بقلم / محمود كامل الكومى

مؤامرة القرن العشرين بكل التأكيد قمة التآمر فيها من عملاء الصهيونية والأمبريالية,تلك حرب الأيام الست فى حزيران (يونيو) 1967 , وقد حِيكت خيوطها منذ 1964 متخذة أسم ( عملية الديك الرومى)بقصد أصطياد الزعيم جمال عبد الناصر والقضاء على فكره الوحدوى وتفعيله الوحدة العربية من اجل احياء القومية العربية –فى المهد- ,ويبقى الأهم أن تحقق اسرائيل أستراتيجيتها وحلمها التلمودى من النيل للفرات .

كانت حرب اليمن طريق لعبد الناصر لسببين (الأول)تأمين باب المندب والتحكم فيه كطريق وحيد لقناة السويس والتحكم فى مضايق تيران ضد اطماع اسرائيل فى البحر الأحمر, ومراقبة أثيوبيا عن قرب ان هى هددت جريان النيل الى مصر و(الثانى)الألتزام بمساعدة حركات التحرر وبالتالى مد يد العون لثورة اليمن وقيام جمهوريتها بالقضاء على نظام الأمامة الموالى للاستعمار والرجعية السعودية بما يؤدى الى زعزعة كيان الأستعمار البريطانى فى جنوب الجزيرة العربية .

لحظتها طير فيصل ملك السعودية رسالته الى الرئيس الأمريكى جونسون , طالبا ايه ان يسرع الخطى لتنفيذ عملية الديك الرومى ملتمسا حَث أسرائيل على شن حرب يونيو 1967 .

كانت العمالة حتى النخاع , جسدها المشير عامر وشمس بدران ( ولابد من فتح ملف خاينتهما)على جبهة سيناء ,وعلى الجانب السورى كانت أنكى وأشد أدت الى احتلال الجولان وقمة جبل الشيخ الصعبة بمكان بكل سهولة ويسر,وهى التى كانت تهدد كيان دولة أسرائيل على الدوام , وكان هناك العملاء الذين اجهضوا دولة الوحده بالتعامل مع أسرة آل سعود
- وفى الأردن كانت الأسره الهاشمية وتاريخ طويل مع الأستعمار واسرائيل منذ النكبة 1948- وكان السادات ينتظر كمال أدهم رجل المخابرات السعودى لأمريكا فى الشرق الأوسط .

تجاوز عبد الناصرالنكسة حتى صارت القوات على أهبة الأستعداد لتحرير الأرض.

غداة حرب أكتوبر , تخلى السادات عن سوريا , وخالف مايرمى اليه القادة العسكرين الشرفاء,وأنفرد بصلح مع أسرائيل ,وأعاد سيناء مقيدة , تحت بصر الطيران الصهيونى والقوات الدولية , وأجهض تحرير الجولان التى حررت فى بداية حرب 1973 , لكن بخروج السادات من الحرب ومساهمته فى صنع ثغرة الدفرسوار ,عاد العدو وأحتل الجولان .

فُرِضت على سوريا كل صنوف الترغيب التى تجعل الجولان خاضعة لرقابة أسرائيل تتحكم فى مداخلها ومخارجها فى مقابل عبور هادىء لسكانها السوريين ذهابا ومجيىء وعقد كامب ديفيد جديده – لذا كانت الحرب الكونية عليها التى مولها حكام الخليج المتعاملين مع الأمريكان والذين يمهدون لسلام مع الكيان الصهيونى ,وكذ اردوجان مندوب حلف الناتو , وصار طيران التحالف يستبيح سماء سورية بحجة مقاومة الأرهاب الذى صنعوه .

