بقلم / أحمد عبدالله الشاوش
يواصل الرئيس السابق – رئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح الرقص على رؤوس الثعابين ، غير ان هذه المرة يدرك صالح ان الرقص أقرب الى الموت مع الثعابين المسمومة التي ترى في بقاء صالح نهايتها المأساوية ، والتمسك بورقة الحرب ضد العدوان نجاة مشروعها " الامامي" الكهنوتي المرفوض شعبياً لدى اليمنيين.

هذه المرة نعتقد  ان المنازلة مع الحوثيين فيها الكثير من الرعب والمشاهد الدرامية والصور المأساوية بعد ان بدأت ملامحها ورسائلها شاخصة للعيان بخطاب التخوين الناري للسيد عبدالملك الحوثي ، ودق طبول الحرب تحت فوهات وبنادق مواجهة التصعيد بالتصعيد ، واستعراض العضلات في الصباحة وساحة الرسول  الأعظم وهمدان وسنحان في محاولة لتحجيم الشريك ، وقمع حرية التعبير ومصادرة فرحة الاحتفال بذكرى تأسيس ميلاد المؤتمر الشعبي العام ، ورغم ذلك التصعيد والتحريض والشكوك سارع صالح الى تبديد المخاوف واحتواء  خواطر الثعابين  المسمومة التي لا تؤمن بشراكة او تحتكم الى العقل وقيم الديمقراطية وانما الى قوة السلاح.


طعنة لم يتوقعها صالح وصدمة لم يفق منها المؤتمريين حتى اللحظة وفرحة لم يتوقعها العدو والمرتزقة ، واتهام باطل ، وان وجدت بعض الشكوك هنا او هناك ، فهناك قنوات لبحثها بين شريكي السلطة ، بعيداً عن استعراض العضلات وتأجيج الشارع.


 ولذلك نستغرب لمصلحة من كل هذا التصعيد والترويع والاستعراض والتسلط وعدم الاتزان ؟، ولماذا لا توجه سهام النقد الحقيقي والمساءلة لمن يسعى بكل ما أوتي من قوة لضرب الشراكة وتصديع النسيج الاجتماعي وتمزيق الوحدة الوطنية وخدمة العدوان ، وبناء الفلل وشراء الأراضي وعم صرف رواتب موظفي الدولة وتحييد المناهج واطلاق المعتقلين السياسيين والصحفيين الذين لم يتورطوا مع العدوان؟.


كما ان استعراض  جماعة الحوثي بعشرات الاطقم المسلحة والملثمين  والتفحيط في ميدان السبعين عقب الاحتفال يأتي ضمن سياسة التصعيد ،  واستحداث النقاط بجوار منزل السفير أحمد علي عبدالله صالح والاحداث الدامية في جولة المصباحي واستفزاز واغتيال الشهيد خالد أحمد زيد الرضي  والتذمر والاستياء الشعبي  على مدار الساعة من بعض التصرفات اللامسوؤلية للحوثيين والمتحوثين  يفرض على الزعيم صالح اتخاذ موقف صارم ينطلق من مصلحة " الوطن اولاً واخيراً " ، أما شراكة حقيقية عناوينها الدستور والقانون ودولة المؤسسات أو الانسحاب بشرف وكرامة ، مع الاستمرار في مواجهة العدوان ورفد الجبهات والصمود .


 كما ان  ترويض " الحوثيين" في نظر السواد الأعظم من اليمنيين أصبح ضرورة بعد ان توغلت الجماعة وزاد فحيحها ولسعاتها وكشرت انيابها لغرز أسنانها في عظم المواطن الذي أصبح تحت خط الفقر  بعد ان باع كل ما يملك دون رحمة ، نتيجة للعدوان الخارجي وفساد الداخل ، ومحاولة بث سمومها في جسد علي عبدالله صالح إن لم نكن مخطئين في هذه الرؤية  للتخلص من آخر رجل حكيم وصمام أمان يملك من القدرة والخبرة والمرونة والمناورة ما يجنب اليمن من الاحتراب الداخلي والعدوان الخارجي.


