بقلم/ د. عبد الله باذيب
في منتصف الشهر الجاري آذار/مارس أعلنت فضائية بلقيس اليمنية عن مصادر حكومية أن الحكومة اليمنية رفضت طلب #الأمم_المتحدة خوض جولة جديدة من المفاوضات مع الحوثيين، وقالت تلك المصادر إن سبب الرفض هو عدم التزام الحوثيين بتوصيات تعزيز الثقة بين الطرفين، ويقصد بها الإفراج عن المعتقلين وفك الحصار عن مدينة #تعز وتسهيل أعمال الإغاثة. إلا أن المندوب الأممي لدى اليمن #إسماعيل_ولد_الشيخ_أحمد، عاد وصرح الخميس 17 آذار/مارس عن موافقة الحكومة اليمنية خوض جولة مفاوضات جديدة نهاية الشهر الجاري، جاء ذلك بعد #المؤتمر_الصحفي الذي عقده #جون_كيري مع نظيره السعودي في حفر الباطن، وتناولا فيه الحرب في اليمن وضرورة العمل على الحل السياسي، وأكد ذلك مندوب السعودية في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، إذ قال (إن حل الأزمة اليمنية هو حل سياسي وإن الحوثيين سيكونون جزءاً من ذلك الحل).

وجاءت نكبة سوق مدينة حجة التي قتل فيها أكثر من مائة مدني في غارة لما يسمى قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، والتي نددت بها المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ودعا على إثرها #بان_كي_مون إلى تحقيق أممي في الحادثة، مما شكل ضغطا متزايدا على الحكومة اليمنية لخوض جولة مفاوضات جديدة للتوصل إلى حل سياسي مع الحوثيين، في الوقت الذي كانت تراهن فيه حكومة عبد ربه هادي على التقدم العسكري الذي يحرزه الجيش اليمني على تخوم صنعاء، وكذلك التقدم الملحوظ في جبهة تعز الذي أسفر عن فك الحصار جزئيا عن المدينة. ويبدو أن الحكومة اليمنية لا تريد الذهاب إلى جولة جديدة للمفاوضات إلا وقد ازداد الخناق على الحوثيين، إلا أن ضغط الأمم المتحدة والتصريح الأمريكي دللا على حجم الضغط الأمريكي لخوض جولة جديدة من المفاوضات نهاية الشهر الجاري.

وأكد ذلك المتحدث باسم التحالف العربي العسيري عندما أعلن أن العمليات الكبرى لقوات التحالف توشك أن تتوقف، ولكنه أضاف أن المملكة لن تتخلى عن اليمن وستقود العملية السياسية وإعادة الإعمار فيها، وسرعان ما شددت #الولايات_المتحدة على ذلك ورحبت بتصريحات العسيري في دلالة واضحة على أن الخيار الأمريكي حاليا هو الاتجاه صوب المفاوضات والحل السياسي ووقف العمليات العسكرية التي قاربت على عام كامل منذ انطلاقتها.

ومن كل ذلك يتضح بجلاء أن الولايات المتحدة حريصة على الإشراف على الحل السياسي الذي تقوده #السعودية والتي ستشرك فيه الحوثيين كطرف أصيل في المعادلة السياسية القادمة رغم محاولات الحكومة اليمنية تهميشهم والإصرار على وصفهم بالمليشيات الانقلابية، إلا أن الضغط الأمريكي عن طريق أداتيها، الأمم المتحدة والسعودية سيجبر الحكومة اليمنية على خوض جولة مفاوضات جديدة حتى لو لم يتوصل فيها الطرفان إلى الحل النهائي، إلا أنها ستؤكد على ضرورة السير في الحل السياسي وإشراك الحوثيين في مستقبل اليمن.

ومن المتوقع أن تستضيف جولةَ المفاوضات الجديدة #الكويتُ أو #الأردن اللذان يؤكدان دعمهما للحكومة (#الشرعية) في اليمن.

ويبدو أن حكومة هادي رغم محاولتها كسب الوقت وتأجيل المفاوضات، إلا أنها ستخضع في النهاية لخوض جولة المفاوضات الجديدة، إلا أنه والحال كذلك ليس من المنتظر أن يتوصل فيها الطرفان إلى حل نهائي.

وكانت السعودية قد أعلنت أن تفاوضاً قد تم بينها وبين الحوثيين من أجل التهدئة على الحدود وتبادل الأسرى، إلا أن الحوثيين أعلنوا أن التفاوض بين الطرفين قد يسفر عن حل سياسي للأزمة اليمنية، ورحب مسؤولون إيرانيون بتلك المحادثات بين الحوثيين والسعودية وهذا بلا شك يشكل ضغطا سياسيا على الحكومة اليمنية لوقف الأعمال القتالية والاعتراف بالحوثيين جزءاً من الهيكل السياسي في اليمن.

وبهذا يستمر الصراع الدولي على اليمن بممثلين محليين، فالإنجليز أصحاب العراقة في عدن لن يتخلوا عن مستعمرتهم السابقة وسيقدمون لها الدعم السياسي والعسكري عن طريق مشيخات الخليج (باستثناء السعودية)، بينما لا تريد #أمريكا تفويت الفرصة في الدخول بقوة إلى اليمن والحصول على مكاسب اقتصادية وعسكرية وأمنية في ممر التجارة العالمية، ومدخلها في ذلك الحوثيون وبعض الحراك الجنوبي في عدن الذي لبس اليوم ثوب الموضة الجديدة #تنظيم_الدولة، ويمارس اليوم أعمال شغب في عدن تعيق حكومة هادي عن فرض سيطرتها على المناطق التي استعادتها من أيدي الحوثيين، إلا أن السعودية تبقى أهم حلفاء أمريكا في المنطقة وهي اليوم من يمسك بملف اليمن سواء عن طريق قيادتها لما يسمى التحالف العربي أو عن طريق فرض الحوثيين طرفا سياسيا تقوم بمفاوضات مباشرة معهم وفرضهم في الحل السياسي القادم، كما صرح بذلك علانية كبار المسؤولين السعوديين.وحتى لو تم التوصل لحل نهائي للحرب اليمنية فإن الأمر سيظل شراكة واقتساماً بين المتنافسين على النفوذ والسلطة في اليمن الإنجليز وأمريكا.

وما لم تخرج الأطراف المتصارعة عن دائرة اللحاق خلف أعداء الأمة لاستجداء الحل عندهم، فستبقى اليمن ساحة صراع دولي يكون أهلها هم الوقود فيه.

ولم يتبق لأهل اليمن من خيار إلا أن يستجيبوا لداعي الخير فيهم ومنهم ليجعلوا من بلادهم نقطة ارتكاز لدولة #الخلافة_الراشدة_على_منهاج_النبوة القادمة قريبا بإذن الله، تنطلق منها جحافل الدعوة الإسلامية إلى العالم كما كانت كذلك على مر التاريخ الإسلامي.
* عضو حزب التحرير في اليمن

حول الموقع

سام برس