بقلم / أ. عبدالعزيز البكير
قرار عبدربه منصور هادي بنقل البنك المركزي اليمني يُقصد به نقل العاصمة السياسية للجمهورية اليمنية من صنعاء إلى مدينة عدن بدون سند دستوري أو قانوني إلا إذا كانت شرعيته ثورية وانقلابه على الشرعية الدستورية التي تخالف الدستور وتصادر سلطة الشعب اليمني التي كفلتها المواد الدستورية وحددت سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية ، ونذكر تلك المواد وهي :-

المادة (4) من الدستور اليمني التي تقول: الشعب مالك السلطة ومصدرها، ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخـابات العامة، كما يزاولها بطريقه غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحليـة المنتخبــة.

والمادة (5) من الدستور التي تكفل التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة والتي تقول: يقوم النظام السياسي للجمهورية على التـعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً، وينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي ولا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معـيـن.

والمادة (110) التي تحدد مهام واختصاصات رئيس السلطة التنفيذية والتي تقول: يعمل رئيـس الجمهورية على تجسيد إرادة الشعب واحتـرام الدستور والقانون وحماية الوحدة الوطنية ومبـادئ وأهداف الثـورة اليمنيـة، والالتزام بالتداول السلمي للسلطة، والإشراف على المهام السيادية المتعلقة بالدفاع عن الجمهورية، وتلك المرتبطة بالسياسة الخارجية للدولة، ويمارس صلاحياته على الوجـه المبيـن في الدستــور.
ومخالفة لأحكام المادة (157) التي تنص على أن مدينة صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية.

كما يُعتبر ذلك القرار مخالفة للمادة (145) التي وضعت الأسس والمعايير للتقسيم الإداري والتي تقول: تُقسِّم أراضي الجمهورية اليمنية إلى وحدات إدارية، يبين القانون عددها وحـدودها وتقسيماتها والأسس والمعايير العلمية التي يقوم عليها التقسيم الإداري، كما يبين القانون طريقة ترشيح وانتخاب أو إختيار وتعيين رؤسائها، ويحدد اختصاصاتهم، وإختصاصـات رؤسـاء المصالـح فيهـا.

وللمادة (66) التي تنص بأن مقر مجلس النواب العاصمة صنعاء والتي تقول: مقر مجلس النواب العاصمة صنعاء، وتحدد اللائحـة الداخلية الحالات والظروف التي يجوز فيها للمجلس عقد اجتماعاتـه خارج العاصمة.

ومجلس النواب وفق أحكام المادة (62) من الدستور هو السلطة التشريعية للدولة الذي يقِر القوانين والسياسة العامة للدولة، والتي نصها ما يلي : مجلس النواب هو السلطة التشريعية للدولة وهو الذي يقرر القوانين ويقر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة والحساب الختامي، كما يمارس الرقابة على أعمال الهيئة التنفيذية على الوجه المبيـن فـي هـذا الدستـور.

وتقول المادة (86) لا تمارس الحكومة المعينة من رئيس الجمهورية مهامها إلا بعد تقديم برنامجها لمجلس النواب والحصول على الثقة منه، والتي نصها: يقدم رئيس مجلس الوزراء خلال خمسة وعشرين يوماً على الأكثر من تاريخ تشكيل الحكومة برنامجها العام إلى مجلس النواب للحصول على الثقة بالأغلبية لعدد أعضاء المجلس، وإذا كان المجلس في غير انعقاده العادي دعي إلى دورة انعقاد غير عاديـة ولأعضاء المجلس وللمجلس ككل التعقيب على برنامج الحكومة ويعتبر عدم حصول الحكومة على الأغلبية المذكورة بمثابـة حجـب للثقــة.

وتنص المادة (88) من الدستور على أن تقدم السلطة التنفيذية مشروع الموازنة العامة للدولة إلى مجلس النواب قبل شهرين على الأقل من بداية العام لمناقشته باباً باباً والتي نصها: أ- يجب عرض مشروع الموازنة العامة على مجلس النواب قبل شهرين على الأقل من بدء السنة الماليـة، ويتم التصويت على مشروع الموازنة باباً باباً وتصدر بقانون، ولا يجوز لمجلس النواب أن يعدل مشروع الموازنة إلا بموافقة الحكومة ولا يجوز تخصيص أي إيراد من الإيرادات لوجه معين من أوجه الصرف إلا بقانون وإذا لم يصدر قانون الموازنة الجديدة قبل بدء السنة المالية عمل بموازنة السنة السابقة إلى حين إعتماد الموازنـة الجديــدة.