فالوقائع والاحداث الأخيرة تؤكد أن الاحتقان بلاحدود وانفجار الشارع اليمني قاب قوسين أو أدنى  ، نتيجة للتسلط  والتصرفات الغير مسؤولة  الخارجة  عن الدستور والقانون ودولة المؤسسات  واستمرار عبث اللجنة الثورية ، والأفراط في القوة ، ونرجسية " الاناء" والزج بالمنتقدين والخصوم في المعتقلات والسجون دون محاكمة ، والتمرد على الشريك في السلطة من خلال تهميش الاخر.


كما ان صراحة علي عبدالله صالح في خطابه الأخير والأمين العام للمؤتمر الشعبي العام عارف الزوكا عن  مرتبات موظفي الدولة وعدم الرضاء بتبديل المناهج واستغلال الاعلام الرسمي في أبشع صورة وتوريد الإيرادات عبر البنك المركزي قد صعق جماعة انصار الله ، رغم أنها ترجمة حقيقية لمطالب الشعب اليمني بكافة أطيافه السياسية والفكرية والاجتماعية.


إلا انه من المؤسف والمحزن ان يتحول من يتحدث عن المظلومية الى ظالم ، وان يتحول الثائر الى منتقم ، يعصف  بالمؤسستين العسكرية والأمنية تحت تأثير صدمة الحروب الستة ، ومعاقبة الفئة " الصامتة" التي ضلت على الحياد بعيداً عن ألاعيب السياسة وتسلط الايدلوجيا الدينية لتُبشر بازمه " ثالثة" بعد أزمة 11يناير  2011م وثورة 21 سبتمبر 2014 م !!!؟ الذي يقال ان السفير الأمريكي هو من اجبر جميع  فرقاء السياسة على الحضور لتوقيع اتفاق السلم والشراكة برعاية اممية ، بعد ان شاركت جميع القوى في فتح الطريق للجماعة الصاعدة .


 ،ولذلك ان  لم يسارع السيد عبدالملك الحوثي وبعض الحكماء المتحررين من شعار الصرخة  الى مراجعة النفس والاعتراف بالخطايا وتقبل النقد ومعالجة الاختلالات والدعوة الى التصالح والتسامح والتعايش والانخراط في العملية السلمية بعيداً عن نغمة الاستقواء وأساليب الترهيب  ، فإن الشارع اليمني سينفجر في اول صدام أو مغامرة من قبل الحوثيين او شريكهم في السلطة صالح بعد ان أصبح تجار " الفتنة" جاهزين لإشعال اعواد الثقاب .


 فالمبالغة في القلق باحتفال  الذكرى الـ 35 لتأسيس المؤتمر الشعبي العام ، ودق طبول الحرب في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي ، وضيق الصدر من انتقاد وسائل الاعلام الأخرى والمفسبكين  ، وتنصيب الاف اللافتات واللوحات عن  شعار " الصرخة" وعناوين أخرى تنفق عليها الملايين من قوت الشعب لم نرى فيها موت أي امريكي او يهودي اوأي نصر للإسلام ، وانما اطلاقاً لأسرى امريكيين وبريطانيين وسعوديين بوساطة سلطنة عمان ودول أخرى!!؟ ، واستحداث النقاط ومحاولة استفزاز قيادات وكوادر المؤتمر الشعبي العام وانصارهم في ضواحي العاصمة لمنعهم من الوصول الى ميدان السبعين للتعبير عن فرحتهم واعتزازهم بذكرى التأسيس ومقاومة العدوان والمطالبة برفع الحصار والتدافع لرفد جبهات الصمود بالمقاتلين.


وأكثر ما يدعو للتعجب ووضع أكثر من علامة استفهام ذلك الخطاب المثير للجدل الذي القاه  السيد  عبدالملك الحوثي  عن بُعد بصورة أظهرت انفعاله الكبير ، وكال فيه العديد من التهم للرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام وقيادة وكوادر المؤتمر بالطعن في الظهر ، والتفاخر بـ التضحيات" والاف الشهداء والجرحى والمقابر المتعددة ضد العدوان ، بينما الحقائق تُكشف لنا ان آلاف الشهداء ليسوا مجرد " علامة " تجارية يمتلكها السيد او الزعيم او هادي أوغيرهم ولكنهم من المخزون البشري لكافة أبناء اليمن ، قبائلاً وبدواً وحضراً .


ورغم مخاوف السيد من  ذكرى تأسيس المؤتمر ومشاركة طوفان المؤتمريين ، حققت الفعالية نجاح منقطع النظير واستفتاء شعبي على مقارعة العدوان  ورفد الجبهات وتجسيد الوحدة الوطنية ، بينما يسهب الحوثيون في احتفالاتهم طوال العام ويسيطرون على المساجد والساحات دون أي رد فعل أو اعاقه من أي قوة سياسية.


لاننكر ان جماعة انصار الله " الحوثيين " قدموا الكثير من التضحيات والشهداء في ميادين الشرف والعزة والكرامة وانزلوا بالعدوان السعودي وحلفاؤة الهزيمة تلو الأخرى ، ولاننكر حالة الامن والاستقرار التي تنعم بها العاصمة صنعاء وبعض محافظات الجمهورية ، ولاننكر أيضاً الدور الإيجابي للجنة الثورية العلياء ، ولكن ذلك لم يتم لو لم يكن المؤتمر الشعبي العام شريكاً وكافة أبناء الشعب اليمني الشرفاء فاعلين في هذا الاتجاه.


وكم نتمنى أن يتأسى ويستحضر أخواننا في جماعة انصار الله قيم وعقلانية  وحكمة وشجاعة سيد المقاومة  الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي ألتزم بالدستور والقوانين اللبنانية وجسد مع كافة الطيف السياسي الاخر دولة المؤسسات  التي أرست دعائم الامن والاستقرار والتعايش السلمي.


وبعد التضحيات الكبيرة  وقوافل الشهداء والصمود النادر والنصر العظيم والهزيمة النكراء للتحالف السعودي - الامريكي ، لم يغفر الشعب اليمني لمكوناته السياسية التي سجلت مواقف مشرفه " بداية " ، ولكنها في الاخير تحترق وتتشظى تحت غريزة اللهث نحو تحقيق المصالح الشخصية والمشاريع المأزومة وتقديم خدمة للعدو بعد ان دفع مليارات الدولارات وجند مرتزقة العالم وعقد صفقات الدمار لقتل اليمنيين وتدمير وتفكيك وتجزئة اليمن ، كما نقدر دور مجلس النواب والمجلس السياسي الأعلى في احتواء الازمة واسقاط الرهان على المتربصين.


ومازلت  انا وغيري مستغرباً حتى اللحظة من سياسة التصعيد بالتصعيد والتجييش ضد العدو والاستعراض بالشاصات والمعدلات والأسلحة والمسلحين في الصباحة وهمدان وسنحان في عز الشمس وامام اعين العدو واقماره الصناعية بحضور محمد علي الحوثي وابوعلي الحاكم ، في حين يستهدف العدوان منازل المدنيين في منطقة فج عطان وأرحب !!؟


فهل آن الأوان لمراجعة النفس ووخز الضمير وتحكيم العقل وقراءة الواقع وتهدئة الخواطر وعدم النفخ في النار وترك ثقافة التسلط واحترام الشراكة والعمل بالدستور والقانون وتفعيل دولة المؤسسات  والمضي نحو قيم التسامح والتصالح والتعايش مهما كانت الجراح ، مالم فالمؤامرة كبيرة والرقص على رؤوس الثعابين سيكون الجولة الأخيرة والدامية لجميع الأطراف دون استثناء .. اللهم احفظ اليمن وشعبه.


shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس