بقلم /عبدالوهاب الشرفي
– ستزدهر الولايات المتحدة مجددا” ونحن الان على أعتاب عهد جديد سيشهد طفرة
– سنعيد بناء الولايات المتحدة بأيادي الأمريكيين
– لن يتم تجاهل الشعب الامريكي بعد الان و ستعود الولايات المتحدة قوية عظيمة من جديد.

هكذا قال ترامب ضمن خطاب تنصيبه ، فالرجل غير راض بل ساخط على وضع الولايات المتحدة في الفترات السابقة ، ففي عهود من سلفوه سلب الشعب الامريكي السلطة و سادت المؤسسات و لم تهتم الولايات المتحدة بمصالحها بقد إهتمامها بتحالفاتها وكان الداخل الامريكي مضروب جوهريا لدرجة أن مصانع الولايات المتحدة تموت و لا  تعليم في مدارسها وكذالك الجرائم تمزقها ، هكذا يرى ترامب الرئيس  هذه المرة وليس المرشح الولايات المتحدة .

الولايات المتحدة الامريكية قبل ترامب دولة يجب أن تتغير فلم تكن في يوم ما بحاله جيده ، هكذا يراها ترامب ، وحديثه الذي تركز على الشأن الامريكي يعكس ان لديه أهداف داخليه يجب أن تتحقق فالجزء الاكبر من مشكلات الولايات المتحدة هو داخلي ، وعلى الاقل يراه ترامب كذلك و يحدد خط عمله في أول خطاب رسمي له كرئيس للولايات المتحدة بتغيير الداخل بدرجه رئيسية .
ما تحدث عنه ترامب ليس بالأمر العادي بالنسبة للولايات المتحدة فالأمر ليس تغيير سياسات أو أسلوب إدارة أو تدوير مسئولين وإنما الأمر إحداث تغييرات هيكلية و جوهرية في بنية الولايات المتحدة ، فالرجل لدية وجهة نظر يمكن وصفها بالناقمة على الديمقراطية الامريكية أولا قبل السياسة الأمريكية داخليا أو خارجيا .

الشعب الأمريكي غير موجود طوال الفترة الماضية في المعادلة وقد حلت المؤسسات في واشنطن محله ، و يجب إعادة السلطة إلى الشعب الأمريكي وبالتالي فالرجل لديه توجه لصراع مع المؤسسات الامريكية لينزع منها السلطة و يعيدها للشعب الأمريكي ، ولم يسبق أن جاء إلى الرئاسة الامريكية رئيس يحمل هذا المزاج تجاه المؤسسات الأمريكية و التي تمثل الرئاسة إحداها وليست كلها وليست حتى متفردة بالتصرف دونها أو قادرة على التحكم الكامل بها .

المؤسسات الأمريكية ليست مقصرة وليست معيبه وليست متاخرة وإنما هي خاطفة للسلطة من الشعب الأمريكي ويرى ترامب أن مهمته إستعادتها ومن هنا سيكون لترامب سجال مع المؤسسات بدلا من التعاون و الإستعانه أو حتى الإعانة لها من موقعه كرئيس لتجاوز قصورها أو تتلافى سلبياتها ، بل المؤسسات الأمريكية هي واحدة من مشكلات الولايات المتحدة .
إذا نحن أمام مهمة لترامب تتمثل في إعادة بناء الولايات المتحدة داخليا ، ولكن الأمر لايتعلق فقط بالرئيس وإنما المؤسسات الأمريكية لها صلاحيات دستورية و قانونية لايمكن للرئيس تجاوزها ، وعندما يكون ما هو مطلوب لمهمة ترامب لتبديل وضع هذه المؤسسات فإن الأمر سيجعل فترة ولايته فترة تجاذب داخلي يزداد توسعا يوما بعد يوم .

ليس هناك وعاء متحد في الولايات المتحدة هذه المرة ، فالشعب الأمريكي الذي يريد ترامب أن يعيد له السلطة هاهم مئات الالاف في الشوارع يتظاهرون ضده بهذا الحجم لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة ، الكونجرس الامريكي هو في حكم الجمهوري أي من ذات لون الرئيس ترامب و لكن هذا الأمر لن يجعل الكونجرس مسخرا له ، فالتوجه لإحداث تغيير في  ” وضع الكونجرس كمؤسسة ”  سيجعل الكونجرس نفسه في حالة تجاذبات حادة غير مسبوقة فالديمقراطيون سيكونوا معنيين بوضع الكونجرس كمؤسسة بشكل مباشر،  فالأمر ليس سياسة  او قانون او قرار يمكنها أن تمر بالتصويت والاغلبية بالسلاسة المعتادة .  الخارجية الامريكية أيضا لديها من الملفات الدولية ما لايمكن لها أن تجاري ترامب في توجهه هذا  دون حدوث أزمات معها لما ستراه هي من إنعكاسات سلبية على الولايات المتحدة ستحملها مسئولية القبول أو المسايرة لتوجهات ترامب مع معرفتها بهذه الإنعكاسات وبالتالي كثير ما ستعمل لتخلي مسئوليتها ، وذات الأمر بالنسبة للبنتاجون .

لم يكن هناك مبرر ليتحدث ترامب في خطاب تنصيبه بمثل هذه اللغة المبشرة بنزاع حاد مع المؤسسات الامريكية فالمؤسسات ليست منافسته كلينتون و ترامب لم يعد مرشحا ليتحدث عن مسائل تهم الولايات المتحدة بهذه الحدة والمباشرة و ” المخاصمة ” وإعلان الإستهداف ، فالمفترض والمعتاد هو الحديث عن التوحد و التعاون و نحوه فترامب لم يعد منافسا وإنما بات رئيسا ، وطالما أنه لا مبرر لهكذا لغة إستخدمها في خطاب تنصيبه فالامر بالنسبة له جاد و لديه رؤية لوضع مختلف يجب أن يقوم بإرسائه في الولايات المتحدة .

خطاب ترامب اليوم فيما يتعلق بالداخل الأمريكي وهو خطاب تركز أساسا على الشأن الداخلي مؤشر لدخول الولايات المتحدة مرحلة مختلفة بالفعل ليس كما بشر بها ترامب بأنها طفرة و إستعادة لسلطة الشعب وإنما هي مختلفة من ناحية إستقرار الولايات المتحدة التي سيضاف لها تجاذبات حول المؤسسات الامريكية نفسها وليس حول سياساتها وكلما هو بادئ اليوم من توترات داخليه في الولايات المتحدة وخصوصا الموقف الشعبي المختلف كما لم يحدث من قبل تجاه رئاسة ترامب سيزداد ويتضاعف و قد تحدث في الولايات المتحدة مفاجاءات داخليه غير متوقعه ، فما قاله ترامب في خطاب تنصيبه إذا ما مضى بالفعل في تنفيذه – وهو البادي من لغته في خطاب ذو طبيعة خاصة – فسيكون إشعال فتيل لقنبلة داخليه ستصل في يوم ما للإنفجار .
رئيس مركز الرصد الديمقراطي ( اليمن )
alsharafi.ca@gmail.com
*المصدر : رأي اليوم

حول الموقع

سام برس