سام برس / بقلم/ عمار الشرماني
بدأت قوات التحالف بقيادة السعودية حربها على اليمن في 26 مارس/آذار2015 ومنذ الايام الاولى للحملة الجوية والتي اطلقت عليها قوات التحالف في بدايتها اسم "عاصفة الحزم" قامت قوات التحالف بقيادة السعودية باستهداف كل ما هو متعلق بوسائل النقل والموصلات وخاصة وبشكل مركز في محافظة صعدة، بحجة أعاقه اي امدادات عسكرية قد تصل الى المحافظة، فاستهدفت وقصفت تقريباً معظم الجسور التي في الطرق الرئيسية الإسفلتية والتي تربط وتصل محافظة صعدة ببقية المحافظات اليمنية، وأيضاً قصفت واستهدفت معظم الجسور التي في الطرق الفرعية الإسفلتية التي تربط قرى ومديريات محافظة صعدة ببعضها البعض، وكذلك تم استهداف وقصف تقريباً غالبية محطات الوقود في المحافظة وهي في الاصل قليلة جدا ومعدودة، وكانت النتيجة الطبيعية لذلك القصف الذي استهداف تلك الجسور التي في الطرق وكذلك محطات الوقود في محافظة صعدة، هي ان عملية التنقل والسفر من والى محافظة صعدة او من والى مديريات ومناطق وقرى المحافظة اصبحت شبه معاقة وتكتنفها صعوبات شديدةً، فالطرق الرئيسية والفرعية الاسفلتية المعبدة اصبحت مقطعة، اضافة الى شبه انعدام كامل لمادتي البترول والديزل نتيجة القصف الجوي الذي تعرضت له ايضاً محطات الوقود في صعدة، أضافة الى الحصار المفروض على اليمن بشكل كامل من قبل قوات التحالف ، وحتى أن وجد البعض منه في تلك المرحلة وخاصة في محافظة صعدة فأن اسعاره كانت باهضه الثمن وخيالية. هذا بالإضافة الى الصعوبات الأخرى التي يواجهها سكان محافظة صعدة وخصوصاً السكان الذين يقطنون في المناطق الجبلية فالطرق في مناطقهم وعرة جداً وغير معبدة .

· مهلة 8 مايو/أيار 2015 كانت من أجل تبرير قتل المدنيين فقط :

استمرت عملية عاصفة الحزم حولي 26 يوم ثم اعلنت قوات التحالف بقيادة السعودية انتهاء عملية عاصفة الحزم وبداء عملية اخرى في 21 ابريل/نيسان اطلقت عليها اسم عملية "إعادة الامل" لكن تغير الاسم لم يغير شيء على ارض الواقع فالطائرات استمرت في القصف والعمليات العسكرية لقوات التحالف في اليمن استمرت بل واشتدت وتيرتها بشكل اكبر مما كانت عليه اثناء عملية عاصفة الحزم سواءً على مستوى اليمن بشكل عام او على مستوى محافظة صعدة بشكل خاص، فبعد مرور حوالي 17 يوم من بداء ما اسمتها قوات التحاف بعملية "اعادة الامل" وبعد ان كانت طائرات قوات التحالف قد نفذت عملية اعدام شبه كامل لكل ما هو متعلق بوسائل النقل والموصلات في محافظة صعدة خلال عملية عاصفة الحزم والسبعة عشر يوم الاخرى من اعلان بداء عملية إعادة الامل ، وفي جريمة وحشية لم تمارس من قبل في اي حرب سابقة في العالم، وبصورة مفاجئة اعلنت قوات التحالف بقيادة السعودية في 8 مايو/أيار (محافظة صعدة) منطقة استهداف عسكري بالكامل..!! وهو امر ينتهك بشكل واضح وصريح قوانين الحرب الدولية، وطلبت من كل سكان محافظة صعدة البالغ عددهم اكثر من مليون نسمة مغادرة محافظة صعدة بصورة عاجلة، واعطتهم مهله لا تتجاوز الخمس ساعات لأخلاء تلك المحافظة البالغ مساحتها حوالي احدى عشر الف كيلوا مربع والمترامية الاطراف والجبلية ذات الطرق الوعرة والتي قطعت طائرات قوات التحالف اوصال معظم الطرق الإسفلتية فيها الرئيسية والفرعية ودمرت ايضاً محطات الوقود فيها..!!

