بقلم / حمدي دوبلة
دون خوف من طائرات السعودية في السماء ومفخخاتها على الارض توافد اليمنيون باعداد كبيرة منذ صباح الخميس الى ميدان السبعين الذي يشهد اليوم السبت مهرجانا جماهيريا قد يكون الاكبر في تاريخ اليمن والمنطقة رفضا وتنديدا بالعدوان السعودي الذي اكمل العام الاول من قبحه وفظائعه بحق الوطن اليمني ارضا وانسانا.

يعيش اليمنيون في هذه الاثناءاول لحظات العام الثاني من عدوان غاشم ربما يكون الاكثر وحشية وهمجية في التاريخ الانساني ..عدوان اتى على البشر والشجر والحجر ولم يدع شيئا جميلا في هذا الوطن الا وصب عليه حمما من ضغائن السنين المتراكمة في صدور اشقائنا الاشقياء..وهاهي صنعاء عاصمة اليمن عبر التاريخ والتي نالت نصيبا وافراً من نيران الحقد السعودي طيلة عام كامل تستقبل رغم الجراح جماهير الشعب اليمني التي تقاطرت اليها زرافاتٍ ووحدانا للمشاركة في الفعاليات الجماهيرية المقررة بمناسبة مرور عام من العدوان .

تفتح صنعاء كما عهدها اليمنيون عبر العصور احضانها الدافئة للحشود الجماهيريةالتي تدفقت اليها من كل مناطق البلاد غير آبهة بالتهديدات الامنية ليس من اجل اشخاص اوفئات كما سيحاول البعض تصوير ذلك وانما انتصارا للوطن ودفاعا عن سيادته وكرامة ابنائه..علً اصواتهم المجلجلة وهديرهم المزلزل يلامس آذان وعقول هذا العالم الذي اعمته مصالحه المادية عن رؤية جريمة ابادة جماعية لشعب عريق تجري تفاصيلها الدموية وبشكل يومي منذ عام ولايزال كذلك وعلى مرأى ومسمع من الجميع.

سيهتف اليمنيون جميعا سواء كانوا في ميدان السبعين الجنوبي اوساحة الستين الشمالي بصوت واحد وعلى قلب رجل واحد وسينددون بالعدوان على بلادهم وسيثبتون للعالم زيف واكاذيب المعتدين ومبرراتهم الواهية التي لايزالون يرددونها عن نبل وانسانية اهداف هذه الحرب الظالمة على شعب الايمان والحكمة..وسيؤكدون للقاصي والداني بانهم اصحاب الحق في الدفاع عن انفسهم وحماية وطنهم واختيار حكامهم وادارة شئونهم دون وصاية او تدخل من احد.
مازلت اتذكر جيدا احاديث فقهاء السياسة خلال احداث العام 2011م عن مفهوم الشرعية ولمن تُعطى ومتى تُنتَزع.

كان يقول جهابذة الاحزاب حينها ويرددون في كل منبر ومحفل بان شرعية الرئيس صالح ونظام حكمه سقطت بمجرد خروج عشرات الالاف من المواطنين الى الشارع رافعين اصواتهم المُطالِبة برحيله الفوري وان امر اسقاط تلك الشرعية"الانتخابية" لايتطلب الكثير من العناء والمشقة وتحشيد الحشود الجماهيرية الهائلة اذ يكفي خروج بضعة الاف من الناس لانجاز المهمة بنجاح ووفقا للمعايير والشروط القانونية المتعارف عليها لدى كافة الدول والانظمة السياسية في العالم.

سلًم الناس في ذلك الوقت بهذه الاحاديث والفتاوى السياسية مع انهم كانوا منقسمين كمايعلم الجميع مابين الستين والسبعين لتنتقل البلاد من الشرعية الانتخابية الى الشرعية التوافقية بعد محطة عسيرة اسماها الساسة الثائرون "الشرعية الثورية"..لكن هذه "الشرعية التوافقية"اصبحت سوطا غليظا على رؤسنا واتخذ منها الاعداء والمتربصون حججا لقتلنا والتنكيل بنا وضرب وتخريب وسائل ومقومات وجودنا وظلت هذه الشرعية سارية المفعول على الرغم من انهيار التوافق وتحوِلِه بفعل العدوان الى خصام وشقاقٍ بعيد ليصل الى مراحل متقدمة ومعقدة يصعب معها ان لم يكن يستحيل رأب الصدع بين فرقاء العمل السياسي خاصة وقد بات امر الكثيرين من اولئك الفرقاء في ايدي الاعداء.

لستُ من فقهاء علم السياسة ولا من منظري العمل الحزبي ولكنني اعلم كمايعلم الجميع بان شرعية الانظمة السياسية المستمدة من الشعوب قد تصبح من الماضي في حال فشلها وعجزها عن اداء مسئولياتها تجاه الشعب وان حادثا مروريا او عارضا امنيا يسفر عنه سقوط اعداد كبيرة من الضحايا الابرياء قد يسقط حكومات ويطيح برؤساء ويتم دعوة الجماهير الى خوض انتخابات مبكرة تفضي الى شرعية جديدة..فكيف بنا وقد اُستبحت دماؤنا واُستشهد واُصيب عشرات الالاف من الابرياء ودُمرت مرافق البنى التحتية وكل مقومات الحياة الانسانية؟هل على هذالشعب ان يٌفنى عن بكرة ابيه فداء لعيون هذه الشرعية حتى وهي تٌنبذ من قبل الملايين من اليمنيين في وضح النهار وامام الاشهاد؟ام ان هذه الشرعية ليست غير شماعة يرفعها الاعداء لمواصلة جرائمهم المروعة بحق ابناء هذا الشعب العظيم ومكر الليل والنهار لتدمير حاضره ومستقبل اجياله؟
هي كذلك بالطبع فاليمنيون اصبحواعلى وعي كبير بهذه الحقائق لكن صمودهم وايمانهم العميق والراسخ بحقهم في الحياة والحرية والكرامة كفيل بتحقيق النصر على كل المخططات والاعداء فلا يحيق المكرالسيئ الاباهله.."ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"
من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس