بقلم / محمود كامل الكومى
تبدو صهيونية الرئيس الأمريكى الجديد على أرض الواقع , بدءاً من نقل مقر أقامة السفير الأمريكى الى القدس تمهيداً لتنفيذ مالوح به ترامب من نقل سفارة أمريكا الى القدس فى تحد صارخ لقرارات الأممم المتحدة والمجتمع الدولى , والقضاء على فرص الحد الأدنى مما طرحه بعض المهرولين الى السلام بطرح حل الدولتين فلسطينيه وأسرائيليه .

وعلى صعيد الموقف العملى الذى بدا فى الأفق لسياسات ترامب تجاه الشرق الأوسط وسوريا تحديداً , وعلى خلاف تصريحاته الأستهلاكية التى روجت لها وسائل الأعلام بشن الحرب على التنظيمات الأرهابية فى سوريا – وهى فى حقيقتها صناعة أمريكية صهيونية – بدت المواقف الحقيقية تحاول أن تأخذ مجراها من أجل عيون أسرائيل والاِمعان فى تقسيم سوريا ,وهو ما يتأتى اِلا
بهدم أى فرصة متاحة فى مؤتمر " أستانه" من أجل العودة الى النقطة صفر , وأنهاك الجيش العربى السورى والقوى المتحالفة معه , وأظهار روسيا بمظهر الخاسر بعد أن بدت منتصراً وكاشفا لتيكتيكات الأمبريالية الأمريكية فى عدم القضاء على داعش والنصره وتركهما لنتفيذ رؤية أمريكا الأستراتيجية ,واستنزاف قوة روسيا العسكرية والأقتصادية .

لعلها الأخطر منذ تبوء ترامب كرسى المكتب البيضاوى فى البيت الأبيض تلك الدعوة التى أطلقها بأقامة مناطق آمنه فى سوريا تُفرض عليها حظر جوى  .

فى أعتقادى أن الأدارة الجديده فى أمريكا لابد أن تقوم بخطوات تجعلها جديرة بفرض قرارات  تنقل أمريكا من أدارة أوباما التى كانت سياستها بلا قرار- وخاصة فى عدم تناغمها مع منطقة حظر جوى مما ارهق أردوجان وجعلة هو الأخر لايملك تنفيذ اية امنيات أو قرارات , وهو ما أفسح المجال لقوى اقليمية ( ايران) وأخرى دولية ( روسيا)من التمكين من الملف السورى بل وحتى بأتخاذ مواقف جعلت تركيا تنصاع لهما وتساعد على أجواء مؤتمر" أستانه : بعيداً عن الناتو وأمريكا متمثله فى أدارة أوباما التى صنعت من حكومتى " قطر والسعودية " أضحوكه عالمية فالسعودية وقطر :اللتان انفقتا المليارات وآلاف أطنان الأسلحة للمعارضة السورية، لم توجه لهما الدعوة لحضور مؤتمر "أستانة"، في ظل سياسة “تهميش” واضحة فيها أذلال ..وهو ماجعل البعض يصف هؤلاء السعوديين والقطريين بالهبل .

فيما يطالب الأخرون نظرا لهذا السفه والتبذير بالحجر على حكامهما فيما بدت الشعوب تنظر بعيداً تجاه الأسر الحاكمة فى الدولتين ومصيرهما بعد أن بددا الثروات وقتلا الأبرياء ونفذا خطط الارهاب وتدمير العديد من البلدان لحساب أمريكا وأسرائيل -  الى أمريكا القادره على أتخاذ القرار وأعادة الثقة لحلفائها فى سوريا قبل أن يفقدوا الثقه حتى فى أنفسهم .

خطوة ترامب لفرض منطقه أمنه تأتى فى جو تهيىء كالآتى : تحرير حلب وأنتصار الجيش العربى السورى وفرض شروطه فى أى اتفاق .
تقارب روسى تركى بعد أن اكتشف اردوجان أن ال C  I  A كانت وراء محاولة الأطاحه به .
مؤتمر الأستانه وعلى مائدته سوريا وروسيا : تناغم سياسى للسلام على الأرض السورية
ايران وتركيا : مكان الصدارة في مؤتمر الآستانة
أمريكا وحلفائها : خارج السياق
هنا تريد أمريكا أن تعود الى المربع الأول ولايتأتى لها ذلك اِلا بخلط الأوراق وقلب المائده على من فيها , فكان تصريح ترامب بمنطقة آمنه ولاتكون كذلك اِلا بفرض حظر جوى وهنا يربك روسيا خاصة طيرانها الذى له قوة الفعل فى الحاق الضربات بالأرهاب .
فى قرار ترامب دغدغه لمشاعر أردوجان الذى حاول منذ بدأ الأزمه السوريه أن يفرض منطقه حظر جوى فى الشمال السورى دون جدوى لكنه وجد الفرصه الآن وعلى فور أعربت الأدراة  التركيه عن ترحيبها بدعوة ترامب , وكانت الخارجية القطريه الأسبق الى الترحيب .

