأن أمين الصندوق غادر، وأمين الصندوق عاد، وأن كاتب المعاش كان في استقباله تأكيداً على انسجام وتناغم الوظائف والأدوار بين محسوبين على الزنين والمقاطب والبنطلونات وبين مرتدي الكاكي العسكري.

ولا بأس من وجود حكومة لا يهم تسميتها بحكومة الاتفاق أو الكفاءات أو تصريف الأعمال، وإنما حكومة ضبط سوق التحريض المذهبي والمناطقي والطائفي وتأمين معاشات المدنيين والعسكر.. ولا بأس من اعتبار المقترح من باب أخذ الحكمة من أفواه الصحفيين والكتاب المجانين.

حول الموقع

سام برس