فإضافة الى كون ذلك الطلب مخالف لقوانين الحرب الدولية فقد تجاهلت السعودية أيضاً كل الصعوبات التي تواجه السكان المدنيين في وسائل النقل والموصلات في محافظة صعدة سواءً الصعوبات الجغرافية الطبيعية أو الجديدة التي تسبب بها القصف الجوي الذي استهدف الجسور في الطرق الرئيسية والفرعية وكذلك محطات الوقود في المحافظة ... وطلبت من السكان وبشكل مفاجئ اخلاء المحافظة خلال مهله لا تتجاوز الخمس ساعات...!!

وكأنها كانت تهدف فقط من اعلان تلك المهلة البسيطة لسكان المدنيين لمغادرة المحافظة ليس في الحقيقة من أجل السماح لهم بالمغادرة، ولكن فقط من اجل تبرير مستقبلاً قتل أكبر عدد ممكن منهم امام الراي العام العربي والعالمي، ولكي تقول للعالم انها لا تتحمل اي مسئولية كونها قد حذرت السكان المدنيين واعطتهم مهله للخروج...!! فالوقائع التي على الارض تؤكد ذلك بما لا يدع اي مجال لشك، فمنذ اعلان تلك المهلة بدأت طائرات قوات التحالف باستهداف المدنيين في محافظة صعدة بذات وبشكل شبه يومي والامر لايزال مستمر الى يومنا هذا، وقد اكد ذلك تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الذي نشر في 30 يونيو/ حزيران الماضي والذي اكدت فيه استهداف طائرات قوات التحالف للمدنيين في محافظة صعدة في العديد من الغارات الجوية.

نعم هذه هي الحقيقة وذلك هو الهدف الحقيقي من اعلان محافظة صعدة بالكامل منطقة استهداف عسكري ومن ثم اعطاء مهله قصيرة جداً لسكان لمغادرتها، فليس من المعقول والمنطقي أن قوات التحالف بقيادة السعودية، لم تكن تعلم ان تلك المهلة التي اعطتها لسكان المدنيين للخروج من المحافظة هي مهله قصيرة جدا وغير منطقية ولا تتناسب مع الصعوبات التي يواجهها السكان المدنيين في محافظة صعدة على الارض في وسائل النقل والموصلات نتيجة وعورة الطرق وقصف الجسور ومحطات الوقود.

هناك الى اليوم ربما الآلاف من الاسر التي لاتزال عالقة في محافظة صعدة الى اليوم، فبسبب استهداف الطائرات المسبق للسيارات التي تسير في الطرقات قبل الاعلان عن المهلة لم يستطع كثير من سكان محافظة صعدة النزوح في المرحلة الاولى من الحرب، وفي مرحلة ما بعد الإعلان عن تلك المهلة القصيرة لم يستطع ايضاً كثير من السكان المدنيين مغادرة المحافظة لأن المهلة كانت قصيرة جداً، فالعوامل والصعوبات التي كانت تواجه السكان المدنيين في وسائل النقل والموصلات عند الاعلان عن تلك المهلة القصيرة في 8 مايو/أيار كانت تمثل عائقاً كبيراً امام نزوحهم، فأول شيء كان يتبادر الى ذهن السكان وخاصة من يقطنون المناطق البعيدة والجبلية هي ان المهلة قصيرة جداً وانهم اذا قرروا المغادرة فسوف تنتهي المهلة وهم لايزالون في الطرقات وذلك يعني ان الطائرات سوف تستهدفهم.

وانا شخصياً لدي اقارب لم يستطيعوا مغادرة محافظة صعدة خلال تلك المهلة لانها كانت قصيرة جداً، ولايزال عدد كبير من السكان المدنيين عالقين في قراهم ومناطقهم ولا يستطيعون الخروج منها والسفر بسبب خوفهم من قصف الطائرات للسيارات التي تمر في الطرقات حتى وان كانت تسير باتجاه مغادره محافظة صعدة فانه يتم استهدافها..!!

كما ان جزء من المدنيين العالقين في محافظة صعدة حالتهم المادية صعبة وحتى ان لاحت لهم فرصة لمغادرة المحافظة فهم لا يعرفون الى اين يذهبون فليس لديهم اقارب في محافظات اخرى كما انهم لا يقدرون على تحمل نفقات السفر وتكاليف النزوح والسكن، فاختاروا البقاء والموت على الذل وتكفف الناس... فالسعودية طلبت من سكان محافظة يبلغ عددهم اكثر من مليون نسمة مغادرة المحافظة دون ان تفكر وتسئل نفسها وتسئل خزائنها المليئة بالأموال الى اين سيذهب أولئك الفقراء، الذين يسكن أغنيائهم والميسورين منهم في بيوت من اللبن ..!!

السعودية فقط تساعد الشعب اليمني بأرسال الصواريخ بمليارات الدولارات اليهم بحجة انقاذهم من الحوثيين لكنها لا ترسل سوى بعض الفتات لأولئك الذين تدعي انها جات لأنقاذهم، فهي ربما قد انفقت اكثر من ثلاثمائة مليار دولار في هذه الحرب منذ بداء عدوانها على اليمن الى اليوم بينما في المقابل ومنذ بداية عدوانها على اليمن الى اليوم لم تقدم سوى حاولي 260 مليون دولار لشعب اليمني كمساعدات.

· هدنه الخمسة ايام لم تشمل محافظة صعدة:

واما بالنسبة للهدنه التي استمرت لمدة خمسة ايام والتي بدأت في 13مايو/ أيار واستمرت لمدة خمسة ايام فقد يقول البعض لماذا لم يستغلها السكان المدنيين ويغادروا اثنائها، فينبغي على العالم أجمع ان يعلموا ان محافظة صعدة لم تكن داخلة في تلك الهدنه، فالحرب والقصف الجوي والصاروخي ضل مستمر فيها بشكل يومي ومستمر ولكن العالم بسبب اموال السعودية كان يتجاهل الصواريخ والغارات المستمرة التي تشنها قوات التحالف بقيادة السعودية على محافظة صعدة اثناء تلك الهدنه ويصرخ بأعلى صوت اذا اطلق الجيش واللجان الشعبية طلقة رصاص هنا او هناك .

استلوا كم عدد الاسر التي نزحت منذ بداية الحرب واثناء اعطاء تلك المهلة القصيرة واثناء هدنه الخمسة ايام من محافظة صعدة وستعرفون حينها ان عدد الاسر العالقة في محافظة صعدة هو بالآلاف .

· ملاحقة الاسر النازحة وقصفهم:

اما الجريمة الاخرى وتمثلت في تتبع الاسر النازحة من صعدة واستهدافها بالطائرات في الاماكن والقرى التي نزحت اليها في المحافظات الاخرى بحجة ان قياديين حوثيين وصلوا الى تلك القرى والاماكن، وهو أمر ينافي العقل والمنطق والحقيقة فأولئك النازحين اغلبهم من النساء والاطفال وممن ليس لديهم أي علاقة بالأعمال القتالية والحربية، فالقيادات الميدانية بقوا في محافظة صعدة لدفاع عنها ولم يغادر احد منهم منها، فكيف يعقل ان تغادر القيادات الميدانية محافظة صعدة وتهرب والحرب مشتعلة... والا فقولوا لنا من هم أولئك الرجال الذين يواجهون الجيش السعودي في الحدود اذا كانت حقاً قيادات انصار الله الميدانية هي كما تدعون من نزحت وهربت من محافظة صعدة الى تلك القرى والاماكن التي تم قصفها..!!

· حذاء ذهبي سعودي يمنع سياسيين العالم من فتح كتب ومواثيق القوانين الدولية:

وهنا ايضاً اود الاشارة الى انه قد يحاول البعض التدليس على الناس والعالم ومغالطتهم بالقول أن الحوثيين هم من يمنعون السكان من الخروج من المحافظة وفي نفس الوقت سوف تجدهم يقولون ان محافظة صعدة هي المعقل الرئيسي للحوثيين، وذلك يعني انهم يشكلون الغالبية العظمى للسكان فيها، فهل من المعقول أن يمنع الحوثيين اطفالهم ونسائهم واسرهم من السفر والنجاة..!!

أو قد تسمع المتحدث باسم قوات التحالف يصرح ويقول أن الحوثيين هم من يمنعون المدنيين من المغادرة لكي يستخدمونهم كدروع بشرية، فنقول له هل بقي شيء لم تستهدفه طائرات قوات التحالف في صعدة بسبب اي مانع، لكي تقولوا ان الحوثيين يستخدمونهم كدروع بشرية، فالطائرات تستهدف كل شيء بلا استثناء ودون اي مراعاه لأي مانع مهما بلغت حرمته والسبب هو " لان السعودية قد وضعت كل القوانين الدولية تحت حذاء من الذهب وداست عليها بقوة، فلم تعد أي دولة او حكومة او اي رئيس دولة في العالم يقوى على فتح كتاب القوانين الدولية ليتم محاسبة السعودية على تجاوزاتها في حربها مع اليمن، لانهم اصبحوا ضعفاء امام اغراء وبريق ذلك الحذاء الذهبي السعودي الذي تم وضعه على القوانين الدولية، فقد سلبهم ذلك الحذاء الذهبي عقولهم وضمائرهم و انسانيتهم، وحجبهم وشغلهم لمعانه عن تأدية واجباتهم والتزاماتهم نحو ضرورة التزام كافة دول العالم بالقوانين الدولية، فكل طرف منهم ينتظر فقط فرصته للحصول على لعقة يلعقها بلسانه من ذلك الحذاء الذهبي السعودي، اما على شكل عقد صفقات سلاح مع السعودية واما على شكل صفقات اقتصادية يعقدها معها "

