بقلم / عبدالكريم المدي
ما إن يطمئن خصوم علي عبدالله صالح وحزبه ( المؤتمر ) في اليمن وخارجه ،إنهم قد انهكوا هذا الرجل وتنظيمه ، ونالوا منهما ، إلا ويفاجؤن بهما ينهضان من جديد ،من بين ركام التحديات كحمم البركان وبقوة وسرعة صاروخ لا تقيده جاذبية أو تخفف من شدة إندفاعه مطبات وهو يخترقُ السحاب يخط أثره في الأفق ليصل الأرض بالسماء في مشهد آسر ومهيب .

حينما تيقن خصوم المؤتمر في العام 2011بأنهم اصابوه بحالة شلل ، وخاصة بعد جريمتيّ (18مارس ) و (3يونيو2011) كان صالح وقيادات حزبه وجماهيره يضربون موعداً جديداً من الدهشة والإبهار والنصر .
أتذكّرُ وكأنها اللحظة، حينما كان هناك شباب ورجال ومراهقون، ذكور وإناث، يأتون من إب وذمار والمحويت والحديدة وتعز ومأرب والضالع ولحج وشبوة ، يقطعون نسبة كبيرة من المسافة مشياً على الأقدام وصولا إلى صنعاء، لم يمنعهم الفقر وعدم إمتلاك أجرة الباصات والسيارات، كنتُ أشاهدُ الآلاف منهم وممن كانوا يتواجدون تحديدا جوار اللجنة الدائمة حيثُ كنا نقابلهم أثناء خروجنا في الساعات الأخيرة من الليل ، وكان بعضهم وصل للتو.

تخيلوا عماذا كان يبحث هوءلاء أول ما يصلون ؟ لم يكونوا يبحثون عن فنادق وغرف خمسة نجوم ولا عن مسابح أولمبية ولا عن حمامات بخار دافئة ، إنما عن صور علي عبدالله صالح وأعلام اليمن والمؤتمر ، و كراتين أوطرابيل يفترشون بها الأرصفة في إنتظار صباح جديد من صباحات أيام الجمعة التي يذهبون فيها إلى ميدان السبعين يهتفون ( بالروح بالدم نفديك ، يا علي ، بالروح بالدم نفديك يا يمن ) ثلاثة ملاين حنجرة كان يشق صدى صوتها الأفاق وجبال صنعاء بكل عفوية وعنفوان ووفاء وبراءة .
عيونهم تسيل لا إراديا وكأنها شلال بني مطر القريب.

ما أشبه اليوم بالبارحة ،الأيام تُعيدُ نفسها ،حيثُ شاهدتُ عددا من الناس في شوارع صنعاء وهم قادمون من مناطق ومحافظات عدة استعدادا لحضور الفعّالية الجماهيرية الكبر الذي دعا لها المؤتمر يوم ( 26مارس) بميدان السبعين ، نفس الميدان الذي احتضن شرعية ونظام صالح وحافظ على مؤسسات الدولة عام 2011.

الناس في حالة هيجان وتعطش شديدين لهذا اليوم ولمهرجانات المؤتمر ، وخطابات صالح ، لم يعد أحدهم يكترث بطائرات السعودية التي تستهدف المدنيين ، لهذا اقطع جازما إن حضورهم السبت القادم لن يكون أقل من ثلاثة ملايين شخص ، سيهتفون بصوت واحد نفيدك يا يمن ، سيجددون الوفاء والولاء والعهد لصالح بمواصلة الإلتفاف حوله ، إما النصر والسلام ، أو أن يهلوكوا دونه . يا إلهي ما الذي يصنعه هذا الرجل بخصومه ؟ كيف أضلهم الله بكراهيته ، وهزمهم حقدهم عليه ، وشتت بهم تآمراتهم عليه ؟

