رأي اليوم
الحكم بالسجن المؤبد للرئيس مرسي والاعدام للزميل ابراهيم هلال.. بتهمة التخابر مع قطر او قناة “الجزيرة” غير نزيه وغير عادل


بات من الصعب علينا في هذه الصحيفة “راي اليوم” احصاء احكام “المؤبد” و”الاعدام شنقا” التي تصدرها المحاكم المصرية في حق المتهمين من انصار النظام السابق، مثلما بات من الصعب ايضا ايجاد كلمات جديدة في وصف “تغول” هذا القضاء، وابتعاده كليا عن قيم النزاهة والعدالة معا، لان معظم هذه الاحكام، ان لم يكن كلها، لا تتوافر فيها الحد الادنى من العدالة والاجراءات القانونية والقضائية المتبعة، وجاءت “ثأرية” انتقامية.
اليوم قضت محكمة جنايات القاهرة بالسجن المؤبد على الرئيس المصري محمد مرسي بعد ادانتة في القضية المعروفة، وهي التخابر مع دولة قطر، مثلما اصدرت احكاما بالاعدام على ستة متهمين آخرين من بينهم الزميل ابراهيم هلال، رئيس تحرير قناة “الجزيرة” القطرية بالتهمة نفسها.
ندرك جيدا ان العلاقات المصرية القطرية تتسم بأقصى درجات السوء، مثلما ندرك ايضا ان محطة “الجزيرة” والحكومة القطرية من خلفها، لا تكن اي ود للسلطات المصرية الحالية، ومارست كل ما لديها من قدرات لزعزعة استقرارها من خلال شن حملات اعلامية مكثفة استضافت فيها، وما زالت، خصومها، ودعمت حركة “الاخوان المسلمين” ماليا وسياسيا، والعكس صحيح ايضا، ولكن هذه هي المرة الاولى، في تاريخ القضاء، اي قضاء، التي يصدر فيها حكم بالسجن المؤبد في حق رئيس منتخب وبتهمة “التخابر” مع دولة عربية، وحكم مؤبد آخر بتهمة التخابر نفسها مع حركة مقاومة اسلامية للعدو الاسرائيلي، وهي حركة “حماس″.
فما معنى تخابر رئيس جمهورية مع دولة عربية اخرى، هل كان ممنوعا عليه بحكم الدستور المصري مثلا، ان لا يهاتف امير دولة قطر، او ان يدعوه لزيارة مصر، او ان يشكره على المساعدات التي قدمتها حكومته لدعم الاقتصاد المصري، وتقدر بأكثر من عشرة مليارات دولار؟ وهل كان الرئيس مرسي عندما هاتف، او التقى مسؤولين قطريين يعلم ان هناك انقلابا عسكريا مدعوما بإحتجاجات شعبية واسعة، قيد الاعداد في الغرف المغلقة للاطاحة به، وحكمه، والزج بأكثر من عشرين الف شخص في السجون والمعتقلات السرية والخطيرة جدا التي قدمها لدولة قطر؟ ثم كيف يتخابر الزميل ابراهيم هلال رئيس تحرير قناة “الجزيرة” مع السلطات القطرية وهو يقيم في الدوحة، ويعمل موظفا رسميا مع هذه الدولة، قبل الثورة المصرية بأكثر من عشر سنوات على الاقل، وهل العمل في قناة عربية يستحق عقوبة الاعدام؟
لا نستطيع الا ان نقول ان هذه الاحكام جائرة، تؤكد ان النظام المصري الحالي مستمر في اجراءاته الانتقامية والثأرية في حق خصومه، ويتعاطى بقبضة حديدية مع وسائل الاعلام، مما يبدد اي آمال بحدوث المصالحة الوطينة، التي باتت الطريق الاقصر نحو امن مصر واستقرارها.
نحن لا نبريء دولة قطر، ولا قناة “الجزيرة”، فلدينا الكثير من المآخذ عليهما، عبرنا عنها في هذا المكان بكل قوة ووضوح، ولكننا لا نبريء في الوقت نفسه القضاء المصري الذي اصدر هذه الاحكام من تهمة التسييس، واصدار احكام غير عادلة، وغير نزيهة، في حق كل من يعارض سياسات الحكم الحالي بالكلمة.
نتضامن كليا في هذه الصحيفة مع كل ضحايا عملية التسييس هذه للقضاء المصري واحكامه، وبشكل خاص مع زميلنا ابراهيم هلال، وكل الزملاء الآخرين الذين يقبعون خلف القضبان، باسم احكام سياسية جائرة.
“راي اليوم”

حول الموقع

سام برس