بقلم / حمدي دوبلة
ذهب الناس بالشاة والبعير وانشغلت غالبية الدول الكبرى والصغرى العرب منهم والأعاجم بالصفقات والعقود والاتفاقيات وبحساب الأرباح والمكاسب جراء دعمهم المباشر أو مساندتهم أو سكوتهم حد التواطؤ عن جريمة قتل الشعب اليمني وتخريب بلاده .

ذهب الجميع في أنحاء المعمورة بالدثور والأجور وبالدولار والريال وبقيت سلطنة عمان الشقيقة متمسكة بمبادئها الحضارية وانتماءاتها الإنسانية تناضل في غابة من " طواغيت" البشر من أجل الانتصار لإرادة الشعوب وحقها في الحياة .

ظل الأشقاء في عمان على موقفهم المبدئي المشرف منذ اللحظات الأولى لمحنة أهل اليمن على الرغم من تنكر العالم وتخلي مؤسساته الدولية عن أداء مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية وعملوا ومازالوا يبذلون قصارى الجهود من أجل جمع الفرقاء من اليمنيين ولم شملهم وإصلاح ذات البين وتقريب وجهات النظر في سبيل حقن الدماء اليمنية والحفاظ على مقدرات البلد وأساسيات حياة أبنائه.

ما يدعو للفخر والاعتزاز والإكبار للموقف العماني ثباته اللافت على الحياد الإيجابي الذي كان عنواناً للسياسة العمانية إزاء كل الأحداث والقضايا والخطوب الجسام التي شهدتها المنطقة خلال العقود الماضية غير أنه اليوم اكتسب بعداً إنسانياً رائعاً خاصة وهو يتجسد واقعاً ملموساً في هذا الزمان الأرعن ووسط هذه الحضارة الجوفاء المجردة من القيم والمعاني الإنسانية وفي هذا العصر الذي طغت المادة و تجاذبات المصالح بين البشر وأصبحت مدنية الطوب والاسمنت و خرسانات الأبنية الشاهقة عناوين بارزة لواجهته ومضامينه.

وعلى عكس ما كنا نتوقع ونؤمل من الشقيقة الكبرى التي كنا نعدها سنداً وعوناً لنا في ساعة المحنة فكشرت هذه "الكبرى" وما كبير إلاَّ الله عن أنيابها وألبت علينا العالم لتوسع فينا قتلاً وتنكيلاً وتعيث الخراب والفساد في بلادنا تحت مبررات واهية تتحدث عن حمايتنا وصون شرعيتنا وبناء مستقبلنا المشرق.

كلنا مع الشرعية ونحترق شوقاً وحنيناً إلى دولتنا وعودة مؤسساتنا الدستورية وحياتنا الطبيعية.. لكن أبهذه الجرائم والفظائع التي باتت تُرتكب فينا وعلى أرضنا تُستعاد الشرعية؟

أما كان الأجدر بك وأنت من تملك المال والنفوذ وقد استطعت أن تقنع العالم بأسره بمشروعية حربك الآثمة على اليمن أن تقنع أطراف النزاع في اليمن وتجمعهم تحت إشرافك ومن تريد من البلدان الطامعة في وصالك والاقتراب من بحيرات نفطك وتباشر في وضع المعالجات والحلول بما يفضي إلى حقن الدماء وضمان رسو السفينة إلى مرفئ الأمان؟ بدلاً من إزهاق كل هذه الأنفس المحرمة وتخريب كل مفاصل الحياة وتدمير حاضر ومستقبل الأمة اليمنية يا من تدعي خدمة بيت الله الحرام وصيانة المقدسات هل سمعت يوماً ذلك الحديث الشريف الذي يؤكد فيه الرسول الكريم " لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم"؟ ماذا جنيث بعد خمسة أشهر من القتل والتشريد لأبناء اليمن والتدمير الممنهج لحياتهم؟

لقد أضعت مالك وهيبتك ولم تنل غير البغضاء وتنامي مشاعر العداء بين اليمنيين ضدك وضد ملك آبائك.
هل صدَّقت أبواقك الإعلامية بأن أبناء اليمن يلهجون بحمدك والثناء عليك؟ وكيف يكون ذلك ولم يبق يمني واحد إلاَّ وناله نصيب من بطشك وغرورك وتجبرك؟ نعم أعلم ويعلم معي الجميع بأن هناك من اليمنيين من يقول غير ذلك ممن تستضيفهم لديك وتغدق عليهم بالأموال والعطايا لكن على الأرض اليمنية يبقى الأمر مختلفاً تماماً فقد طالت حربك الظالمة كل شئ جميل في حياتنا.

ماذا عساك أن تفعل هل ستعيد بناء وترميم ما دمرت من الأبنية والمنشآت فمن يعيد إذاً الحياة إلى من قتلتهم طائراتك في منازلهم ومزارعهم وفي أماكن أعمالهم وفي الأسواق والطرقات والمستشفيات وفي كل مكان؟ ماذا أنت فاعل بالجراحات العميقة التي أصابت مشاعر كل إنسان يمني بعد أن وجد الجميع أنفسهم طيلة الخمسة الأشهر الماضية ومايزالون إلى أن يشاء الله أهدافاً مشروعة لآلة حربك وقذائفك المدمرة؟

شكراً عمان فقد ذهب الجميع بالمكاسب والأموال ونالتهم نفحات مادية من أثر العدوان على اليمن وحظيت أنت ومعك قلة قليلة من الدول والشعوب المستضعفة على هذه الأرض باحترام العالم وبحب وعرفان اليمنيين أبد الدهر ولاعزاء للعدوان الظلوم.
نقلا عن صحيفة الثورة

حول الموقع

سام برس