لكن على الجانب الآخر السورى والروسى والحليف الايرانى لابد من الحذر والأحتياط .. فكم نبهنا على عدم التعويل على أردوجان وأنه لابد فى النهاية منصاع لحلف الناتو والأمريكان بل والصهاينة أيضا .

وأيضا كان التحذير من ترامب وكلامه عن محاربة الأرهاب فهو لايتخذ القرار اِلا من خلال اللوبيات التى تحكم أمريكا ( الصهيونى- ومافيا رجال الأعمال وتجار السلاح والمخابرات ) وهم من صنعوا داعش والنصره وأوعزوا لقطر والسعوديه بتمويلهما من اجل تفتيت سوريا .

أذن دعوة ترامب فى الأخير تتماشى مع استراتيجية الولايات المتحده المعلنه منذ بدأ الازمه السوريه , ولما كانت الأزمه السوريه قد لاحت لها فرصه للخروج , فلايمكن لأمريكا اِلا ان تعيدها للمربع الأول وحتى يتم تقسيم سوريا , وهنا كانت الدعوة لمناطق أمنه تمهيدا لتقسيم سوريا .

لكن ماهو رد الفعل السورى الروسى الأيرانى .
يبدو أن رد الفعل للرئيس المكسيكى بعدم زيارة أمريكا وتحدى ترامب تعقيبا على تصريحات ترامب عن الهجره وبناء سور بين المكسيك وامريكا  جديره بأن توضع فى أعتبار الأدارات فى سوريا وروسيا وأيران بتوحيد المواقف ,والتمهيد لضربة ساحقة لقوى الارهاب الداعشى والنصره فى سوريا ترعب من هم على مائدة المفاوضات فى "استانه " وتستميلهم تركيا او السعوديه وتجلعهم
ينصاعوا الى السلام وهو مايرعب تركيا ذاتها التى تعتمد على سلاح الجوى الروسى فى منطقة "الباب" , وأن تضيق على أمريكا فرص طيرانها فى سماء سوريا , والتجبيه مع العراق فى التضيق على التدخل الأمريكى هناك وكشف نواياه .

لكن ماهو أهم أكراد سوريا .. فلابد من جرهم الى حضن الدوله السوريه بعيدا عن مايسمى بحكم ذاتى وعدم اعتمادهم على أمريكا ومخططاتها التى لاتبغى اِلا تمزيق الداخل السورى , وأستغلال تركيا فى تحقيق ذلك .

أن النظره الفاحصه والشامله , وفرض التوحد فى الرؤى تقتضى من دول محور المقاومه ضد الارهاب والمخطط الأمريكى الصهيونى فى سوريا أن تعى ظروف المرحله الحاسمه التى تمر بها الأزمه السوريه ومخطط امريكا الجديد المتمثل فى دعوة ترامب الآن , والرؤية الفاحصة والشاملة اِن تحققت فى وحدة القرار والهدف وتغليب وحدة التراب السورى الذى بدونه لايتحقق أى هدف اقليمى أودولى سواء لأيران أو روسيا , هى الطريق الوحيد للوقوف فى وجه الأدارة الأمريكية الجديده , وأزهاق دعوة ترامب فى مهدها والمتمثلة فى مناطق آمنه , بما يعيد أمريكا الى ماكانت فيه قبل مغادرة أوباما  من عدم قدرتها على أتخاذ القرار , ويُعجِل بالقضاء على ارهاب داعش والنصرة على الاراضى السوريه , بما يدفع مفاوضات السلام ويجبر الطرف الآخر فيها على الرضوخ للأمر الواقع وهو التمسك بوقف أطلاق  النار والتحرك نحوتسويه سلمية و الأنتخابات فى سوريا .

أن تحقق ذلك غدت فترت حكم ترامب جديرة بأن تجعل أمريكا فى المستقبل بلا أجنحة ولا قرار يُفرض على دول العالم خاصة فى الشرق الاوسط والعالم العربى .

وهو ما يتطلب من كل الشعوب العربية والحكومات العربية الغير خليجية الوقوف مع سوريا حكومة وجيشاً وشعباً فى هذه المرحلة الحاسمة  .

*كاتب ومحامى - مصرى

حول الموقع

سام برس