بقلم/ علي البخيتي
يبدوا أن الرئيس هادي قرر أخيراً أن يخوض الحرب مع أنصار الله، هادي الذي ترك عمران لقمة سائغة أمام الحوثيين ورفض امداد القشيبي بالسلاح والذخيرة حتى قُتل، بل وصرح المتحدث باسم القوات المسلحة وقتها أن المعركة بين القشيبي والحوثيين ليست معركة الجيش اليمني، هادي الذي زار عمران بعد سيطرة أنصار الله عليها بأكثر من أسبوع وقال أن الدولة هي من تسيطر عليها، هادي الذي ترك علي محسن الأحمر يخوض المواجهات مع فرقته حتى هزم ومن ثم ساعده على الفرار فقط، هادي الذي أوصل الحوثيين الى مشارف تعز ينتفض اليوم ضدهم ويريد أن يجعل تعز ساحة حرب دفاعاً عن جنوبه الذي يعتقد أنه سيحكمه بمفرده.

لم يتصرف هادي بمسؤولية ولا بوطنية منذ توليه السلطة، لم يعين محافظين ومسؤولين امنيين وعسكريين مستقلين في الجوف وعمران ليمنع الحرب عنهما بسبب تذرع الحوثيين بأن الاخوان هم من كانوا يديرون المحافظتين، هادي لم يتعامل مع المحافظات الشمالية بمسؤولية على اعتباره رئيس لكل اليمن، وكان يترك الأطراف السياسية الشمالية تتصارع وهو متفرج مع أنه كان في قدرته إيجاد حل ووقف الحروب، لكنه رفض التدخل معتقداً أنه بذلك يدفع قوى الشمال لتصفية بعضهم ليخلوا له الجو بعدها ليحكم اليمن بمفرده.

انقلب السحر على الساحر ووصل اللهب الى قصر هادي في صنعاء ولسعته الحرب كما لسعت بيت الأحمر وعلي محسن والاخوان، فر الى عدن وهناك أعلن الحوثيين متمردين ومحتلين، لم يعلن هادي الحوثيين متمردين عندما سيطروا على عمران وصنعاء وبقية المحافظات الشمالية، لكنه أعلنهم كذلك عندما وصلت الحروب الى المحافظات الجنوبية.

يسعى هادي الى نقل المعركة الى تعز، يحشد ويدعم ويرسل الأموال لمختلف الأطراف السياسية، ويسعى لشراء ولاء قادة الوحدات العسكرية والأمنية حتى ولو أدى ذلك الى انقسام في صفوف الجيش والأمن داخل المحافظة، يريد أن تتفجر المعركة في تعز ليسقط فيها الآلاف من الضحايا وتدمر المدينة ليكون ذلك مبرراً لتدخل دولي في اليمن، ولن يكون هذا التدخل لحماية اليمن من الحوثيين أو لإخضاعهم واعادتهم الى جادة الصواب ومنع سيطرتهم الأمنية والعسكرية على كل المحافظات واجبارهم على الجلوس مجدداً على طاولة حوار جدي وحقيقي، بل سيعمل هادي على أن يُجير التدخل الدولي لحماية الجنوب تمهيداً لفصله عن الشمال، فقط يريد هادي أن تكون المحرقة في تعز لكي يتحرك العالم.

يحدث هادي نفسه أن الشمال ميؤوس منه وأنه سيخضع عاجلاً أم آجلاً بأكمله لسلطة الحوثيين، هكذا يحدث الجنوبيين عندما يخلوا بهم، ويقول لهم لا شأن لنا بهم، ليتحاربوا الى أن ينتهوا، وعندما يلتقي بالشماليين يتحدث لهم عن دوره في إيقاف الساعين للانفصال عند حدهم وكيف يعمل من أجل الوحدة، وعندما كان يزوره الحوثيون كان يحدثهم عن متاعبه مع الاخوان وعلي محسن وصالح، ويفعل العكس عندما يلتقي بالإخوان المسلمين أو بعلي محسن الأحمر، حيث يحدثهم عن وقوفه المزعوم أمام تمدد تحالف عفاش مع الحوثيين.

كان يعتقد هادي أن لا أحد يعرف كيف كان يدير البلد وكيف كان يُحدث كل طرف بما يريد ويتمنى سماعه، متناسياً أن جلسات القات والمناسبات العامة تجمع اليمنيين بمختلف انتماءاتهم ويتحدثون فيها بكل ما يعتقد هادي أنها أسرار لا يمكن أن تخرج، بل أن بعضهم أخبروني أنهم كانوا يلتقون بعد خروجهم من عند هادي ببعض خصومهم وهم لا يزالون داخل قصره ويقولون لهم ساخرين: سيحدثكم هادي بما ترغبون، وسيهاجمنا لترضون عنه، الكل كان يعرف لعبة هادي لكنهم كانوا لا يتجرؤون على مصارحته وكلاً له مصلحة في ذلك.

على أبناء محافظة تعز وقادتها الأمنيين والعسكريين أن لا يسمحوا لهادي بأن يحول محافظتهم ومدينتهم الى محرقة وهلوكست جديدة ليتباكى بها أمام العالم ليتدخل ومن ثم يُجير هذا التدخل ليدعم حكمه للجنوب عبر منع توسع الحوثيون خارج حدود عام 90م، ولو كان هادي جاداً في مواجهة الحوثيين بدافع وطني على مستوى اليمن لكان واجههم في عمران أو في صنعاء العاصمة، لكنه كان عامل جذب لهم بفشله وادارته السيئة للبلد وادعائه ان الدولة تدير مختلف المحافظات ومنها عمران حتى بعد استيلاء الحوثيين عليها.

سيتخلى هادي عن تعز في أقرب صفقة مع الحوثيين وسيبيع قواها السياسية اخوان وناصريين ويسار مقابل التزام بعدم تجاوز الحدود الشطرية، فمن باع القشيبي ودماج في عمران لن يتورع عن بيع شوقي هائل وتعز.
***
ولن يتمكن هادي حتى من حكم الجنوب ولا المحافظة على وحدته، فضعفه وعجزة وسوء ادارته عامل جذب للمجموعات المسلحة والمتطرفة، إضافة الى أنه لا يزال يعمل بعقلية الصراع القديم ما بين الزمرة والطغمة، وأبناء المحافظات الجنوبية يدركون ذلك تماماً لذلك لا يراهنون عليه ولا يخرجون في مسيرات دعماً له.

لا أدري كيف يثق بعض أبناء تعز في هادي ولا كيف تثق فيه بعض القوى السياسية ولا تزال تراهن عليه بعد كل هذا التقصير في أداء واجبه كرئيس جمهورية لكل اليمن؟، لا أدري كيف يراهن اخوان اليمن بالذات عليه ويتمسكون ببقائه رئيساً لمجلس الرئاسة في الاتفاق الجديد؟، وكما قيل في الأثر: لا يلدغ المؤمن من جُحر مرتين، فكيف يلدغ الإخوان عشرات المرات من نفس الجُحر؟!!، عبر تمسكهم بالوهم وحرثهم في الماء، أم أنها حيلة الضعيف والغريق الذي يتمسك حتى بالقشة.

حول الموقع

سام برس