أنهُكت سورية فى حرب ضروس ,وصار جيشها يواجه جبهات متعددة ,وأستشهد منه الآلاف , ودمرت البنية التحتية لسورية , ورغم المقاومة السورية الضارية التى قضت على المؤامرة ,اِلا أن الهدف ظل فى افق المتآمرين ضم الجولان الى الكيان الصهيونى ,فى ظل سيناء مقيدة ومصر فى سلام مع اسرائيل
وحكام الخليج يهرولون الى التطبيع ويدفعون مئات المليارات لأمريكا من أجل أن تسرع الخطى لتنفيذ المؤامرة

ولذا كانت الفرصة مواتية لأن تعلن اسرائيل ضمها , وتبع ذلك أعلان ترامب عن قرب توقيع صك ضم الجولان والأعتراف بسيادة الكيان الأسرائيلى عليها , فى أجواء تقاوم فيها السعودية وقطر والحكومة المصرية عودة سوريا الى الجامعة العربية , فى تماهى صريح مع مقتضيات ترامب وأعلانه ضم الجولان للكيان الصهيونى وممارسة أمريكا ضغوطا على حكومات عربية للامتناع عن إعادة العلاقات مع سوريا بما فيها الإمارات التي تحركت للتقارب مع دمشق للتصدي لنفوذ إيران كما أدعت .

خلقت الجامعة العربية , وبعض الحكام العرب الأجواء لأعتراف ترامب (الباطل) بضم الجولان للكيان الصهيونى .
لماذ الجولان بعد الضفة الغربية , ولم تكن سيناء؟

فى جميع الأحوال لم ولن يحل طلاسم الصراع العربى الأسرائيلى اِلا الجهاد والنضال ضد غاصب جاء ليقضى على كيان الأمة العربية وعلى أنقاضها يبنى دولته العنصرية الصهيونية الكبرى ,لكن للمخطط ابجديات وزمان ومكان .

فكل عاقل ووطنى وقومى عربى يدرك أنه لايمكن ان يكون هناك سلاما بين طرفين أحدهما يقدم التاريخ والجغرافيا والقانون سنداً لحقه ( العرب) والآخر يؤسس دعواه( اسرائيل) على مجمع آله , اله نووى واله أمريكى وأله دينى ( حسب تعبير الاستاذ هيكل ), والدليل على ذلك أن ماقتل من الشعب العربى منذ أتفاقية كامب ديفيد وخلال ماسمى بمبادرات السلام الى الآن أضعاف من استشهدوا من العرب فى كل الحروب مع اسرائيل - فأن كانت سيناء قد عادت مقيده بخطوط ثلاث ومراقبة دوليه اسرائيلية ,فلأنها كانت مكلفة للعدو الصهيونى وهى صحراء مكشوفة , يسهل التصدى فيها لأى قوات تحاول ان تصل الى حدود فلسطين المحتله , عكس الجولان وهى المرتفعات العالية التى تشرف على اراضى فلسطين المحتلة من اعلى قمة و التى كانت تهدد قلب أسرائيل وبالتالى فان التفريط فيها بعد احتلالها يعنى تهديد أمن أسرائيل للابد , لذلك يثور التساؤل وكيف أحتلت الجولان وهى العصية على أى أحتلال أسرائيلى لصعوبة التضاريس وعلو المكان ؟!!
روجت معلومات ان اسرائيل تحشد الحشود لغزو سورية و لم تنف سوريا , مما جعل الرئيس عبد الناصريسارع الى حشد قواته لمساندة سوريا

اندلعت حرب 1967 وفي الأيام الأربعة الأولى من الحرب تم تبادل إطلاق النار بين الجيشين السوري والإسرائيلي دون هجمات برية ما عدا محاولة فاشلة، قامت بها قوة دبابات سورية، للدخول في كيبوتس دان.
أما في 9 يونيو 1967، بعد نهاية المعارك في الجبهتين المصرية والأردنية، غزا الجيش الإسرائيلي الجولان واحتل 1260 كم2 من مساحة الهضبة, وقتها تم الأعلان من جانب مسئول سورى عن أحتلال مدينة القنيطرة قبل أن تحتل, فغادرتها القوات السورية قبل ان تصل قوات الغزو ( كيف وماهو دور العملاء سواء كانوامسئولين سوريين وقادة فى الجيش أم مسئولين سعوديين وكمال أدهم ومن يحكم فى السعودية أو عبد الحكيم عامر أو السادات نفسه الذى كان فى موسكو وقال أن السوفيت أبلغوه بالحشود الصهيونية على الحدود السورية وقد كُشِفَ عن مبالغتها ضمن خطة الديك الرومى لأصطياد عبد الناصر ؟), ولماذ لم تنفذ القيادة السورية طلب الفريق عبد المنعم رياض (قائد القوات الأردنية- المصرى- أنذاك)صبيحة يوم 5 يونيو مهاجمة الطيران الصهيونى العائد بعد غاراته على مصر او المطارات الصهيونية؟