وفي الاخير اقول نعم لقد تضررت العديد من المحافظات اليمنية بسبب العدوان السعودي لكن ما تعرضت له محافظة صعدة كان اكبر من كل ما تعرضت له كافة المحافظات اليمنية، فلقد تم تدمير محافظة صعدة تدمير شبه كلي (منازل، اسواق، قرى، مزارع،) بل وتم تدمير كافة اشكال البنى التحتية فيها، بل واضافة الى ذلك تم قصف اجزاء منها بأسلحة محرمة دولياً كالقنابل العنقودية وغيرها من الاسلحة المحرمة دولياً وقد اكدت ذلك منظمة هيومن رايتس في تقريرها الصادر في 3مايو/ أيار والذي اكدت فيه وبالأدلة استخدم السعودية لقنابل عنقودية في قصف محافظة صعدة .... وكثير من سكانها اليوم عالقين فيها ويعيشون في داخل الكهوف والحفر بسبب قصف الطائرات السعودية لقراهم.

فاذا لم تستطع الامم المتحدة فرض هدنه شاملة في الايام القادمة فهي ملزمة انسانياً واخلاقياً على الاقل بالزام جميع الاطراف بهدنه خاصة لمحافظة صعدة لمدة 24 ساعة على الاقل تحت اشراف الامم المتحدة لكي يستطيع السكان العالقين النزوح منها، واذا لم تستطع فيمكنها كأقل واجب انساني عمل جسر جوي من مطار صعدة لنقل كافة الراغبين في النزوح من سكان محافظة صعدة الى العاصمة صنعاء.

الحلول كثيرة اذا وجدت الارادة الحقيقية لإنقاذ السكان المدنيين في محافظة صعدة من ألة القتل السعودية.... ام أن بريق وصوت قعقعة الحذاء الذهبي السعودي الذي تدوس به السعودية على كل القوانين الدولية سيظل اقوى من صوت كل يطالب بتطبيق القوانين الدولية وأقوى من كل الدعوات الانسانية.

بل يجب على الأمم المتحدة وكل الشرفاء في هذا العالم تحميل السعودية مسئولية إيواء وتوفير السكن لكل النازحين سواء النازحين من محافظة صعدة او النازحين من المحافظات الأخرى بسبب القصف الجوي، فموجات النزوح لم تبدا في اليمن الا منذ بداء الحملة الجوية التي قادتها السعودية على اليمن في 26 مارس/آذار2015 وعليها أيضاً ان تعلم ان ذلك الامر ليس فضلاً منها ولا تكرماً بل هو استحقاق وحق وهو اقل تعويض يجب ان تدفعه حالياً لكل من تضرروا ونزحوا نتيجة الغارات الجوية التي تشنها هي على من تعتبرهم اعداء لها.

· لماذا القلق من اي هدنة :

أن عمل هدنة من يوم واحد او يومين او ثلاثة او حتى عشرة ايام من اجل ان يستطيع السكان المدنيين مغادرة محافظة صعدة او من اجل ان تصل المساعدات الى كافة الشعب اليمني لن تغيير شيء في مسار المعركة فقوات التحالف بقيادة السعودية منذ مائه يوم من العمليات المستمرة لم تحقق اي نجاح او تقدم يذكر على الارض، فلن تتسبب اي هدنه قادمة قد يتم الاتفاق عليها بفشل وهزيمة اكبر مما هم عليه اليوم، فالسعودية وحلفائها على ما يبدوا وبحسب كل الشواهد والتحليلات سوف لن يكون نصيبهم سوى الهزيمة في هذه الحرب وعليهم ان يتقبلوا هذه الحقيقية حتى وان كانت مؤلمة ومرة، فعليهم ان يتوقفوا عن المكابرة والقبول بعمل هدنة لإيصال المساعدات الى كافة ابناء الشعب اليمني ويتوقفوا عن الادعاء بأنها قد تتسبب بخسارة مكاسب سابقة حققتها قوات التحالف، فقوات التحالف بقيادة السعودية لم تحقق اي مكاسب منذ بداية الحرب الى اليوم لكي تخاف على خسارتها.

حول الموقع

سام برس