بقلم / حمدي دوبلة
الأسبوع الماضي دخل علينا شهر ذي القعدة الحرام الذي حرم فيه عرب الجاهلية الأولى سفك الدماء والغزو والاحتراب رغم أن هذه الممارسات كانت سائدة وتمثل مصدر عيش للكثير من قبائل شبه الجزيرة العربية وجاء الإسلام الحنيف ليقر هذا السلوك الإنساني الرفيع ويؤكد على حرمة القتل فيها ويعتبرها من الكبائر.

دخل الشهر الحرام متزامناً مع الاقتراب من دخول الشهر السادس من الحرب الظالمة التي قرر الأشقاء المترفون شنها على أشقائهم في اليمن دون ذنب أو مبررات مقنعة إلا غروراً بقواتهم وعتادهم وأموالهم الطائلة التي باتت تُنفق بسخاء غير مسبوق على الأنظمة السياسية والمنظمات الحقوقية في شتى بقاع الأرض من أجل تبرير هذه الحرب والسكوت والتغاضي عن جرائمها وانتهاكاتها الصارخة في حق هذا الشعب الفقير المسالم.

غريب أمر هذه الأموال حقاً, إذ تجعل من مؤسسة عالمية رائدة كمجلس الأمن الدولي الذي يعد الأهم والأكبر في العالم يتداعى لعقد اجتماع استثنائي وعاجل لإدانة اقتحام عدد من العناصر المسلحة للمبنى الخالي للسفارة الإماراتية بصنعاء ويطالب بالانسحاب الفوري منها، وتعمى عيونه عن رؤية المجازر الوحشية التي ترتكب بحق المدنيين والأطفال والنساء من قبل طائرات الغزو والعدوان ولا يعرج حتى بكلمة عن الحرب ومآسيها أو بشيء من الدعوات الخجولة التي عادة ما نسمعها عن ضرورة وقف استهداف الأبرياء ومقدرات البلد ومنشآته الحيوية.
لا أبرر هنا أمر اقتحام السفارات حتى وإن كانت دولها متورطة في العدوان، وإنما أتساءل أيهما أهم وأكثر خطراً وآثاراً وأجدر أن يكون قيد بحث المؤسسة العالمية الأولى ومحور اهتمامها ودعواتها دخول سفارة خالية أم إبادة شعب كامل وتدمير مقومات حياته؟

ما أعجب أمرك أيها المال حين تجعل العالم يتسابق إلى إدانة وشجب واستنكار قيام الجيش اليمني بتوجيه صاروخ واحد على هدف عسكري داخل أراضي الدولة صاحبة المال وقرار شن العدوان لكن هذا العالم يصاب بالخرس والصمم عندما يتعلق الأمر بإطلاق هذه الدولة الثرية وعلى مدى 6 أشهر للصواريخ والقنابل المحرمة شديدة التفجير على المدن والأحياء السكنية في هذا البلد الفقير!!
كم هي غريبة ومضحكة حد البكاء أفاعيل الأموال وما تحدثه في تصرفات البشر وسلوكياتهم!!

أي قوة خارقة هذه التي تجعل من البعض يُقدِمُ على البطش والتنكيل ببعضه الآخر وفي حضرة الشهر الحرام؟!
صور صادمة بثتها وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لأبشع أنواع القتل والتنكيل والإبادة والتمثيل بجثامين الضحايا أمام الأشهاد قام بها يمنيون ضد يمنيين دون إعطاء أي اعتبار لروابط الإخاء والقربى..

تلك المشاهد المأساوية وغير المسبوقة في تاريخ شعب الحكمة والإيمان عكست مدى الأحقاد والانشقاقات العميقة التي باتت تعصف بمجتمعنا المسلم المسالم.. فهل تهاوت أخلاقنا وأنستنا أطماعنا في نيل الأموال وبلوغ السلطان كل قيمنا الفاضلة, وهل يستحق لعاع من الدنيا كل هذه التضحيات من الدماء والأخلاق والفضائل؟

حول الموقع

سام برس