انتظروا دهشة غير مسبوقة ،وصرخة مؤتمرياً مدوية تعجزإمكانياتهم عن استيعاب وتحمل ما سيجري،وفي تقديري إن أهم عناوين وشعارات وأهداف ورسائل ذلك الطوفان المؤتمري، الوطني العفاشي المنتظر ستكون كالآتي:
1- اختتام عام كامل من صمود المؤتمر وحلفائه وأنصارهم والشعب اليمني في وجه العدوان ، وافتتاح عام جديد ينشدون فيه السلام ، ويستعدون في مستهله لمواصلة الصمود والحرب إن فرضت وهي كرهاً عليهم
2- تجسيد وتعزيز التماسك والتلاحم الوطني في وجه العدوان وأعوانه
3- حماية النهج الديمقراطي وحق اليمنيين في الحياة والحرية والسيادة الوطنية
4- رفض الوصاية بكل أشكالها وأنواعها
5- علي عبدالله صالح عفاش الحميري ، بعض من ثرى وثوابت هذا الشعب والمؤتمر ، سيبقى في وطنه،و سيدافع عنه ملايين المؤتمريين / اليمنيين حتى آخر فرد فيهم.
6- إعادة الزخم الجماهيري، المدني السياسي، للواجهة، على الطريقة المؤتمرية،وجعله عنصرا رئيسا من عناصر أي مفاوضات قادمة.
7- إيصال رسالة مدوية للإقليم والعالم ستصرخ بها من ( 3-4 ) ملايين حنجرة، عنوانها ( حاسبوا ، نحن هنا )

لقد نهض المؤتمر بعد كل الحروب الكونية التي ُشنّت عليه، ففي العام 2011وجهت له معظم التيارات السياسية الداخلية ،وإرتباطاتها الخارجية وأهم ألئك الخصوم ( الإخوان - الناصريون - الحوثيون - الإشتراكيون - الحراكيون - القاعدة - بعض الرموز القبلية - بعض القيادات العسكرية ) ضربات تلو الضربات ، ومعها أموال دول ثرية في الخليج كقطر وإمبراطوريات إعلامية كقناة الجزيرة وغيرها، ومع هذا واجهها بصبر وتماسك وحكمة وجلد ، وواجه المجازر التي كانت ترتكب بأيدي خصومه وتجير عليه ولم يهزم نفسيا ، وواجه المحرقة التي حدثت للرئيس صالح وأركان دولته في جامع النهدين بدارالرئاسة في أول جمعة من رجب الحرام الموافق ( 3يوينو 2011) وتغلب عليها.

ومؤخرا ، وفوق كل ما يتعرض له ،حاولت السعودية كثيرا أن تشق المؤتمر وتطبع له عدة نسخ وفروع في الرياض ، بحيث يكون المؤتمر الشعبي العام / فرع الرياض ، والمؤتمرفرع القاهرة ، وفرع الدوحة ، وفرع أبو ظبي / دبي ، و فرع أنقرة / إسطنبول ، وهكذا ، لكن كل تلك المحاولات فشلت وبقي المؤتمر الشعبي العام المركز الرئيسي والعلامة التجارية الوحيدة والماركة المسجلة باسم ( اليمن ) وبقي صالح رئيسا له ومرجعا ومانديللا المؤتمريين وأنصارهم بدون منازع.


عذرا أضيف :
يؤسفني كمواطن يمني / عروبي / قومي أن أجد كل هذا التشظي في وطني وبقية الأقطار العربية، وبطله الأول ومخرجه الرئيسي هو السعودية وحلفاؤها، ومعها التصريحات الإيرانية التي تُزيد من هلع الرياض وجنونها وحماقاتها في المنطقة لدرجة أنها تجد نفسها معها عاجزة عن إيجاد عمل عربي حقيقي مشترك يجمع الناس وليس يفرقهم ، ويبدو أن المستقبل في ظل هذه السياسات سيظل مجهولا ، فمهما حاولت المملكة أن تقنع الناس وتحكي لهم عبر خطاب إعلامي ومندوبين وشركات تحسين وتلميع الصورة، فإنها لن تفلح،سيما وأنها غير مستوعبة لحقيقة إن ( القاعدة الأساسية بين الدول تقوم على مبدأ لا تقل لي ، ولكن دعني أرى ) " هيكل "


في الختام أقول : من اراد أن يستفيد دروسا جديدة من دروس الحياة الهامة التي أستاذها علي عبدالله صالح وحزبه، فما عليه إلا أن ييمم بوجهه صبيحة السبت 26مارس بإتجاه ميدان السبعين، قبلة صمود اليمنيين المؤتمريين سياسياً، ،حضارياً ،وطنياً ،عفاشياً.. هناك سيحصل وبالمجان على دروس وعِبر،عدة ، وهناك سيكون على موعد مع خطاب صمود جديد سيلقيه صالح، وهناك ستهتف ( 4) مليون حنجرة وبصوت واحد بايعناك على الوفاء وعاهدناك على الثبات ولبينا معك نداء الواجب وداعي الفلاح ، سر بنا يا صالح حتى النصر والسلام ، فالحرب نحن لها ، والسلام نحن رجاله.
* رأي اليوم

حول الموقع

سام برس