بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
يتساءل الكثر من العرب والمسلمين ما الذي جرى ويجري ، وماهذه الصواعق التي أخرستنا والزلازل التي  عصفت بنا والبراكين التي أحرقتنا والسياسات التي فرقتنا والحروب التي مزقتنا والمذاهب التي شتتنا والتربية التي أغوتنا والثقافة التي دمرتنا ؟

ماالذي حول الزعماء والملوك والامراء الى وحوش والسياسيين الى ذئاب والبشرية الى فريسة والحياة الى غابة في مقابل هوى النفس والخروج على الفطرة والقيم الفاضلة؟

 مازالت عقولنا الباطنة تُقلب شريط الذكريات على مدار الساعة في منامنا دون ان نشعر علها تجد وصفة لما آلت اليه أحوالنا ، وعقولنا الحاضرة تغوص ليل نهار في اعماق تاريخنا المثخن بالجراح والاحقاد والفجور ونوائب الدهر علها تكتشف أصل الداء والدواء وتدعو حكماء الامة لانقاذه حضارتها الضاربة في جذور التاريخ وثقافتها العلمية التي ساهمت في حركة التنويرفي الغرب واستحضار عظمة بعض فرسانها الذين ذاع صيتهم في الافاق وانقاذ حكامنا لذين سقطوا في نظر شعوبهم وأحداً تلو الاخر صرعى في الحروب العبثية وبقيت بعض الاصنام القديمة والدُمى الحديثة التي يدور حولها ويسبح بحمدها بعض الرعاع المتوشحين بالجهل ويحركها الشياطين عن بُعد مقابل بقائها على كراسي آسنة زينها لهم المنافقين من بعد ان غابت الحكمة والحكماء.. فقد السواد الاعظم القيم الفاضلة والعادات الحميدة والتقاليد العظيمة وصارت مصطلحات الديمقراطية والحرية والتعايش والتسامح وحقوق الانسان مجرد يافطات وعناوين صفراء لتضليل الشعوب واستغلالها بدلاً من الارتقاء بها وتطبيقها قولاً وعملاً، مما ادى الى  انتزاع الثقة واتساع الفجوة وسقوط الضمير وانهيار الاقتصاد وتفرق الشعوب وتجزأ الاوطان وانتشار البطالة والفقر وجاعت الشعوب وصرخ الرضيع وفجعت الحرة وبكى الرجال  وصار المسافر يخاف الانسان الذي جعله الله تعالى خليفة لتعمير الارض أكثر مما يخاف من الذئب المفترس بعد ان تشبع البعض منا بالافكار الضالة والثقافة الهدامة والفتاوى المدمرة .
 
 لقد تم تسميم أفكار اطفالنا وشبابنا ونساءنا بجرعات كبيرة في مناهجنا التربوية والعلمية بالافكارالوهابية ذات المنشأ السعودي  في المدارس والمساجد والجمعيات والمنتديات والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي والمؤتمرات والاحتفالات وتفريخها ودعمها بالاموال والسياسات والسلاح والاعانات والسفريات والزج بها في الحروب وتدمير البلدان واسقاط الانظمة وتجويع الشعوب تحت مسمى نغمة "السنة " التي شوهت بالدين الاسلامي الحنيف والاساءة الى كل مسلم وجعلت من كل عربي ومسلم مشبوة في كل بلد عربي ومسجل خطر في كل مطارات وموانىء العالم وجعلت تحرير القدس من صنعاء ودمشق وبغداد وطهران وافغانستان !!
 
وفي نفس الاتجاه أستغل بعض السياسيين في ايران ودول اخرى الفرصة في الاساءة الى المذهب الشيعي ، والخروج عن تعاليم القراءن الكريم وخاتم الانبياء والمرسلين ودروب الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه في الجنة وريحانتي رسول الله الحسن والحسين رضي الله عنهما وفاطمة الزهراء وغيرهم من آلـ بيته الطاهرين لاضافة جرعات من التشدد والعداوة والتشكيك والطعن والاساءة الى بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب وانساب وأصهار الامام علي رضي الله عنه لشق وحدة المسلمين ، وتحري القدس من مكة وابوظبي والدوحة والقاهرة وعمان .

