بقلم/ محمود كامل الكومى
فقط أنها على قدر من الجمال خطفت أبصار الموجودين فى حفل التنصيب "بالكابيتول "ومن يتابعون فى العالم عبر الشاشات وبالطبع عارضى الأزياء ومصممى الموضه فىعالم النساء .. بلباسها السماواتى وقفازها بذات اللون الجذاب.. فى سعادة تفوح من بين شفتيها  التى اقتطف منها "نرامب " العديد من القبلات , تستعد لدخول البيت الأبيض من أوسع الأبواب, فهىسيدته من الآن ..قد تفوق هيلارى
كلينتون " زوجة بيل" وبالتأكيد  مدام أوباما-  فى نظر بعض العنصريين – وفى تسريب لبعض العالمين ببواطن المطبخ
الأمريكى أن السيدة الجديده طباخ ماهر وهى الآن قد بدت أنها الحاكم الجديد لأمريكا وأن ترامب المراهق الذى شاخ أثير بقوة شخصية الزوجة الى حد أنها قد تؤثر فى كل قراراته ومزاجه الشخصى , بما يؤهلها الى تبوء كرسى المكتب البيضاوى بأمتياز .

 الرجل "براجماتى" ككل شره من رجال المال والأعمال – لم ينخرط فى المؤسسات الحزبية الأمريكيه , معتد برباطات عنقه مغلبا عليها اللون الأحمر , قد يبدو على  الرجل أنه شاخ  لكن تبدو مراهقته غالبه , أكروباتى الحركات تجسدهاتصريحات شعبويه بعيده عن الموضوعية يطلقها فى الهواء وقد أنطلت على الكثيرين ودغدغت المشاعر , وكلها تكشف عن رجل رجعى المزاج الى أقصى حدود وكأنه يتخلى عن أمريكا المدنية , ويستدعيها مسيحية عنصرية تقليدية يحميها الرب , والجيش أيضا فى تلويح للأفراط بالقوة.. عنترية
تصريحاته وكأنها تريد أن تقضى على الأنفتاح الذى صنع أمريكا فلا مجال فى عالم الواقع الى الأنغلاق  الذى يثيره ترامب واٍلا صارت أمريكا الى سراب تجمعت كل هذه السمات لتصنع الميديا :لـ ترامب " وتقوده اليوم ليلقى خطاب تنصيبه رئيسا لأمريكا تحت الرقم 45 , فعادت فرقعات الخطاب من جديد فى ظاهرها أنها قد تؤدى بأمريكا الى المجهول !!لكن ماهو مؤكدا وفى عالم الواقع سيسير ,أن هذا المراهق الذى شاخ لن يترك ليطلق الأقدام للرياح ,وأن هذه التصريحات لن تترك لتصير أفعال فلابد أن ترشدها القوى
الفاعلة  فى أمريكا وصانعة القرار والمتمثله فى اللوبيات الصهيونى والمخابراتى ومافيا رجال الأعمال وبارونات تجارة السلاح والبترول .

على خلفية حفل التنصيب والأيام التى سبقت 2012017تجلت التعينات التى ستتحكم فى رئيس الولايات المتحده فى شخصيات جعلت ليلة التنصيب اِسرائيلية بأمتياز .

ومن هنا أطلق التصريحات التى بدت الأهم فى خطاب  التنصيب وفاحت العبارات من فم ترامب المراهق الذى شاخ "سنجعل أمريكا  قوية مجدداً وعظيمة مجدداً", وكأنه يقول أن أمريكا لم تكن فيما مضى قوية ولاعظيمة – بمفهوم القوة المفرطه .. أمريكا قاطع طريق لايعرف للحق صديق , وبمفهوم العظمة المفرغ من المعنى الأنسانى فهى مصارع منحه الله جسد الثيران – لكن ترامب لايعى هذا المفهوم فهو  يريد لأمريكا أن تناطح السحاب كثور شديد الهياج , ولايتبادر الى ذهن هذا المراهق الذى شاخ أن يرشد سلوكها ويُقَوم فعلها ويصنع منها عقل يزن الأمور بميزان الحقوق فى الواجبات والألتزامات , ومن هذا المنطلق أطلق "ترامب" تصريحه الأهم "أن هناك رؤية ستحكم أمريكا مقرراً أن من سيحكم العالم أمريكا اولا وأمريكا فقط "خيلاء- غرور – وتلويح بالقوه من مراهق شاخ لايعى عواقب الأمور لكن فيه تجسيد لآحادية القوه وسيادة العالم فهو لايريد أن يعطى لأى قوى صاعده خاصة الصين وروسيا مجال حتى لو صارت على شفاهه كلمات ود "لبوتين" وعداء للصين .

ويبقى الخطاب مشدداً على عدو ترامب الأول .. الاسلام الراديكالى الأرهابى .. الذى أستحضرته الأدارات الأمريكيه السابقه من غياهب الجُب وجندته لخدمة أهدافها , وسبيل ترامب للقضاء عليه هو القمع والتنكيل بما يؤدى الى التطرف وزيادة تسعير النار وهو مايحقق مصالح أمريكا خاصة فى الشرق الأوسط .

يبدو التناغى بين أدارة ترامب والأدارة المصريه على هامش خطاب التنصيب جديرا بتحقيق خطوات تسرع الخطى فى تحقيق علاقات مصرية أسرائيليه تعد نموذج لشكل العلاقات العربية الأسرائيلية فى المستقبل ومن هنا فالرهان المصرى على ترامب فى حل مشاكلها رهان خاسر بالطبع لأنه رهان مع شيطان مراهق شاخ ,حتى لو تدنت الأداره المصريه وسرعت الخطى لأوثق علاقات مع الصهيونيه .

فيما بدى الخلاف السعودى مع ترامب لايبارح الكلمات , أما على مستوى الفعل فأمريكا بعد أنجلترا التى صنعت الأسر الحاكمه الخليجية – لايمكن أن تترك العنان لأى حاكم خليجى يغرد بعيداً عن نار الشيطان فالسعوديه ودول الخليج  جُبِلوا على تمويل كل المخططات التى تحقق المصالح الأمبريالية والصهيونيه , فلافكاك للسعوديه من الأدارة الأمريكيه خاصه وأن السعوديه تسير بخطى سريعة لتوثيق علاقاتها بأسرائيل وفرض أمر واقع على العرب تقود فيه اسرائيل المنطقه.

ماوراء خطاب تنصيب ترامب.. كانتون كردى فى سوريا بعد العراق كبذره لتقسيم سوريا , ورغم التقارب الروسى التركى فأن أدارة ترامب تعرف طبيعة أردوجان وانه فى جميع الأحوال لايمكن له ان يخرج عن حظيرة الأطلنطى , واِلا كان جول وكانت الدوله الكرديه داخل تركيا , لذا فأردوجان مازال له دوره المخابراتى الأمريكى داخل سوريا , والقوى الحاكمة الأمريكيه لاترى فى تصريح ترامب بالحرب على الأرهاب اِلا ذر للرماد فى العيون فأمريكا صنعت الدواعش فى العراق وسوريا لكى يحققوا أهدافها وأهداف أسرائيل .

نقطه ومن أول السطر ..سيدة البيت الأبيض تحكم مشاعر ترامب وتعرف كيف تروض مراهقته التى شاخت , وكذلك القوى الحاكمة الأمريكيه التى لايعنيها ماجاء فى خطاب التنصيب ولا تصريحات ترامب خلال حملته الأنتخابية , الأستراتيجية الأمريكيه جُبِلت من أزمان وستسير على تحقيق أهدافها فى شرق أوسط جديد قوده أسرائيل وفى القلب منه وطننا العربى الكبير .

فهل سنعى وندرك هذه الأستراتيجيه التى يسير فى ركابها بعض الحكام العرب وكل حكام الخليج  و نتخذ من حلف المقاومه للأمبريالية الأمريكيه والرجعية العربية واسرائيل طريق ؟ أم سَيُبهِرنا حفل التنصيب الذى هو فى حقيقته نصب على الشعوب التى لاتعرف الطريق ؟!!..

*كاتب ومحامى - مصرىِ

حول الموقع

سام برس