ب- يحدد القانون طريقة إعداد الموازنـة، وتبويبهــا كمـا يحـدد السنـة الماليــة.

كما أن المادة (89) من الدستور تلزم السلطة التنفيذية بالحصول على موافقة مجلس النواب لنقل أي مبلغ من الموازنة من باب إلى باب آخر والتي نصها: يجب موافقة مجلس النواب على نقل أي مبلغ من باب إلى آخر من أبواب الموازنة العامة وكل مصروف غير وارد بها أو زائد في إيراداتـها يتعـيـن أن يـحـدد بقانــون.

فإذا كانت هذه المادة الدستورية تلزم السلطة التنفيذية بالحصول على موافقة مجلس النواب عند نقل موازنة من باب إلى آخر فكيف بنقل عاصمة الدولة وبنكها المركزي إلى مدينة أخرى !

كما تنص المادة (92) من الدستور على مصادقة مجلس النواب على أي معاهدة أو اتفاقية دولية والتي نصها : يصادق مجلس النواب على المعاهدات والاتفاقيات السياسية والاقتصادية الدولية ذات الطابع العام أياً كان شكلها أو مستواها خاصة تلك المتعلقة بالدفاع أو التحالف أو الصلح والسلم والحدود أو التي يترتب عليها التزامـات ماليـة على الدولـة أو التي يحتاج تنفيذهـا إلى إصـدار قانـون.

وهذه المادة تبيّن أنه لا يجوز للسلطة التنفيذية إبرام أي اتفاق مالي أو اقتصادي إلا بموافقة الشعب ممثلاً بمجلس النواب، وإن الذين ينكرون شرعية مجلس النواب الدستورية هم ينكرون حق الشعب وحقهم التشريعي السياسي والحزبي والوظيفي.

كما أن المادة (101) تؤكد على شرعية مجلس النواب وتعطي الحق لرئيس الجمهورية عند الضرورة بالدعوة إلى حل مجلس النواب بعد الرجوع إلى الشعب وطرح قضية حل المجلس للاستفتاء العام والتي نصها : أ- لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب، ويجب أن يشتمل قرار الحل على الأسباب التي بني عليها وعلى دعوة الناخبين لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوماً من تاريخ صدور قرار الحل.

ب- لرئيس الجمهورية حق الدعوة لإنتخابات نيابية مبكرة دون حاجة إلي استفتاء في الأحوال الآتية:-

1- إذا لم تفض الانتخابات إلي أغلبية تمكن رئيس الجمهورية من تكليف من يشكل الحكومة وتعذر تشكيل حكومة ائتلاف.

2- إذا حجب مجلس النواب الثقة عن الحكومة أكثر من مرتين متتاليتين ما لم يكن الحجب بسبب التعارض مع أحكام البند "1" من الفقرة "ب" من هذه المادة.

3- إذا سحب المجلس الثقة من الحكومة أكثر من مرتين خلال سنتين متتاليتين.وفي كل الأحوال إذا لم يتضمن قرار الحل أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة دعوة الناخبين خلال الستين يوماً التالية لصدور قرار الحل أو الدعوة لانتخابات مبكرة أو لم تجر الانتخابات في الموعد المحدد أعتبر القرار باطلاً ويجتمع المجلس بقوة الدستور، فإذا أجريت الانتخابات يجتمع المجلس الجديد خلال العشرة الأيام التالية لإتمام الانتخابات، فإذا لم يُدع للانعقاد اجتمع بحكم الدستور في نهاية الأيام العشرة المشار إليها، وإذا حُل المجلس فلا يجوز حله مرة أخرى للسبب نفسه، كما لا يجوز حل المجلس في دورة انعقاده الأولى.

