بقلم / جميل مفر
* لم يعد يعرف معظم اليمنيين ما الذي يتطلب الوضع الراهن اليوم لينفذ الوطن بجلده من الاحتمالات السيئة والاحتمالات الأسوأ - وهي الاحتمالات التي بدأت تتربع على الواقع وتحاصره..
بالنظر إلى مجرى المتغيرات الحاصلة.. تلك المتغيرات التي تفرض نفسها نظراً لإحجام مختلف القوى السياسية الفاعلة عن المشاركة الحقيقية في حلحلة الأزمة الراهنة، أو على الأكثر تلك المشاركة المعبرة عن إسقاط الواجب لا أكثر!!
* نعم.. لم يعد واضحاً بالمرة واقع السياسة اليمنية..أصبح يشبه إلى حد كبير لغات من الخيوط تداخلت فيما بينها وظلت تتداخل وتركنا مهمة التدخل لتفيد تلك الخطوط للسياسيين منا، فيما نحن نكتفي بدور المراقبة منذ الوهلات للسياسيين منا، أولئك النفر الذين أكثر ما يهمهم في العملية برمتها تسجيل الحضور.. والإمساك بزمام الأمور حتى وإن يكن في عملية التعقيد والتطويل التي يقصدونها ويذهبون باتجاهها عمداً في غالب الظن والاحتمال، في عمليات كيدية متبادلة، لا تراعي مصلحة عامة للوطن، ولا تضع في الاعتبار كونها مسئولة أولى عن كل ما يجري وسيجري للوطن..

* والذي يسترعي الانتباه ويستجلب الاستغراب والاستنكار كون تلك الأطراف السياسية لا تقدم برامج ولا رؤى ولا حتى مشاريع تصورات لفكفكة الأزمة الراهنة، ونكتفي فقط بكونها أطرافاً افتراضية حين يستدعي الأمر المشاركة الفعلية وتقديم التنازلات والمبادرات الفعالة التي من الممكن أن تخدم أية عملية سياسية قادمة، بل وأدهى من ذلك أن لا مشروع لأية عملية سياسية فعلية تضع حداً لكل هذا العجز والتعطل مقدم من أية قوة أو طرف من الأطراف التي تزعم ونظن نحن أنها جزء من الواقع السياسي المعاش!!

* إن موقف المتفرج السلبي اليوم لم يعد شاغراً، بل لم يعد موجوداً، وهذا ما يجب أن تدركه تلك القوى والأطراف، وأن الغياب وعدم التأثير والتدخل الفعلي والإيجابي في ظرف كالذي يعيشه الوطن اليوم، لا يعني شيئاً سوى انتفاء الأهمية لوجود تلك القوى، وأنها أصبحت مجرد قناع فائض باهظ التكلفة ومنعدم المنفعة والعائد.. وبالتالي فإن التخلص منها هو أول ما يخطر في البال تفادياً لما تتسبب فيه من أعباء لا داعي بالمرة لاجتمالها لها وتحملها.. بل وإنها قد تجاوزت كونها عبئاً بأنها غدت تحدث أذى شديداً لواقعنا ولمختلف أوجه حياتنا.
* لقد مر الوطن منذ العام 2011م بأزمات متتالية تستظل في مجملها بأزمة كبرى افتعلتها وتطورت حيثياتها وتوالياتها تلك الأطراف التي يؤسفني أن أستكثر عليها وصف النخبوية.. ولم تبذل تلك القوى فيما نشأ وتوالى أي جهد في إيجاد حتى صيغة معقولة أو تتفق حتى على مشروع للنجاة والتخلص من ذلك الاحتقان السياسي الذي كان وما يزال أثره يسوم الوطن والشعب سوء العذاب بل وزد على ذلك أن تلك القوى كانت العامل الأساسي الذي يقف وراء التحول السياسي على امتداد أربع سنوات من السيئ إلى الأسوأ وهكذا..

* حدث ما حدث وصار ما صار وما يزال يحدث ويعيد تحت مراقبة الشعب الكثير من المساوئ السياسية المحتملة وغير المحتملة، ولم يكن من دور لتلك القوى أكثر من التعقيد والتأزيم وحصد المكاسب السياسية والوصولية الممقوتة، ولم يكن في بال أي منها شيء اسمه الوطن والمصلحة العامة للوطن وللشعب.. الوطن الذي لا يحضر إلا حين حاجة لحضوره في خطاب سياسي أو مزايدة سياسية مما يجيده السياسيون، أو ما لا يجيدون سواه تقريباً، في حضورهم الشكلي الذي لا يعد كونه حضوراً انتهازياً، صارت بسببه الأمور ما صارت عليه في الوقت الراهن من سوء، وانهارت بسببه أيضا كل العمليات السياسية انهياراً مخيفاً كشف خواء ومساوئ تلك القوى.
* أخيراً يبرز التساؤل المهم اليوم في سياق ما يمكن اعتباره ربما فرصة أخيرة أمام تلك القوى السياسية: ماذا بعد؟! وأنا ومثلي معظم أبناء الوطن لدينا ثقة كبيرة في أن الإجابة شافية من الممكن أن تقدمها تلك القوى!! نعم لأنها من حدث لآخر ويوم لآخر تنكشف عارية وهزيلة وعديمة الجدوى وهو بالتالي ما أدى إلى حدوث أزمة حقيقية نعيشها اليوم ويعيشها الوطن، ولن ننجو منها إطلاقاً ما دام دور وأداء تلك القوى بهذا المستوى الرديء وبهذا الشكل الانتهازي النفعي فلا احتمالات إيجابية نضعها في الحسبان ولا نتوقع إلا ما هو أسوأ وأشد سوءاً في واقع أزمتنا ومتغيراتها وتطوراتها.

حول الموقع

سام برس