أسئلة قى خضم المؤامرة , لابد أن تطرح , فالجولان ماكنت تحتل لو صار التصدى بأى شكل كان , والجولان لن تعود اِلا بالمقاومة والرغبة فى الأنتصار ,فتحريرها من سوريا أو لبنان أسهل عشرات المرات من أحتلالها من فلسطين المحتله بقوات الصهاينة الأشرار, يدلل على ذلك أن تحريرها كان قاب قوسين أو ادنى خلال الايام الأولى لحرب تشرين (أكتوبر)من الأراضى السورية , لولا أن اوقف السادات القتال ع الجبهة المصرية ,ولم يطور الهجوم الى الممرات , وهنا تشتعل المؤامرة والخيانة لتؤكد أن الجولان أحتلت كى لاتعود , بعدها سيعاد أمر سيناء من جديد , وهو ما تتحدث عنه صفقة القرن الآن , من اجل عيون اسرائيل الكبرى من النيل للفرات كهدف تفعل له الآن فى العراق ومصر , حتى تنظلق الى هدفها الأستراتيجى ,لأحتواء العالم العربى من المحيط للخليج .

صنع ترامب الأجواء للأعتراف بالقدس عاصمة للصهاينة , وهاهو مع السعودية بالذات يضع اللمسات الأخيرة للأعتراف رسميا بضم الجولان الى أراضى فلسطين التى تحتلها أسرائيل , وسط أجواء صنعها فحان الوقت والآوان , وقد بدأ العملاء من الكُتاب ومافيا الأعلام من العُربان والكل ممول بالدولار , يروِجون لترامب وقرارة , الذى ينتهك الشرعية الدولية والقانون الدولى .

فى جميع الأحوال لايملك ترامب ولا أمريكا ولا أى من كان أن يفرض هرائة وجنونه على الغير , ذلك أن الجولان أرض عربية سورية أحتلتها أسرائيل , وفى شرعة القانون الدولى أسرائيل محتله ومن يؤيد الأحتلال هو معادى لكل قيم الأنسانية ومنتهك للحقوق والشرعة الدولية , وسواء أعلن ترامب أو لم يعلن عن مصير الجولان فكلامة وقرارته فرقعة أعلام , وعلى العملاء العرب أن يتوارو الآن , واِلا فالشعب العربى قادر على ضربهم بالأحذية والتخلص من جثثهم العفنة فى أقذر مزابل التاريخ , وعلى الشعب ايضا ,ان يطالب بفضح رموز المؤامرة التى كانت وراء تسليم الجولان فى 1967 , وترك الجيش السورى وحيدا فى حرب تشرين يواجه عدوانا شرسا أمريكيا صهيونيا ليعاد احتلالها من جديد بعد ان كان قاب قوسين أو أدنى من تحريرها بالكامل .

الجولان ستتحرر ولكن اتركوا للمقاومة أن تعمل ولاتتأمروا عليها , وخلصوا سوريا وجيشها من التآمر الكونى , وأِن فاقت سوريا من كبوتها الآن فاعلموا أن الجيش السورى وقد تمرس على أعتى أنواع القتال طلية ثمانى سنوات شرسه , لقادر على أن يغسل العار ويحرر الجولان , فتحريرها من سوريا , أسهل من أحتلالها مرات ومرات , لكن يبقى للشعب العربى أن يقف بالمرصاد للعملاء فى كل مكان ويحرر ذاته من التبعية للحكام , وليبقى قرار ترامب حبر على ورق فهو المرابى والسكيروالكمبارس والممثل الفاشل فى كل مكان .
*كاتب ومحامى - مصرى

حول الموقع

سام برس