ويحق لرئيس الجمهورية عند الكوارث الطبيعية والفتن تطبيق أحكام المادة (121) من دستور الجمهورية اليمنية والتي نصها: يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ بقرار جمهوري على الوجه المبين في القانون ويجب دعوة مجلس النواب لعرض هذا الإعلان عليه خلال السبعــة الأيام التالية للإعلان، فإذا كان مجلس النواب منحلا ينعقد المجلس القديم بحكم الدستور فإذا لم يُدْعَ المجلس للانعقاد أو لم تعرض عليه في حالة انعقاده على النحو السابق، زالت حالة الطوارئ بحكم الدسـتور. وفـي جميـع الأحـوال لا تـعلن حـالـة الطوارئ إلا بسبب قيام الحرب أو الفتنة الداخلية أو الكوارث الطبيعية ولا يكون إعلان حالة الطوارئ إلا لـمدة محـدودة ولا يـجـوز مدهـا إلا بموافقـة مجلـس النـواب.

ويتضح في كل الأحوال بأن اتخاذ مثل هذا القرار يتنافى مع دستور الجمهورية اليمنية الذي حدد مهام واختصاصات السلطة التنفيذية وع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومع قرارات مجلس الأمن الخاصة بحل القضية اليمنية، ويتعارض أيضاً مع ما التزمت به الدول الـ 18 الراعية للتسوية السلمية في اليمن ، ومع ما جاء في تصريح مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن السيد اسماعيل ولد الشيخ وإحاطته الأخيرة إلى مجلس الأمن الدولي والتي شددت على ضرورة دعم الأمم المتحدة للبنك المركزي اليمني وإدارته ولجهده المستقل للحفاظ على استقرار الاقتصاد اليمني ، كما أن ذلك القرار يتعارض مع دعوة الأمم المتحدة إلى الحل السلمي ، ومع مبادرة وزير الخارجية الأمريكي السيد جون كيري الأخيرة .. كما يتعارض مع القانون الدولي وحقوق الإنسان وحرياته العامة والسياسية والاقتصادية وحقه في العيش والكرامة وحق الشعوب في تقرير مصيرها وحق الدول في سيادتها واستقلالها المستند إلى القانون الوطني .

وقد يكون مثل هذا القرار ورقة ضغط لإنجاح عملية الحوار والحل السلمي على الوجه المطلوب عند من اتخذه، وقد يكون توجهاً نحو دعم عملية فصل جنوب اليمن عن شماله وخلق صراع يمني - يمني جنوبي - شمالي يستهدف اليمن واليمنيين جميعاً ووحدتهم وأمنهم واستقلالهم ، وستكشف الأيام القادمة مواقف المجتمع الدولي ومنها الدول الكبرى والراعية للحل السلمي ومصداقيتها من الحل والسلم والسلام والاستقرار في اليمن الذي هو جزء أصيل من الأمة العربية والاسلامية والمجتمع الانساني كله يؤثر ويتأثر سلباً وإيجاباً ، وأي انعكاسات أو توجهات غير سليمة تبتعد عن الحل السلمي في اليمن سيكون لها تأثيراً سلبياً على اليمن والمنطقة، فاليمن دخلت مرحلة جديدة من حالة المجاعة في عدد من المناطق في سهول تهامة ومناطق أخرى تفتقد لأبسط مقومات الحياة الانسانية الضرورية للحياة مثل الدواء والغذاء..

والقصف مستمر والحصار مستمر والتصعيد السياسي والعسكري المعادي لليمن مستمر والعالم ومنظماته وهيئاته لا ترى لا تسمع لا تحس بما يعانيه الشعب اليمني وكأن اليمنيين ليسو من بني الإنسانية ..

هذه وجهة نظري القانونية والسياسية والاقتصادية والمعيشية والأمنية كقارئ ومتابع ولست متخصصاً في هذه الجوانب وإنما أحلل من خلال قراءاتي لما يجري وأشارك أبناء شعبنا اليمني ما تعيشه البلاد من الهم وأطرح ذلك للرأي العام والمجتمع الإنساني؛؛؛
*الأمين العام للحزب القومي الاجتماعي

حول الموقع

سام برس