ولم يقف الضعف والهوان والتشتت عند هذا الحال بل ان الصراع التاريخي على السلطة منذ الصدر الاول للاسلام وعلى وجه الخصوص عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ودخول المنافقين واصحاب المصالح من عصبية قريش وغيرها على الخط للاستئثار بالسلطة قد ارث ثقافة الحقد والكراهية والثأر والانتقام التي جعلت من الشعوب قرابين للملوك والامراء والرؤساء والقادة والشيوخ ، ورغم تطور الاحداث والحياة وتعاقب الليل والنهار وسقوط حاكم وصعود آخر بالموت الطبيعي أو الاغتيال اوالانقلاب او الاتفاق اوتحت يافطة الديمقراطية إلا ان المشاهد يلحظ ان كل من صعد الى السلطة مازال وسيظل أسيراً لثقافة الماضي البغيض بكل صورها المؤلمة والمحزنة ومقيداً بنشوة كرسي السلطة وبعيداً عن اجمل لحظات التاريخ الايجابي، ومازال البعض يسبح عكس التيار بعد الف واربعمائة سنة مشغول في الضم والسربلة وعلي ومعاوية والحسن والحسين وابوكر وعمر وفاطمة وعائشة وابوسفيان وابولهب ، والرافضة والمجوس والزيدية والحنبلية والشافعية والمالكية ، والناصرية والاشتراكية والماركسية والقومية  والاخوان والسلفية ، وحقيقة الامر اننا معشر العرب والمسلمين مازلنا بهذه العقلية الضيقة والنظرة القاصرة والحديث عن تلك المذاهب الدينية والسياسية نعيش خارج اطار التاريخ لاننا لن نؤمن بها حقيقة ونستلهم منه الثمر اليانع المفيد للامة بعد ان صعد العالم الى القمر وغاص في اعماق البحار وأكتشف اسرار الكون وسجل في كل ثانية آلاف الاختراعات بعد ان تحرر من الاساطير وانطلق مسرعاً الى العليا بلاحدود ، دون الالتفات الى الماضي وآلامه، رغم ماحمله كهنة المسيحية ومذاهبها المتعددة من جرائم أدمة التاريخ الانساني بمحاكم التفتيش وشيطنة اليهود ، والعرب والمسلمين مازالوا جامدين كالماء الاسن وكأن لسان حالنا يقول ان علماؤنا ووجهاءنا اضلونا السبيل!!
 
وما مشاهد الاختلاف والاحقاد والفجور والمعارك والدماء في العالم العربي والاسلامي ، إلا نتاج حقيقي للصراع على السلطة والتسلط على الشعوب نتيجة للجهل واستغلال الشعوب بقوة السلاح او اموال الشعوب وثقافة التسلط ونرجسية الاناء في حين تمثل نظرية المؤامرة نسبة بسيطة من واقع الحال ، ولذلك أصبح حال العرب والمسلمين لايسر صديق ولاعدو واصبح حكامنا الملكيين واصحاب الجمهوريات الملكية ، رغم الاموال العظيمة والثروات المتنوعة التي تحت ايديهم والنياشين المختلفة والرتب العالية والجيوش الكبيرة  والاسلحة المدمرة ومحاكم التفتيش الجديدة والاستقواء بالخارج أضعف من خيوط العنكبوت وبلاحاضنة شعبية ومحل سخرية وشفقه الجميع.

والمشكلة اننا لم نقرأ التاريخ لنستفيد من العبر والدروس وفي المقدمة حكامنا ومشكلة امراءنا انهم لم يتحرروا من الثقافة السلبية للماضي ولم يبروا باليمين ولم يؤدوا الامانة ولم يحفظو عهداً ولم يصدقوا يوماً مع الله وانفسهم وشعوبهم حتى صاروا يجسدوا اية المنافق ، ولكنهم كانوا أكثر صدقاً مع القوى الخفية التي دفعت بهم اوجاءت بهم الى كراسي الحكم لاذلال الشعوب ونهب خيراتها وشعارهم انا او الطوفان من بعدي .. ورغم ذلك لاننكر ان فترات من تاريخنا المثخن بالجراح هيئ الله تعالى له الخليفة عمر بن عبدالعزيز  رضي الله عنه في عصر التابعين وبعض حكماء الامة في العصر الحديث من عبدالناصر وابراهيم الحمدي وعبدالرحمن سوار الذهب مع الفارق الكبير.

ولذلك فإن المشاهد المروعة في العراق والصور البشعة في سوريا والجرائم المرعبة في اليمن التي نراها على مدار الساعة في كل بقاع الارض ونداء الاستغاثة والعيون الدامعة والشعوب المفجوعة والقلوب المكسورة والدماء المسفوكة والدمار والحرائق والتهجير والتشريد  والاطلال والعبث بالطبيعة والانسان والحيوان ماهو إلا خروجاً على تعاليم الاديان السماوية والقوانين الانسانية وانعكاس للتلاعب بالعقل البشري والفطرة السليمة نتيجة لثقافة القتل والتفجير والتفخيخ المنظمة التي تبناها الكثير من الحكام العرب والمسلمين تحت اشراف المختبرات البريطانية والامريكية ،، وهاهي مفخخات الفكر الضال تصل الى لندن وباريس والمانيا وامريكا ومامنكم إلا واردها .

فهل يعي حكام وعلماء ومرجعيات ومثقفي الامة العربية والاسلامية الخطر القادم لهذا الفكر "الشاذ "والنطفة الخبيثة التي ستحول العالم الى جحيم وتقلب الطاولة على متعهدية ، وهل ان الاوان  الجلوس على طاولة واحدة  للتقريب بين وجهات النظر بمايخدم البشرية
ويؤلف قلوب الاخوة الاعداء ويفضي الى السلام .. وهل تصدق واشنطن والدول الاوربية وفي مقدمتها لندن في مكافحة الارهاب بدءأ من منبعه في السعودية ومروراً بالدول الحاضنة له؟  املنا كبير

Shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس