بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
من المفارقات العجيبة وغرائب الدهر أن تتحول الحكومة الفرنسية الى تاجر لبيع الاوسمة الرفيعة وتلويث رمزية تلك الاوسمة التي جاءت تقديراً لفترات نضال وكفاح الشعب الفرنسي ضد الطغيان والغرور وانتصاراً للإنسانية.

غير ان حالة النفاق السياسي والانزلاق الأخلاقي للرئيس فرانسوا هولاند الذي وثق فيه الناخب الفرنسي ، قد أثار سخطاً وجدلاً كبيراً في أوساط النخب والشعب الفرنسي ، بعد منح ولي العهد السعودي محمد بن نايف وسام جوقة الشرف الفرنسي يوم الجمعة الموافق 4 مارس 2016م بعيداً عن الأضواء ، وسواء مُنح الأمير السعودي الوسام مجاملة او بناء على طلبه فقد مثل صدمة كبيرة في بلاد تزخر برصيد ثقافي وموروث أخلاقي ضارب في الجذور، وانتقدت وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي تلك الخطوة المشينة ، وصُعق حزب الجبهة الوطنية الفرنسي وسارع الى دعوة الحكومة لسحب الوسام ، وأرتفع صوت الشعب الفرنسي وفعل ضميره الإنساني باحتجاج عالم الانثروبولوجيا الفرنسي الشهير "الين نيكولا " الذي تولى أمانة المتاحف الفرنسية مُعتبراً ذلك التكريم لولي العهد السعودي إهانة شخصية وجماعية غير مقبولة بسبب فقدان النظام السعودي للقيم الإنسانية والديموقراطية ، ولم تقف ثورة الوسام او " الفضيحة" عند هذا الحد بل رفضت أحد الممثلات الشهيرات تكريمها بوسام الشرف الفرنسي لفقدان قدسية ذلك الوسام الذي اعطي لمن لا يستحق.

ومُنح لرجل انتهكت دولته حقوق الانسان ومازالت تمارس أبشع صور الديكتاتورية والاستبداد وقمع حرية الرأي والتعبير على مستوى الداخل السعودي وتكميم الافواة على المستوى الخارجي ، متجاوزين حدود القيم الإنسانية في العراق وسوريا واليمن وغيرها من الدول .

كما أستغربت الشعوب العربية التي ماتزال تأن من حالة التوحش السعودي واستراتيجيته الممنهجة في دعم ثقافة التطرف الديني التي عرضت الامن والسلم الدوليين للخطر. .

قد يقول البعض أننا متحاملون ، إلا ان التقارير والاحصائيات المأساوية ومراكز البحوث والدراسات في واشنطن ودول أوروبا تجسد هذه الحقائق رغم التعتيم والتنويم للقضايا وشراء الذمم، مما جعل من الحكومة الفرنسية شاهد " زور" ومن وسام الشرف معولاً لهدم المثل النبيلة وتزييفا للحقائق وتدميرا للقيم الإنسانية واغواء للشعوب وتلميعاً لشخصيات وامراء ساهموا في دمار الانسانية .

ورغم ذلك النفاق والصفقات السياسية المشبوهة والتصدع الثقافي والانحطاط القيمي يبدوا ان الحكومة الفرنسية بدأت تحتضر اخلاقياً وتحترق سياسياً ، في ظل صحوة الشعب الفرنسي العريق ونُخبه الثقافية التي لم تدنس جيوبها وأيديها وأرصدتها بأموال دول النفط اوغيرها ولذلك كانت وستظل صمام أمان لفرنسا ضد أي تجاوزات وانحرافات ومجاملات من شأنها تلميع دول وأشخاص متخصصين في تعذيب الإنسانية وتسويق الحروب وتشريد البشر.
Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس